- للزوج أن يسافر بزوجته من جهة إلى أخرى إذا كان مأمونا عليها وكانت الجهة التي يسافر إليها مأمونة على تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : اختلفت الفتوى في مسألة سفر الزوج بزوجته فأفتى بعضهم بأنه ليس له السفر بها مطلقا وعلل ذلك بمظنة الضرر الذي يلحق المرأة حال غربتها وبعدها عن أهلها وعشيرتها وأفتى بعضهم بجواز السفر بها إذا كان مأمونا عليها . وصاحب هذه الفتوى أيدها بكونها ظاهرة الرواية .
وبعضهم قال : أن الأحوال قد تختلف اختلافا بينا فتارة يترتب على السفر بالمرأة إيذاء لها وتارة يكون السفر مع زوجها لازما لضروريات الحياة كما إذا كان موظفا في جهة بعيدة عن وطنها . أو كان له ملك بعيد لا يثمر إلا بمباشرته . أو نحو ذلك فإنها إذا لم تسافر معه يتضرر هو لا هي ولهذا ينبغي أن يترك تقدير ذلك للمفتي فهو يفتي بحسب تطور الأحوال ومناسبتها .
وإنني أرى الخلاف في ذلك لفظا لأن الذي قال : ليس له السفر بها علله بالمضرة التي تلحقها والذي قال : إنه يجوز السفر بها شرطه بأن يكون الرجل مأمونا عليها يعرف حقوق الزوجية وواجباتها والدفاع عن عرضه وليس شريرا . ولا فاسد الأخلاق . ولا فاسقا وإلا لم يكن مأمونا عليها ومتى كان كذلك فأي ضرر يلحقها ؟ فلا فرق حينئذ بين القولين ومن قال : إن الأمر موكول للمفتي . أو القاضي فإنه رأى أن تقدير الحالتين منوط به فإن وجده غير مأمون ويلحقها ضرر لا يجوز أن يفتي له بالسفر وإلا جاز على أن وجود المرأة بين أهلها وعشيرتها لا يصلح مقياسا عاما لأننا إذا فرضنا أن المرأة ليس لها أهل وعشيرة في بلدها التي ولدت بها ولها أهل وعشيرة في بلد بعيدة عنها كما إذا كانت مولد في مصر وتوفي أبوها ولها عشيرة في أصوان فهل يقال : إنه ينبغي أن يعاشرها بين أهلها وعشيرتها في أصوان ؟ وذلك كثير نعم قد قال : إذا كانت في مصر ونقلت إلى قرية فإنها تتضرر بالنقل لما يترتب على ذلك من اختلاف معيشتها فتعيش منغصة زمنا طويلا لأن الانتقال من المظاهر الجميلة إلى غيرها يشبه أن يكون حبسا فلذا قالوا : إنه لا ينقلها من المصر إلى قرية إلا إذا كانت ضاحية من ضواحي المصر ومعنى هذا أنه إذا نقلها إلى بلدة بها حضارة كالمراكز المديريات فلا وجه للاعتراض على أن الصواب الإفتاء بالسفر مطلقا من المصر إلى القرية وبالعكس ما دام في ذلك مصلحة وما الزوج مأمونا عليها والجهة المنقولة إليها مستتب فيها الأمن أما إذا كان الزوج فاسقا لا يؤمن على عرضه . أو كان شريرا يؤذيها بيده ولسانه . أو يضيق عليها في الإنفاق أو نحو ذلك فإنه لا يصح أن يفتى له بسفرها وليس من المصلحة اتباع الهوى والشهوة وترك المصلحة الحقيقية التي يترتب عليها سعادة الزوجين والذرية .
المالكية - قالوا : للزوج أن يسافر بزوجته إلى الجهة التي يريد سواء دخل بها أو لم يدخل ولكن إذا لم يكن قد أعطى لها صداقها وأراد أن يخرج بها قبل الدخول فلها منع نفسها من السفر معه حتى يعطيها ما حل من صداقها إن كان قد دخل بها فإن كان موسرا فلها أيضا منع نفسها حتى يدفع لها معجل صداقها أما إن كان معدما لا يملك الصداق لها أن تمنع نفسها ويكون الصداق دينا عليه هذا إذا دخل بها تمكنه من الوطء أما إذا مكنته من الوطء فليس لها أن تمنع نفسها من السفر معه بعد ذلك سواء وطئها بالفعل أولا . وسواء كان موسرا أو معسرا . وهذا هو الظاهر .
وقد صرحوا بأن التمكين من الوطء مثل الوطء ثم إنما يصح أن يسافر بها إلى بلد أخرى بشروط : أحدهما أن يكون حرا فلا يمكن العبد من السفر بامرأته ولو أمة . ثانيها : أن تكون الطريق مأمونة . ثالثا : أن يكون الرجل مأمونا عليها رابعها : أن تكون البلد قريبة بحيث لا ينقطع خبر أهلها عنها ولا خبرها عن أهلها لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج موسرا أو معسرا .
الحنابلة - قالوا : للزوج السفر بزوجته الحرة إلى الجهة التي يريد بشرط أن يكون مأمونا عليها . وأن تكون الجهة التي يسافر إليها غير مخوفة لم تشترط الزوجة عدم السفر بها فإن اشترطت فإنه يوفي لها بالشرط . وإن لم يوف لها الشرط كان لها الفسخ .
الشافعية - قالوا : للزوج أن يسافر بزوجته متى كان مأمونا عليها وإذا امتنعت عن السفر معه كانت ناشزا لا تستحق نفقة ولا غيرها إلا إذا كانت معذورة لمرض أو حر أو برد لا يطيق معهما السفر أو ضرر يلحقها بالسفر معه ولو كان سفره معصية . لأنه لم يدعها إلى المعصية وإنما يدعوها لاستيفاء حقه )