- الأوصاف التي يعتبر بها مهر المثل فيها تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : مهر المثل حكم كل عقد صحيح لم يسم فيه مهرا أصلا أو سمي فيه ما هو مجهول أو لا يحل شرعا وحكم كل نكاح فاسد بعد الوطء سواء سمي فيه مهرا أولا ولكن إذا سمي فيه مهر ينبغي أن يكون مهر المثل غير زائد على المسمى وإن كان لها المسمى .
وأما المواضع التي يجب فيها مهر المثل بالوطء بشبهة فالمراد بمهر المثل فيها العقر المبين في وطء الشبهة وقد تقدم تفصيل ذلك في مباحثه وإنما ذكرناه هنا كمحصل لما مضى .
أما الأوصاف التي يعتبر بها مهر المثل فهي أن الزوجة تقاس بمثلها من قبيلة أبيها لا أمها إن لم تكن الأم من قبيلة الأب كبنت عمه فينظر لأخواتها أولا فإن لم توجد لها أخوات فينظر إلى عماتها فإن لم يكن لها أخوات ولا عمات ينظر إلى بنت أختها الشقيقة فإن لم تكن فبنت عمها فإن لم يوجد من قبيلة أبيها فتقاس بمثلها من قبيلة تماثل قبيلة أبيها فإن لم يوجد فالقول للزوج بيمينه وهل هذا الترتيب لازم بحيث لا يصح النظر إلى بنت عمها مثلا مع وجود أختها ولا يصح النظر إلى الأجنبية مع وجود بنت من قوم أبيها أو الترتيب غير لازم فيصح ذلك ؟ خلاف والظاهر من كلامهم أنه لا يعتبر ثم إن الأوصاف التي تعتبر فيها المماثلة : الجمال . والمال . والمكان لأن البلدان تختلف عاداتها في تقدير المهور فلو كانت من قبيلة أبيها امرأة بمصر وهي في الأرياف وكانت عادة الأرياف كثرة المهور فلا يعتبر بمهر سكان مصر . أو العكس وكذا السن فإن الشابة يرغب فيها أكثر من المتقدمة في السن فسن عشرين مرغوب فيها أكثر من سن أربعين أو ثلاثين مثلا وكذا العقل والدين والعفة والعلم والأدب وكمال الخلق والبكارة والثيوبة وعدم الولد والزمان فالمقارنة بين اثنتين يشترط فيها المساواة في كل هذه الأوصاف فلو كانت إحداهما فقيرة وكذا إذا كانت جميلة والأخرى دونها أو كانت متعلمة والأخرى جاهلة أو كانت ثيبا والأخرى بكرا وهكذا ويشترط في ثبوت مهر المثل أن يخبر به رجلان عدلان أو رجل وامرأتان كذلك وأن يكون بلفظ الشهادة أمام القاضي فغن لم يوجد شهود عدول فالقول للزوج لأنه منكر للزيادة التي تدعيها المرأة بحسب ما يراه القاضي باجتهاده .
بقي هنا مسألة وهي أننا قلنا : إن الظاهر عدم الترتيب بين مثيلاتها فلو ساوت اثنتين في الصفات كأختها وبنت عمها مثلا وكان مهر الاثنتين مختلفا فبأي المهرين يؤخذ ؟ والجواب أنه يؤخذ بمهر الأقل احتياطا وبعضهم يرى التفويض في مثل هذا لرأي القاضي النزيه .
المالكية - قالوا : مهر المثل هو عبارة عن قدر من المال الذي يرغب به مثل الزوج في الزوجة باعتبار ما هي متصفة به من الصفات الحسنة من محافظة على أركان الدين والعفة والصيانة والجمال الحسي والمعنوي وهو جمال الخلق والحسب وهو ما يعد من مفاخر الآباء كالكرم والمروءة والعلم والصلاح والمال والبلد .
ولا شك أن الرغبة تتفاوت بوجود هذه الصفات أو بعضها في المرأة فمن كانت متصفة بصفتين منها كان مرغوبا فيها أكثر من المتصفة بصفة واحدة وهكذا فالمصرية الجميلة مرغوب فيها أكثر من غيرها فمهرها أكثر والمصرية العفيفة الجميلة مرغوب فيها أكثر من المتهتكة الجميلة وهكذا .
وإنما تعتبر هذه الأوصاف إذا لم يكن لها مماثل في الأوصاف المذكورة من قبيلتها كأختها وعمتها إذا كانت أخت أبيها لأبيه لا لأمه فإن كان لها مماثل في أوصافها المذكورة من قبيلة أبيها اعتبر صداق المثل بالنسبة لمماثلها فإذا كان صداق أختها الشقيقة أو أختها لأب المساوية لها في أوصاف الكمال المذكورة مائة قدر لها صداق أختها - وهو المائة - ثم إن كان العقد صحيحا فتعتبر هذه الأوصاف من يوم العقد ولو كان تفويضا أما في النكاح الفاسد وفي الوطء بشبهة فتعتبر يوم الوطء .
الشافعية - قالوا : يعتبر مهر المثل أولا بالقياس إلى أقاربها اللاتي لو فرضت إحداهن ذكرا كان عصبة لها فإن لم يكن فيهن من يماثله ينظر إلى من بعدهن وتقدم أولا الأخت الشقيقة ثم لأب ثم بنات أخ ثم بنات ابنه ثم بنات أعمام فإذا تعذر اعتبار مهر المثل بواحدة منهن لعدم وجودهن . أو جهل مهرهن . أو لأنهن لم يتزوجن يعتبر بنساء الأرحام والمراد بهن هنا الأم وقراباتها من جهة الأب أو الأم فلا يشمل بنات العمات . والأخوات . ونحوهما فإنهن من الأجنبيات وتقدم الأم ثم أخت الأم ثم الجدات ثم الخالات ثم بنات الأخوال ثم بعد تعذر الاعتبار بهن يعتبر بنساء بلدها ومن يماثلها في الجمال والقبح مما يحصل به فوت الرغبة كفصاحة أو سن أو بكارة فإن كانت مختصة بصفة لا توجد في أقاربها فرض لها المهر اللائق بحالها .
هذا وتعتبر مسامحة أقربها لنقص صفة من صفات الرغبة فلو كان لها ثلاثة أعمام أحدهم عالم فزوج بنته بمائة . والجاهلان زوجا بنتيهما بسبعين لأن العالم مثلا مرغوب في بنته فيعتبر مهر مثلها بالقياس إلى بنت عمها الجاهل أما إذا كانت المسامحة لصفة كمال في الزوج كما إذا زوجت أخنها لعالم بمائة . وزوجت أختها الأخرى لجاهل بمائتين فإنه يعتبر مثلها على هذه القاعدة بحيث لو كان زوجها عالما كان مهرها مائة وإلا كان مائتين .
_________ .
الحنابلة - قالوا : مهر المثل يفرضه الحاكم بالقياس إلى نساء قرابتها كأم وخالة وعمة وأخت فيعتبره الحاكم بمن تساويها منهن في مال وجمال وعقل وأدب وسن وبكارة أو ثيوبة ويراعى في ذلك من كانت إليها أقرب بالترتيب فإذا ساوتها أمها قيست بها وإلا فأختها وإلا فعمتها وإلا فخالتها فإن لم يكن لها أقارب قيست بمن يشابهها من نساء بلدها .
وقد عرفت أن مهر المثل يفرض عند عدم تسمية مهر في العقد الصحيح . أو تسمية ما لا تصح تسميته وبالوطء في العقد الفاسد . أو الوطء لشبهة ويفرض لمن أكرهت على الزنا ولمن فوضت لوليها أن يزوجها بلا مهر )