ولي الصبي وغيره من المحجور عليهم : أبوه إن كان له أب أهل للولاية كأن لم يكن مجنونا أو محجورا عليه وأما غير الأب ففيه تفصيل في المذاهب .
( الحنفية - قالوا : ولي الصغير في باب الأموال أبوه ثم من بعد موته يكون الولي من أوصى به الأب ثم من بعد موت وصي الأب يكون الولي من أوصى به وصي الأب . ثم من بعد هؤلاء الثلاثة يكون الولي الجد لأب وإن علا . ثم وصي الجد ثم وصي وصي الجد ثم الوالي وهو الذي يليه تقليد القضاء ثم القاضي أو وصيه الذي يقيمه فأيهما يتصرف تصح تصرفاته . وحاصل ذلك : أنه لا ولاية للجد مع وجود وصي الأب ولا ولاية للوالي أو القاضي مع وجود الجد أو وصيه . وبعدذلك لا ترتيب . فيصح أن يكون الولي : الوالي أو القاضي أو الوصي الذي يقيمه القاضي .
ولا ولاية للأم في باب المال . فإذا أوصت الأم على ولدها الصغير قبل موتها ثم ماتت لا يكون لذلك الولي حق التصرف في تركه الأم مع وجود الأب أو وصيه أو وصي وصيه أو الجد أو وصيه بأي حال نعم إذا لم يوجد أحد من الأولياء المذكورين فإن لوصي الأم أن يحفظ تركة الأم ويبيع المنقولات لأن في بيعها حفظا لها . ولا يصح أن يتصرف في شيء من مال الصبي غير ذلك سواء كان وارثا له عن أمه أو غيرها .
وكذلك لا يكون لأحد من باقي العصبات في باب الأموال ولاية على الصغير فليس للأخ والعم أو غيرهم أن يتصرفوا في مال الصغير مع وجود أحد الأولياء المذكورين على الترتيب المذكور .
أما الولاية في النكاح فإنها تثبت بأربعة أمور : القرابة والولاء والإمامة والملك وترتيب الأولياء هكذا : الابن ثم ابن الابن وإن سفل ثم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا ثم الأخ لأب وأم ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ لأب وأم ثم الأخ لأب وإن سفلوا ثم العم لأب وأم ثم العم لأب ثم ابن العم لأب وأم ثم ابن العم لأب وإن سفلوا ثم عم الأرب لأب وأم ثم عم الأب لأب ثم بنوهما على هذا الترتيب ثم عم الجد لأب وأم ثم عم الجد لأب ثم بنوهما على هذا الترتيب ثم من يكون أبعد العصبات إلى المرأة وهو ابن عم بعيد فكل هؤلاء لهم ولاية النكاح على الترتيب المذكور ولهم إجبار البنت والذكر على الزواج في حال صغرهما لا في حال كبرهما وعند فقد العصبات تكون الولاية لمن يرث من ذوي الأرحام . وأقرب العصبات : الأم ثم البنت ثم بنت الابن ثم بنت البنت ثم بنت ابن الابن ثم بنت بنت البنت ثم الأخت لأب وأم ثم الأخت لأب ثم الأخ والأخت لأم ثم أولادهم . وبعد أولاد الأخوات : العمات ثم الأخوال ثم الخالات ثم بنات الأعمام ثم بنات العمات وأبو الأم أولى من الأخت عند أبي حنيفة ثم مولى الموالاة ثم السلطان ثم القاضي ومن يقيمه القاضي .
وولاية الأب والجد على الصغير في نفسهما ومالهما ثابتة لا تزول إلا بثبوت رشد الصبي بعد بلوغه فإذا بلغ الصبي ثم تبين أنه مجنون أو معتوه استمرت ولاية الأب والجد بدون انقطاع .
الشافعية - قالوا : ولي الصبي أبوه ثم أبو أبيه وإن علا فإن اجتمع الأب والجد كان الأب مقدما على الجد طبعا إلا إذا لم يكن أهلا للولاية على الصبي " كأن كان محجورا عليه أو كان مجاهرا بالفسق . ويكفي في الأب والجد أن تكون عدالتهما ظاهرة فإذا مات الأب أو لم يكن أهلا للولاية انتقلت الولاية إلى الجد ثم من بعد الجد تنتقل الولاية لوصي من يتأخر موته من الأب أو الجد فإذا مات الجد بعد الأب وكان وليا انتقلت الولاية لوصي الجد وإذا مات الأب بعد الجد انتقلت الولاية لمن يوصي به الأب .
ويصح أن يوصي الأب في حال حياة الجد . فإذا أوصى الأب في حال حياة الجد ثم مات الجد قبل الأب ومات الأب بعد انتقلت الولاية لمن أوصى به الأب في حال حياة الجد إذ لا يلزم أن تكون الوصاية بعد موت الجد ويشترط في الوصي أن يكون عدلا ظاهرا وباطنا على المعتمد ثم من بعد الوصي الذي أوصى به الأب أو الجد تنتقل الولاية للقاضي وهو إما أن يتولى بنفسه أو يقيم أمينا فإذا كان الصبي مقيم في بلد لها قاض وماله في بلد لها قاض كان القيم على المال قاضي البلد الذي فيها المال فعليه حفظه وبيعه وإجارته أما بالنظر لاستثماره فيكون لقاضي بلد الصغير .
وهل للأم ولاية أو لا ؟ المعتمد أنها لا ولاية لها إلا إذا أقامها الأب أو الجد أو القاضي والأولى تقديمها على الأجنبي إذا كانت صالحة ومثل الأم غيرها من باقي الأقارب والعصبات ولكن العصبة الإنفاق من مال الصبي في تأديبه وتعليمه وإن لم يكن عليه ولاية لأن مثل ذلك يتسامح فيه عادة .
المالكية - قالوا : الولي الذي له حق الحجر عليه هو الأب ومن بعده تكون الولاية لمن أوصى به الأب ثم لمن أوصى به وصي الأب وهكذا فإن لم تكن الولاية للحاكم وإن لم يكن حاكم . فالولاية لجماعة المسلمين .
ثم إن الحجر على الصبي مما ذكروا ينقسم إلى قسمين : .
الأول : حجر بالنسبة لنفسه .
والثاني : حجر بالنسبة لماله .
فأما الحجر بالنسبة لنفسه فمعناه : تدبير نفس الصبي وصيانته من موارد الهلكة وحفظه من سلوك سبل الضياع فلا يترك وشأنه فيرتكب ما يقضي على حياته . وأما الحجر بالنسبة إلى ماله فهو : منعه من التصرف على الوجه الذي سيأتي .
وليس لحاضن اليتيم من جد وعم وأم ونحوهم أن يتصرف في ماله بدون إيصاء فإذا لم يوص أب اليتيم بأحد منهم أو يوص القاضي فلا يكون لهم الحق في الولاية على أمواله وإذا كان العرف جاريا على أن يكون الكافل من هؤلاء بمنزلة الوصي وإن لم يقم وصيا عمل به فيصح أن يتصرف تصرف الوصي . ونقل بعضهم عن الإمام مالك : أن كافل اليتيم كالوصي وإن لم يكن العرف على ذلك فإذا مات الشخص عن أطفال صغار وكان لهم جد أو عم حاضنا فله أن يتصرف تصرف الولي .
الحنابلة - قالوا : الولاية على الصبي والمجنون سواء كان ذكرا أو أنثى تكون للأب الحر الرشيد العدل ولو كانت عدالته ظاهرا فقط . ويصح أن يكون الكافر وليا على ولده بشرط أن يكون عدلا في دينه ثم من بعد الأب تكون الولاية لمن يوصي به الأب ويشترط أن يكون عدلا وتنتقل غليه الولاية ولو كانت بأجر مع وجود من يقوم بها مجانا لأنه نائب عن الأب فأشبه وكيله في حال الحياة فإذا لم يكن الأب موجودا ولم يوص أحدا أو كان موجودا ولكن فقد أهلية الولاية كانت الولاية عليهما للحاكم . والجد أبو الأب لا ولاية له وكذلك الأم لا ولاية لها ومثلهما سائر العصبات : .
ولا يجوز للولي أن يتصرف في مالهما إلا بما فيه مصلحتهما فإن تبرع من مالهما بهبة أو صدقة أو غيرهما فإنه يلزم به إذا باع لهما بنقص )