- إذا أعطى محمد مالا لخالد ليتجر فيه مضاربة فأعطاه خالد لشخص ليتجر فيه مضاربة بجزء من الربح فإن في ذلك تفصيلا في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : إذا ضارب العامل شخصا فلا يخلو إما أن يكون ذلك بإذن رب المال أو لا فإذا لم يكن بإذنه فسد العقد ولكن لا يضمن العامل إلا إذا عمل فيه المضارب الثاني ففي المثال المذكور إذا أعطى خالد المال لشخص ليعمل فيه المضاربة فهلك المال في يد ذلك الشخص قبل أن يعمل فيه فإن خالدا لا يضمنه لأن دفع المال إيداع والمضارب يملك إيداع المال فإذا عمل ذلك الشخص بالفعل تأكد كونه مضاربة وليس للعامل أن يضارب غيره بدون المالك .
أما إذا عقد خالد مع غيره مضاربة فإنه لا ضمان عليه إذا هلك المال في يد الشخص الثاني الذي تعاقد نعه وذلك لأن فساد العقد يجعل العامل أجيرا والمضارب يملك من يعمل له في التجارة ويكون لذلك الشخص الثاني على خالد أجرا مثله ولخالد نصيبه المشروط في الربح مع المالك ولو غصب المال من المضارب الثاني كان الضمان على الغاصب وإذا استهلكه الثاني أو وهبه كان الضمان عليه فقط .
أما إذا ضارب بإذن المالك بأن استأذن خالد محمدا في أن يعطي رأس مال المضاربة أو بعضه لشخص على أن يتجر فيه بجزء من الربح فأذن له فإنه يصح ثم إن كان محمد ضارب خالدا بقوله : ان ما رزقنا الله من الربح يكون بيننا بالنصف وضارب خالد الشخص الآخر بالثلث كان لرب المال الذي شرطه وللشخص الثاني الثلث الذي شرطه له خالد ولخالد السدس فقط أما إذا قال له ما رزقك الله بكاف الخطاب فإنه يكون للشخص الثاني الذي تعاقد معه خالد الثلث الذي شرطه والباقي يقسم بين خالد وبين محمد نصفين وبين فيكون لكل منهما الثلث ومثل ذلك ما إذا ما قال له ما ربحت من شيء فهو بيننا أو ما كان لك فيه من ربح فأعطاه لغيره مضاربة فإن المضارب الثاني بأخذ الثلث المشروط وما بقي يقسم بين المضارب الأول وهو خالد ورب المال نصفين فيكون لكل واحد من الثلاثة الثلث وإذا قال يقسم لخالد : ما رزقنا الله من الربح يكون بيننا نصفين فأعطى خالد رأس المال لغيره مضاربة بنصف الربح أخذ المالك النصف والمضارب الثاني النصف ولا شيء لخالد مطلقا .
الشافعية - قالوا : أعطى العامل رأس مال المضاربة لشخص آخر ليتجر فيه مضاربة فلا يخلو إما أن يكون ذلك بدون المالك أو يكون بإذنه فإن كان بإذن المالك فهو على وجهين أحدهما : أن يكون المضارب الأول قد تعاقد مع الثاني على أن يكون شريكه في العمل والربح وفي ذلك قولان قول بالفساد وهو الأول من الربح بل يأخذه المالك وعليه أجر المثل للعامل الثاني للعامل الثاني لأنه عمل بإذنه أما إذا عملا معا فللأول من الربح بنسبة ما عمل والباقي للمالك وعلى الأول للثاني أجر المثل فإذا .
قصد الثاني إعانة الأول فلا شيء .
ثانيهما أن يكون المضارب الأول تعاقد مع الثاني على أن يعمل الثاني وحده وفي هذه الحالة يكون العقد صحيحا وينعزل المضارب الأول ولكن يشترط لصحة العقد حينئذ أن يكون رأس المال مستوفيا للشروط التي تصح بها المضاربة كأن يقول : نقدا لا عروض تجارة إلى آخر ما تقدم . أما إذا تعاقد العامل مع شخص آخر مضاربة بدون إذن المالك فإن العقد الثاني يكون فاسدا .
فإذا اشترى الثاني شيئا بمال المضارية أو باع أو نحو ذلك من العقود التي يتولاها تقع باطلة لأنه فضولي لا لأن ثلثها على المال ويضمن ما تصرف فيه لأنه كالغاصب وللعامل الأول نزع المال الذي أعطاه للثاني والعمل فيه بالعقد الأول بينه وبين المالك صحيح .
أما إذا اشترى شيئا ولم يدفع ثمنه من مال بل بثمن مؤجل في ذمته وكان ذلك الشرط للعامل الأول فإن يكون للعامل الثاني أجر المثل على العامل الأول أما إذا اشترى لنفسه فإن له الربح فإن الربح ولا شيء له على العامل الأول .
المالكية - قالوا : إذا تعاقد مع شخص آخر مضاربة فإن كان ذلك بإذن رب المال فهو صحيح وإن لم يكن بإذنه فهو فاسد فإذا أعطى محمد لخالد مالا ليتجر فيه بجزء من ربحه فأعطاه خالد لشخص آخر ليعمل فيه مضاربة بدون إذن محمد كان ضامن المال على خالد فإذا هلك المال أو خسر كان عليه أن يرده لصاحبه أما إذا ربح المال فإنه لا شيء لخالد أيضا وإنما الربح يكون بين العامل الثاني وبين رب المال وإذا تعاقد خالد مع محمد على أن يكون له النصف في الربح ثم تعاقد مع شخص آخر بدون إذن محمد على أن يكون له الثلثان فإن الربح يكون العامل الثاني وبين رب المال مناصفة ويضمن خالد للعامل الثاني ما بقي من الربح الذي اشترطه فعليه أن يكمل له النصف إلا الثلثين حسب الشرط . وإذا تعاقد الشخص مع ذلك الشخص بأقل مما له كأن جعل له الثلث مع أن له النصف لا يستحق خالد شيئا بل يكون الربح للعامل ورب المال فيأخذ العامل الثاني الذي شرطه له والثلثان يأخذهما رب المال ولا شيء الأول وهو خالد .
فإذا لم يربح المال فلا شيء للعامل الثاني مطلقا لأن القاعدة أن العامل لا يستحق إلا في الربح فإذا انعدم الربح فلا شيء له .
الحنابلة - قالوا للعامل أن يضارب في المال إذن رب المال فإذا فعل فسد العقد أما أذنه يجوز له أن يضارب به ويقع تصرفه المضارب الثاني صحيحا )