- الحوالة بالفتح والكسر ولكن الفتح أفصح ومعناها لغة النقل إلى محل والمعنى اللغوي عام يشمل نقل العين كنقل الزجاجة من مكان إلى مكان آخر كما يشمل نقل الدين من ذمة إلى ذمة والحوالة اسم مصدر أحاله إحاله إحاله المصدر هو الإحالة يقال أحلت زيدا على عمرو فأنا محيل وزيد محال ويقال له محتال وعمرو محال عليه أو محتال عليه والمال محال به .
أما معناها في الشرع فهو الدين من ذمة إلى ذمة أخرى بدين مماثل له فتبرأ بذلك النقل الذمة الأولى فإذا كان لزيد مائة جنيه على عمرو ويحل موعد دفعها بعد ثلاثة أشهر مثلا .
ولعمرو مثل هذه المائة على خالد يحل موعدها في ذلك الوقت فأحال عمرو وزيدا على خالد بالشرائط الآتية فإن ذمة عمر ويبرأ زيد وتشتغل ذمة خالد به عمرو ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : في تعريف الحوالة رأيان : أحدهما : أنها نقل المطالبة ( فقط ) من ذمة المديون إلى ذمة الملتزم فإذا كان لشخص دين عند آخر فأحاله على آخر وقبل المحال عليه ذلك الدين والتزم له فإن مطالبتة الدائن بدينه تنتقل من ذمة المديون الأصلي إلى ذمة المحال عليه الذي التزم بسداده عن المديون . أما الدين فهو باق بذمتة المديون الأصلي .
ثانيهما : أنها نقل المطالبة ونقل الدين معا بمعنى أن ذمة المديون الأصلي تبرأ بحوالة الدائن إلى الشخص الملتزم بدفع الدين .
وقد استدل من يقول بأنها نقل المطالبة فقط بأمور منها أن المديون الأصلي : وهو المحيل إذا أراد أن يسدد الدين ينفسه فإن صاحب الدين يجبر على قبول ولو انتقل الدين إلى ذمة المحال عليه لم يجبر صاحب الدين على قبوله منه لأن المديون الأصلي في هذه الحالة يكون متبرعا بالسداد ولا يجبر شخص على قبول التبرع من غيره .
ومنها : أن صاحب الدين وهو المحال لو برأ المحال عليه بالدين فإنه لا يصح له أن يرد ذلك بخلاف ما إذا وهبه ذلك الدين فإن له أن يرد هذه الهبة ولو كان الدين قد انتقل إلى ذمته لكان له حق رد الإبراء والهبة ولكنه لما لم ينتقل الدين وكان باقيا بذمة المحيل لم يكن من حق المحال عليه رد الإبراء منه بخلاف هبته فإنه صاحب الحق في عدم قبولها . ونظير ما إذا كفل شخص آخر في دين فأبرأ الدائن الكفيل فإنه ليس له أن يرد ذلك الإبراء لأن الدين متعلق بالأول على الصحيح كما سيأتي .
أما إذا وهبه الدين فإن له أن يرد هبته لأن الهبة مقصورة على الكفيل فهو صاحب الحق أو ردها .
ومنها : أن صاحب الدين وهو المحال إذا برأ المحال عليه فإن ذمة المديون الأصلي لمحال الحق في مطالببته ثانيا . أما إذا وهبه الدين فإن للمحال عليه الحق في أخذ الدين من المديون الأصلي إن لم يكن للمديون الأصلي دين عليه يقع في مقابلة قصاصا .
ومنها : أنه إذا مات المحال عليه مفلسا أو أنكر الدين ولا بينة عليه فإن صاحب الدين وهو المحال يرجع على المديون الأصلي وهو المحيل فلو لم يكن الدين باقيا بذمته لم يصح له الرجوع عليه ويعبر عن موت المحال عليه مفلسا أو انكاره الدين ولا بينة عليه ( بالتوى ) وأصل التوى في اللغة هلاك المال ثم خصه أبو حنيفة بهذا المعنىل وزاد عليه صاحباه أن يحكم حاكم بلإفلاس المحال عليه حال حياته فإن هذه الحالة تجعل لصاحب الدين الحق في الرجوع على المحيل .
ومنها : أن صاحب الدين ( المحال ) إذا وكل المدين الأصلي وهو المحيل على أن يقبض الدين من المحال عليه فإنه لا يصح ولو كان الدين قد انتقل من ذمته لصح توكيله بالقبض لأنه يكون أجنبيا في هذه الحالة .
ومنها : أنه إذا اشترى شخص سلعة ولم يدفع ثمنها وأحال البائع بالثمن على شخص آخر فإن للبائع أن يحبس السلعة عن المشتري ولا يسلمها إياه إلا أعطاه ثمنها فلو كان الدين قد انتقل إلى ذمة المحال عليه صح للبائع حبس السلعة عن المشتري .
وقد استدل من بقول إنها المطالبة والدين معا بأن صاحب الدين هو المحال إذا أبرأ المحال عليه من الدين أو وهبه إياه فإنه يصح . أما إذا أبرأ المحيل وهو المديون الأصلي أو وهبه فإنه لا يصح فلو كان الدين باقيا بذمة المديون الأصلي وهو المحيل لصح إبراؤه وهبته إياه .
وقد اتفقوا على هذه الأحكام فكيف التوفيق بينها وبين التعريف على القولين ؟ .
والجواب : أن الحوالة تارة تعتبر تأجيلا للدين فتكون نقلا كما في الأحكام التي تفيد أنها نقل المطالبة فقط وتارة تعتبر إبراء للمدين الأصلي فتكون نقلا للدين والمطالبة كما في مثل هذه المفهومات الاصطلاحية لأنها ليست حدودا حقيقيقة )