- الوصية بالحج والقرآة على القبور وغيرهما والوصية بالبهاليل ( العتاقة ) ونحوها والوصية بما اعتاد الناس عمله في المآتم من أكل وشرب وغيرهما والوصية بالدفن في مكان خاص وبناء القبر ذلك اختلاف المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : الوصية بقراءة القرآن على القبور أو المنازل باطلة فإذا أوصى بجزء من ماله للقراءة على قبره لا تنفذ وصيته وإذا عين بوصيته شخصا مخصوصا كأن قال : أوصيت لمحمد بكذا من مالي ليقرأ به القرآن على قبري : إن الوصية تصح على أن يأخذ مال الموصى به بطريق البر والصلة لا بطريق الأجرة على القراءة وقيل : تبطل على أي حال وهذا مبني على كراهة أخذ الأجرة على الطاعات وبعضهم يجيزها فيجيز الوصية بها .
ومثل ذلك الوصية بالبهاليل ( للعتاقة ) ونحوها مما اعتاده كثير من الناس فإن الوصية به باطلة فإذا عين شخصا مخصوصا جرى فيها الخلاف المتقدم .
أما الوصية بالعبادات فإنها مستحبة كما عرفت فيستحب لمن عليه حج أن يوصي به وبعضهم يرى وجوب ذلك فإذا أوصى بأن عنه حجة الفريضة فإذا كانت يكفي للإنفاق على رجل يسافر من بلده راكبا وجب عنه من بلده يبدأ السفر منها .
أما إذا كان المال لا يكفي فينفق على من يحج عنه من الجهة التي يكفي منها المال مثلا أوصى رجل من أسوان أن يحج عنه فإن كان المبلغ الذي أوصى به يكفي للسفر من أسوان وجب أن يكون الحج مبدئا منها فإن كان المبلغ يكفي لأن يحج عنه من السويس وعلى هذا القياس ولا يصح أن يحج عنه ماشيا ولو كان المبلغ للحج عنه ماشيا لأن الحج لا يجب إلا على من له قدرة على الركوب فيثبت في حق الغائب على هذا الوجه .
وإذا مات حاج في طريقه وأوصى بأن يحج عنه فهل يبدأ عنه من المكان الذي مات فيه أو من بلده ؟ خلاف فقيل عنه من بلده شخص راكيا لاماشيا وهو المعتمد . وقيل يحج من المكان الذي فيه فإن لم يكف المبلغ من بلده يحج عنه من المكان الذي يكفي فيه المبلغ .
وإذا أوصى بأن يحمل من الموضع الذي مات به إلى موضع آخر ليدفن فيه كأن أوصى بأن ينقل من جهة كذا إلى جهة كذا فإن الوصية تكون باطلة . وإذا نقله الوصي وأنفق عليه ملزما بما أنفقه من ماله لا من التركة إلا إذا أجازه الورثة .
وإذا أوصى بأن يفرش تحته في قبرره مرتبة ونحوها فقيل : تصح لأن ذلك يشبه الزيادة في الكفن فلا بأس به وقيل لأنه ضياع مال من غير جدوى .
وإذا اوصى بعمارة قبره على وجه الزخرف والزينة والبناء المعروف في زماننا فالوصية به باطلة أما إذا كان متهدما محتاجا للعمارة فالوصية به صحيحة .
وإذا أوصى بأن تبنى على قبره قبة ونحوها كانت الوصية باطلة لأن هذا ممنوع باتفاق .
أما إذا أوصى بأن يطلى قبره بالين ( والجس ) ونحوهما ففيه خلاف . فبعضهم يقول : إن كان لحاجة كتقوية بناء القبر كي لا تسطو عليه الوحوش أو الإخفاء الرائحة أو نحو ذلك فإنه يجوز بلا خلاف وإذا فلا .
وإذا أوصى بأن يدفن في داره فالوصية باطلة إلا أن يجعل داره مقبرة للمسلمين فتصح الوصية .
وإذا أوصى بمبلغ كبير يشترى كفنه فإنه لا يعمل به ويكفل بطفن المثل بأن ينظر إلى ثيابه حال حياته لخرروج الجمعة أو العيدين أو الوليمة ويشترى له كفن من نوعها .
وإذا اوصى بثلث ماله في اتخاذ مقابر لفقراء المسلمين أو في أكفانهم فإنها تصح بخلاف ما إذا لم يذكر الفقراء بل قال : في مقابر المسلمين فإن الوصية لا تصح .
وإذا أوصى باتخاذ طعام في المآنم فإنه يصح بشرط أن يأكل منه المسافرون والبعيدون عن جهة المتوفى . أما الذي مسافته قريبة ومدة .
إقامته فإنه لا يجوز له الأكل منه ولا بأس بحمل الطعام إلى أهل الميت في أول يوم لاشتغالهم بالمصيبة أما اليوم الثالث فإنه يكوه لأن أهل الميت لا يشغلون بعد ذلك إلا بالنياحة بحمل الطعام إعانة على المعصية .
وإذا اوصى بمصاحف توقف في المسجد يقرأ فإن الوصية باطلة عند الإمام وصحيحة عند محمد . وكذا إذا أوصى بان يجعل أرضه هذه مقبرة للمسلمين فإن الوصية تكون باطلة عند أبي حنفية أما إذا اوصى بان يجعل أرضه هذه مسجدا فالوصية صحيحة باتفاق .
وإذا أوصى بأن ينفق ثلث ماله على المسجد فإنه يجوز ويصرف على عمارته والأدوات الازمة له وإنارته ونحو ذلك . وإذا أوصى بثلث ماله لبيت المقدس جاز وتنفق على عمارته وما يلزم لإقامة شعائره .
المالكية - قالوا : الوصية لمن يقرأ على قبره تنفذ كالوصية بالحج عنه سواء عين الشخص الموصى له أو لم يعين . أما الوصية لمن يصلي عنه أو يصرم عنه فإنها باطلة ومثل ذلك ما إذا أوصى بما فيه ضياع للأموال بدون جدوى كالوصية بقنديل من فضة يعلقه على قبر ولي نبي أو بمقصورة أو ثوب يوضع على المقصورة أو نحو ذلك مما لم بأمر الشارع به وللورثة أن يفعلوا به ما شاؤوا .
ومثل ذلك الوصية بالنياحة عليه أو ضرب قبة على قبره مباهاة فكل ذلك تبطل الوصية به ولا تنفذ .
ومن ذلك أيضا الوصية بالمال الذي بنفق في الموالد تقام عبى الوجه الذي يقع في هذه الأزمنة من اختلاط النساء بالرجال وسريان الفساد والعمل بما لم يأمر به الششرع ونحو ذلك من المنكرات فإن الوصية بكل هذا باطلة ولا تنفذ . وتصح الوصية بالكفن والحمل والدفن والغسل ونحو ذلك مما تصح الأجرة عليه . أما الأشياء المتمضحة للعباد كالصلاة عليه فإن الوصية بها لا تجوز . وتجوز الوصية لأي مسجد من المساجد وإن كان المسجد لا يتصور تملكه لأن الغرض بالوصية له الوصية بالإنفاق على مصالحه كوقوده وعمارته وذلك معروف للناس فلا يقصدون من الوصية للمسجد إلا هذا فإذا كان الغرض معنى آخر حملت الوصية عليه للجامع الأزهري فإن الغرض المعروف للناس من الوصية عليه الإنفاق على طلبته . وبالجملة فإن النظر في مثل للعرف فيعمل بما هو متعارف .
ولا تصح الوصية ببناء مسجد أو مدرسة على أرض موقوفة على دفن الأموات كقرانة مصر فإنها لخصوص الدفن فلا يصح عمله شيء آخر عليها . ولا تصح الوصية بما لا يصح عمله في المآتم كالنياحة وإقامة السرادق في الطرق ونحو ذلك من المعاصي التي عنها الشرع لأن الوصية يالمعاصي باطلة . اما الأشياءء التي تجوز على الوجه المتقدم في ملاحث الجنائز فغن الوصية جائزة . وتستحب الوصية بالطاعات كما تقدم فإذا أوصى بأشياء متععدة من الطاعات من الطاعات كالزكاة وفدية الصيام وفك الأسير المسلم ونحو ذلك فإن كان الثلث يكفي لنفيذها ولم تجزها الورثة فإن بعضها يقدم على بعض بترتيب خاص على الوجه الآتي : .
أولا : تقدم الوصية بصداق امرأة تزوجها ودخل عليها وهو مريض مرضا مخوفا ومات بهذا المرض وفي هذه الحالة يلزمه إما صداق مثلها إن كان أقل من الصداق الذي سماه لها أو الصداق المسمى غن كان من صداق المثل فالذي تستحقه في هذه الحالة هو الأقل من الصداق المسمى أو صداق المثل .
ثانيا : فك الأسير المسلم وقيل يقدم فك الأسير على الجميع ثم المدبر ثم صداق المريض ثم الزكاة التي فرط فيها في حال صحته وأصبحت دينا عليه فتخرج من الثلث إذا اوصى بها من غير أن يعترف بحلولها في ذمته .
أما إذا اعترف بحلولها فإنها تصبح دينا يجب إخراجها من رأس المال سواء أوصى أو لم يوص .
ومثل ذلك زكاة الماشية إذا حل الماشية إذا حل موعد إخراج زكاتها ومات عند ذلك فإن زكاتها من رأس المال سواء أوصى بإخراجها أو لم يوص .
ومثل ذلك زكاة الماشية إذا حل موعد إخراج زكاتها ومات عند ذلك فإن ذلك فإن زكاتها تجب من رأس المال سواء أوصى بإخراجها أو لم يوص .
ومثلها زكاة الزرع إذا أفرك حبه ( صار فريكا ) والبستان إذا تلون ثمره فإذا وقع ذلك عند موته فإن زكاته تجب زن رأس المال سواء أوصى بها أو لم يوص .
ثالثا : زكاة الفطر إن كانت عليه زكاة فائتة أما زكاة فطر رمضان الذي مات بعد وجوبها عليه مباشرة ولم يخرجها فإن إخراجها يجب من رأس المال إذا اوصى بها فإن لم يوص بها فإن الورثة يؤمرون بإخراجها ( فإن امتنعوا ) فلا يجبرون .
رابعا : عتق كفارة ظهار وعتق كفارة قتل ورتبتهما واحدة .
خامسا : كفارة يمين باسم الله تعالى أو بصفته من صفاته .
سادسا : كفارة فطر رمضان متعمدا ثم كفارة التفريط في كفارة رمضان حتى دخل رمضان الثاني .
سابعا : وفاء النذر سواء كان في صحة أو مرض وساء كان معلوما عند الناس من جهة الوصي فقط .
ثامنا : المنجز عتقه في المرض .
تاسعا : الرقيق الموصى بعتقه إذا كان معينا عند الموصي كعبدي فلان أو معينا عند غيره كسعيد عند زيد أو غير ذلك .
عاشرا : المكاتب .
حادي عشر : المعتق لسنة ويقدم المعتق لأكثر منها .
ثاني عشر : عتق غير معين كأن قال : اعتقوا رقبة .
ثالث عشر : حج عن الموصي بأجرة إلا إذا كانت حجة الفرض إلا إذا كانت حجة الفرض فإنها تكون في مرتبة العتق الغير المعين .
ومثلهما الوصية بجزء من مال فإنها في مرتبة العتق المطلق وحج الفريضة فيأخذ كل واحد منها حصة حال اجتماعهما .
الشافعية - قالوا : تصح الوصية بقراءة القرآن لأن ثواب القراءة يصل إلى الميت إذا وجد واحد من ثلاثة أمور : ان يقرأ قبره فإن لم يكن فليدع له عقب القراءة . فإذا لم يفعل فلينو حصول الثواب له فإذا وجد واحد من هذه الأمور فإن الثواب يصل إلى الميت .
وبعضهم يقول : لا بد من الجمع بين الدعاء والنية .
وإذا أسقط أجر القارئ دنيوية فإن أجر الميت لا يسقط كما تقدم في الإجارة وقيل : لا يصل ثواب القرآن إلى الميت وهو ضعيف .
وتصح الوصية بالحج سواء كان فرضا أو نفلا وينفق من يحج ميقاته بالإحرام سواء قيد بذلك بأن قال : يحج عن محل ميقاتي أو أطلق يحمل على المعهود شرعا والنعهود شرعا هو أن يبدأ الحج من محل الميقات .
أما إذا قيد بمكان أبعد من محل الميقات فيعمل ببما قيد به . ومحل ذلك ما إذا كان ثلث المال يسع الحج من الأمكنة المذكورة فإن لم يكف فإنه يحج عنه عن محل الميقات إذا أمكن فإن لم يمكن فيحج عنه من فوق الميقات ولو من مكة ولا تبطل الوصية . وإذا لم يكف الثلث لشيءء من ذلك فإنه يكمل من رأس المال . بمعنى أن يشترك الحج وغيره من الموصى لهم في الثل فإذا ضاق الثلث عنهما كمل رأس المال ولهم في بيان ذلك طريق خاص . وهو أنه إذا فرض وأوصى زيد بمائة جنيه من ماله لعمرو وأوصى بأن يحج عنه حجة الفريضة وكانت قيمة نفقاتها مائة جنيه وكانت التركة كلها ثلاثمائة جنيه والورثة لم يجيزوا الوصية إلا من الثلث وهو المائة وهي لاتكفي للوصيتبن كما هو ظاهر فيكمل للحج من رأس المال ولا يمكن معرفة الجزء الذي يكمل به إلا بعد معرفة ثلث الباقي بعد التكملة .
ومعرفة ثلث الباقي تتوقف على معرفة الجزء الذي به التكملة فتتوقف معرفة كل منهما على الآخر . وهذا يسمى دورا . وكيفية حل هذا الدور أن يقرض الجزء الذي به التكملة شيئا مجهولا بأن يقال : التركة ثلاثمائة جنيه إلا شيئا ويقسم الباقي أثلاثا شيء ويقسم الثلث بين عمرو الموصى له وبين الحج فيخص كل واحد خمسين جنيها إلا سدس الشيء ثم يضاف الشيء الذي اقتطعناه من المبلغ إلى نصيب الحج خمسين جنيها وهمسة أسداس لأن المفروض أنه اختص بخمسين إلا سدسا ضم إليها واحد كامل أعني ستة أسداس فصار نصيبه خمسين وخمسة أسداس . وتكون المسألة من ستة على طريق حساب الفرائض قيضرب الخمسسون فيكون المجموع 300 تقسم على خمسة أسداس فيكون الخارج 60 وذلك هو الشيءء المجهول الذي أخذ من أصل التركة ليكمل به الحج فإذا طرح 60 من أصل التركة 300 كان الباقي 240 ثلثه 80 يقسم بين زيد وبين الحج فيخص زيدا 40 والحج 40 فإذا ضم إليها الستون وجد المائة المطلوبة للحج .
هذا في الحج المفروض أما إذا أوصى بالنقل ولم يكن الثلث للحج من الميقات فقيل : تبطل الوصية به وقيل لا تبطل .
وتصح الوصية بعمارة المسجد ومصالحه بشرط أن يقبل الناظر فإذا قال الموصي : أرت أن يكون الموصى به ملكا للمسجد فإنه يصح بشؤط أن يقول أوصيت بهذا للمسجد أما إذا قال : هذا على المسجد فإنه يكون وقفا عليه .
هذا وما عدا ذلك من الأمور المذكورة فإن ما جاز عمله بدون حرمة أو كراهة تجوز الوصية به وإلا فلا .
الحنابلة - قالوا : تصح الوصية بكتابة العلم والقرآن قربة نافعة وتصح الوصية للمسجد على أن تصرف في مصالحه .
وإذا أوصى بالحج عنه فإن لم يعين المبلغ الذي يحج به دفع إلى من يحج عنه قدر نفقة المثل فقط فإن ضاع المال في الطريق لا يضمنه الحاج وكذا إذا مرض أو منع من الحج . أما إذا توهم المرض أو خاف منه فإن عليه ما أنفقه أما إذا عين المبلغ كأن قال : حجوا عني بألف فعلى الوارث أن يصرف المبلغ من الثل إن كان الثلث يسعه ولكن ينفقه على قد ما ينفق على الحج فيحج به مرة بعد أخرى وهكذا . ويصح ان يبدأ بالحج عنه من الميقات أما ما قطع قبل الميقات من المسافة فليس من الحج وإذا عين الموصي من يحج لزمه تنفيذه للوارث فلا يصح أن يحج عنه وكذا إذا أطلق ولم يعين أحدا فإذا قال : يحج عني الوارث فإنه يصح .
والوصية بالصدقة أفضل من وصبة بحج التطوع ولا تصح الوصية بما نهى عنه مما يعمل على القبور من بناء غير مأذون فيه وهوما زاد على شير محل القبر وغير ذلك مما تقدم النهي عنه في الجنائز )