- حكم الوصية بالنسبة للوصي يختلف الأحوال .
فتارة تكون الوصية واجبة وتارة تكون مندوبة وتارة تكون محرمة وفي ذلك تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : ينقسم حكم الوصية بالنسبة للموصي إلى أربعة أقسام : الوجوب الندب الإباحة الكراهة .
فاما الوصية الواجبة فهي ما يترتب عليها إيصال الحقوق لأربابها كالوصية برد الودائع والديون المجهولة التي لا مستند لها فإنه بفترض عليه أن يوصصي بردها إلى أربابها لأنه إن لم يوص ببها ومات تضيع على أربابها فيأثم بذلك .
وأما الوصية المستحبة فعي ما كانت بحقوق الله تعالى كالوصية بالكفارات والزكاة وفدية الصيام والصلاة والوصية بحجة الإسلام وغير ذلك من القرب .
وبعضهم يقول : عن الوصية بحقوق الله المفروضة واجبة عليه أن يوصي بالزكاة والكفارات الواجبة ونحو ذلك والظاهر الأول .
وأما الوصية المكروهة فهي ماكانت لأهل الفسوق والمعاصي كالوصية لإخوان السوء والضلال .
وأما الوصية المباحة فهي ماكانت للأغنياء من اهله وأقاربه أو من غيرهم فليست الوصية للأهل والأقربين مفروضة .
وأما قوله تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك الوصية للوالدين } الآية فهو حكم مؤقت للوالدين بإعطائهم جزءا من المال قبل نزول آيات المواريث وتنظيم حقوق الوراثة وقد انتهى بزول المواريث .
وإذا أوصى بفرض كإخراج الزكاة وكفارة القتل واليمين وإخراج فدية الصيام والصلاة فإن كان الثلث يكفي لها جميعها فالأمر ظاهر . وإلا فيقدم حق العبد على حق الله تعالى فتقدم الزكاة وكفارة القتل ونحوهما على فدية الصيام . ويقدم من حقوق من حقوق الله الفرض على الواجب والواجب على المستحب .
فإذا اجتمعت فرائض كالحج والزكاة قدم الحج وهما يقدمان على الكفارات والكفارات تقدم على صدقة الفطر لأنها واجبة لا فرض .
وصدقة الفطر على الأضحية للخلاف في وجوبها والأضحية مقدمة على النوافل .
وأما حكمها بالنسبة للموصى به فهو كون الموصى به ملكا جديدا للموصى له .
والمراد بالحكم هنا الأثر المترتب على الشيء . فالأثر المترتب على الوصية كون الموصى به ملكا جديدا له .
هذا والأفضل لمن له مال قليل أن لا يوصي إذا كانت لهع ورثة .
والأفضل لمن له مال كثير أن لا يوصي بأكثر من الثلث .
الشافعية - قالوا : الوصية باعتبار الأحكام الشرعية إلى خمسة أقسام : .
القسم الأول : الوصية الواجبة وهي الوصية بما عنده من ودائع وديون معلومة فيجب عليه أن يوصي بها ولو لم يكن مريضا حتى لا تضيع حقوق الناس بموته فجأة .
القسم الثاني : الوصية المحرمة كما إذا أوصى مشاغب بحيث إذا جعل له حق في التركة أفسدها .
القسم الثالث : الوصية المكروهة وهي ماكانت بأكثر من ثلث المال أو كانت لوارث .
القسم الرابع : الوصية المستحبة استحبابا مؤكدا وهي ما استوفت الشرائط ولم تكن واجبة أو محرمة أو مكروهة كالوصية لغير الوارث المستقيم العقل والوصية للفقراء والمساكين ونحو ذلك .
القسم الخامس : الوصية المباحة كالوصية للأغنياء .
الحنابلة - قالوا : تنقسم الوصية إلى أقسام : .
القسم الأول : الواجبة وهي ما يترتب على عدمها ضياع حق الله أو العباد فتفترض الوصية على من كانت عنده ودائع أو عليه دين بدون بينة كما تفترض على من عليه واجب من زكاة أو حج أو كفارة أو نذر .
القسم الثاني : المستحبة وهي الوصية للقريب الفقير الذي لا يرث بشرط أن يكون الموصى ترك مالا كثيرا عرفا . وأن لا تزيد عن خمس المال كي لا يؤذي الورثة .
فالوصية المستحبة هي ما اجتمعت فيها هذه الشروط فإن لم يكن له قريب ففقير فتسحب الوصية للفقراء والمساكين والعلماء ونحوهم .
القسم الثالث : الوصية المكروهة وهي الصادرة لمن لم يترك مالا كثيرا إذا كان له وارث محتاج والاحتياج يختلف باختلاف باختلاف الناس .
القسم الرابع : الوصية المحرمة وهي ماكانت بأكثر من الثلث فيحرم على من كان له وارث غير أحد الزوجين أن يوصي بأكثر من الثلث . ولكن التحقيق أن هذا مكروه فقط وعلى هذا يدخل في قسم المكروه .
القسم الالخامس : الوصية المباحة وهي فيما عدا ذلك .
المالكية - قالوا : تنقسم الوصية إلى خمسة أقسام : .
الأول : الواجبة فتجب على من كان عليه دين أو عنده وديعة كي لا تضيع حقوق الناس أو كانت بقربة واجبة .
الثاني : الوصية المندوبة وهي ماكانت بمحرم وواجبة .
الرابع : الوصية المكروهة وهي ما كانت صادرة من شخص له مال قليل وله وارث .
الخامس : الوصية المباحة وهي ما كانت بمباح .
وبعض المالكية يقسمها إلى قسمين : واجبة وهي فيما إذا كان له أو عليه حق ومستحقة وهي فيما عدا ذلك .
هذه تفاصيل المذاهب في حكم الوصية وذكرناها كما هي ولا يخفى أن بعضها وإن لم يكن مذكورا في بعض المذاهب ولكن قواعدهم لا تأباه )