- الأصل أن الشريك أمين بالمال والأمين ينبغي أن يصدق فيما يدعيه وذلك هو الأساس الأول الذي تحث شريعتنا المطهرة على إعتباره في عقد الشركة فمتى اختل ذلك الأساس فقد انهارت الشركة وفشل الشركاء .
في كل ما يقومون به من الأعمال صغيرا كان أو كبيرا ومن أجل ذلك قال رسول الله A : " يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان خرجت من بينهما " . رواه أبو داود والحاكم صحيح الإسناد .
ومعنى ذلك أن الله سبحانه لا يزال عونا للشريكين ما دام كل مهما أمينا على صاحبه لا يخونه في كثير منه ولا قليل فإذا سولت له شهوته الفاسدة أن يخون صاحبه رفع الله تلك المعونة . ومن يكن الإله عونا له لا بد أن ينجح في عمله ويفوز بأحسن ثمراته إن كان عاجلا وإن آجلا أما الذي لا يعينه خالفه فهو خاسر لا محالة ومعرض للهلاك في الدنيا والآخرة فالأمانة هي أس نجاح الشركاء والخيانة أس فشلهم وخسارتهم جميعا وذلك مشاهد محس لا يحتاج إلى دليل فإنك ترى كثيرا من الشركات لا تلبث أن تنمحي آثارها رغما من مساعدة الظروف إياها بينما الشركات التي أقل منها مالا وأتعس حالا تستمر وتنمو وما ذلك لحرص الشركاء على تفيذ شروطهم كاملة وتمسكهم بالمانة في كل شأن من شؤونهم وبعدهم عن الخيانة في جميع الأحوال .
وإن ادعى كان كذلك فكل ما يدعيه أحد الشركاء من خسارة وربح ونحو ذلك يصدق فيه على تفصيل في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : كل ما يدعيه أحد الشركاء في مقدار الربح والخسران وفقد المال والدفع لشريكه فإنه يصدق في قوله بعد أن يحلف اليمين حتى ولو ادعى أنه دفع ما يخص شريكه بعد موته فإن القول بيمينه ألا ترى أن من وكل شخصا في أن يقبض وديعة له عند آخر ثم مات الموكل فادعى الوكيل أنه قبضها قبل أن يموت الموكل وهلكت في يده قبل أن يعطيها له وهو أمين لا ضمان عليه فإنه يصدق ولو أنكرت الورثة وكذلك إذا قال دفعها إليه فإنه يصدق أما إذا وكله في قبض دين ثم مات الموكل وادعى الوكيل تلك الدعوى فإنه لا يصدق ولا تبرأ ذمة المديون بذلك .
وذلك لأن شاغل الدين لذمة المدين فإذا دفعه لصاحبه فقد شغل ذمته به فثبت للمديون الدائن مثل ما ثبت للدائن في ذمته فتقابل كل مهما بالآخر قصاصا وهذا هو معنى قولهم إن الديون تقتضي بامثالها . وهي ذلك تضمين للميت وإيجاب الضمان على الغير لا يصدق فيه الوكيل وإنما يصدق في نفي الضمان عن نفسه . ولهذا لا يضمن الوكيل الدين ولا يرجع عليه المديون بشيء وبالجملة فالوكيل إذا ادعى أمرا فيه نفي الضمان عن نفسه صدق أما إذا ادعى ما فيه إيجاب الضمان على الغير فإنه لا يصدق .
ويضمن الشريك بالتعدي لأن الأمين إذا تعدى ضمن كما يضمن بموته من غير أن يبين نصيب شريكه فإذا اشترك اثنان وباع أحدهما تجارة بالدين ولم يبين نصيب شريكه قبل موته فإن على الورثة دفع نصيبه ولو ضاع عند المدين أما إذا بينه فلا ضمان . وإذا نهى أحد الشركاء شريكه عن البيع بالدين فباع نصيب البائع ووقع موقوفا في حصة شريكه فإن أجاره فالربح بينهما وإن لم يجزه فالبيع في حصته باطل وحكم ما إذا نهاه عن السفر فلم يمتثل حكم المضارب الذي يفعل ذلك وقد تقدم .
الشافعية - قالوا : الشريك أمين مال الشركة فكل ما يدعيه أحد الشريكين .
في الربح والخسران ورد بعض المال فإنه يصدق فيه . وأما إذا ادعى .
المال ففيه تفصيل وذلك لأنه إذا ادعى تلفه بدون أن يعرف له سببا .
أو بسبب خفي كالسرقة فإنه يصدق بلا يمين .
أما إذا ادعى تلفه بسبب ظاهر كالحريق فإنه لا يصدق إلا أقام البينة على حصول الحريق وأن مال التجارة حرق به .
وأما إذا عرف أحد الشريكين بأنه اشترى هذه الشلعة للشركة وادعى الآخر بأنه اشتراها لنفسه لما فيها من زيادة في الثمن أو العكس صدقمن كان المال في يده . وإذا ادعى من في يده المال انهما اقتسماه وما في يده خاص به وأنكر شريكه فالقول في هذه الحالة للمنكر لأن الأصل عدم القسمة .
المالكية - قالوا : إذا ادعى أحد الشركاء التلف لمال الشركة بآفة سماوية أو خسر بالعمل فيه تجارة وأنكر شريكه عليه ذلك وادعى عليه أنه أخفاه ولم يحصل تلف ولا خسارة فلا يخلو إما أن تقوم القرائن على كذبة على كذبة في دعواه التلف والخسر كأن يكون مع جماعة لا يخفى عليهم التلف ولم يسمعوا عنه . أو تكون السلعة رابحة لا يمكن أن تخسر أو لا تقوم القرائن على ذلك .
وعلى كل حال فالقول للمنكر . ثم إن قامت القرائن على كذب المدعي ضمن المال وإن لم تقم القرائن حيث لا بينه ولا دليل فإنه يحلف على أنه حصل الخسار والتلف .
وإذا ادعى أحدهما أن له ثلثي المال وادعى الآخر أن لكل واحد نصفه فالقول لمن ادعى النصف فيقسم بينهما نصفين بعد حلفهما وبعضهم يقول إنه يعطي لمدعى الثلثين النصف ولمدعي النصف الثلث ويقسم السدس التنازع بين أكثر من اثنين قسم المال بحسب الرؤوس .
وإذا ادعى أحد الشريكين على شيء رآه بيد شريكه أنه مال الشركة فأنكر الآخر ذلك وقال إنه خاص بي فإن ذلك يحتمل أمرين : الأول أن تقوم بينه على أنهما يتصرفان تصرف شركاء المفاوضة أو لأنهما أقرا بالمفاوضة أو أن الشركة قد وقعت يدهما ولا بينه للمنكر .
الثاني : أن ياتي المنكر بينه تشهد بأن هذا المال قد ورثة المنكر أو وهب له أو نحو ذلك وفي هذه الحالة يكون المال للمنكر خاصة سواء شهدت بانه جاءهه قبل ولم يدخل فيها أو قالت إنها لا تعلم إن كانت المفاوضة قبله أو هو قبلها .
أما إذا قالت إن الشركة قبل المال ولم تشهد بعدم دخوله فيها فإنه يكون للشركة .
الحنابلة - قالوا : الشريك بالنسبة أمين لأنه كالوكيل فالقول في رأس المال وفي قدر الربح أو لم يربح وفيما يدعيه من هلاك إلا إذا كان للآخر بينة تشهد خلاف ذلك وإن ادعى التلف بسبب ظاهر كتلف بينة تشهد به ثم حلف أنه تلف به والقول فيما اشتراه لنفسه أو للشركة ونحو ذلك )