- الصداق في اللغة له أسماء كثيرة : منها المهر يقال : مهرت المرأة إذا أعطيتها المهر ولا يقال : أمهرتها بمعنى أعطيتها المهر وإنما يقال : أمهرها إذا زوجها من غيره على مهر . ومنها : الصداق بفتح الصاد . وكسرها مع فتح الدال . وهو اسم مصدر لأصدقت الرباعي . يقال : أصدقت المرأة إصداقا . إذا سميت لها الصداق . فالمصدر الأصداق . واسم المصدر الصداق .
وفي الصداق لغات . فيقال فيه : صدقة . بفتح الصاد وضم الدال . وصدقة وصدقة . بسكون الدال فيهما مع فتح الصاد وضمها وهو في الأصل مأخوذ من الصدق . لأن فيه إشعارا برغبة الزوج في الزواج ببذل المال . ومن هنا يمكن أن يقال : إن معنى الصاد في اللغة دفع المال المشعر بالرغبة في عقد الزواج . فيكون المعنى اللغوي مقصورا على ما وجب بالعقد . فيكون أخص من المعنى الشرعي . لأن المعنى الشرعي يتناول ما دفع للمرأة بوطء الشبهة وغيره . مما ستعرفه . وهذا على خلاف الغالب . فإن الغالب أن يكون المعنى الشرعي أخص من اللغوي .
أما معناه اصطلاحا . فهو اسم للمال الذي يجب للمرأة في عقد النكاح في مقابلة الاستمتاع بها . وفي الوطء بشبهة . أو نكاح فاسد أو نحو ذلك ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( أدخل الشافعية في المهر ما وجب للرجل الذي يفوت عليه بضع امرأته . كما إذا تزوج صغيرة فأرضعتها أمه مثلا فإنها تحرم عليه . ويتقرر للصغيرة مهر المثل وللزوج نصف مهر المثل . ومثله السيد الذي أذن أمته أن تختلع من زوجها بدون أن يعين لها قدرا تختلع عليه ففعلت . فإنه يتقرر للسيد عند جاريته مهر مثلها يأخذه من كسبها إن كان لها كسب وإلا فيصبح دينا في ذمتها يأخذه منها بعد العتق واليسار وذلك لأن المال الذي اختلعت عليه ملك لسيدها فإذا أطلق لها الإذن واختلعت بأكثر من مهر المثل طولبن بالزيادة بعد العتق واليسار أيضا وكذلك إذا شهد شاهدان على رجل بأنه طلق امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا وانقضت العدة حتى بانت وفرق القاضي بينهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنه يجب عليهما للزوج مهر المثل لأنهما بشهادتهما الكاذبة فوتا عليه استحقاقه في البضع ظاهرا بحكم القاضي ففي هذه الصورة يجب للزوج مهر المثل سواء كانت الشهادة قبل الدخول . أو بعده بخلاف تفويتها عليه في صورة الرضاع فليس له فيها إلا نصف مهر المثل يرجع به على المرضعة وذلك لأن فرقة الرضاع حقيقة ظاهرا وباطنا فهو لم يدخل بها حتما فله النصف . أما الفرقة في صورة الشهادة الكاذبة . فإنها في الظاهر فقط . إذ له أن يطأ امرأته متى كان متأكدا من كذب الشهود . فكأنه دخل بها فله كل مهر المثل .
فإن قلت : إن مقتضى ذلك أن لا يثبت له شيء في هذه الصورة لأنه لم يضع عليه حقه في البضع باطنا . قلت : إن حكم القاضي جعل للمرأة الحق في الانفصال منه والتزوج بغيره . ولها الحق في ألا تمكنه فلا يستطيع أن يعاشرها معاشرة كاملة . فلذا كان له الحق في كل مهر المثل تعويضا . اعتبارا بأنه دخل بها . ولو كانت الفرقة قبل الدخول .
ومن أجل ذلك عرف الشافعية المهر بأنه ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهرا عن الزوج أو خلع أو شهادة .
فما وجب للرجل على الرجل . أو على المرأة يسمى مهرا عندهم أما غيرهم فقد خص المهر بما يعطى للمرأة في مقابلة الاستمتاع بها بالقوة أو الفعل فيشمل ما وجب بمجرد العقد الصحيح . وما وجب بالوطء سواء كان بعقد فاسد أو شبهة أو إكراه )