يعرف بلوغ الصغير تارة بالسن وتارة بعلامات تدل على أنه قد بلغ وإن لم يبلغ حد السن المقرر وفي بيان ذلك تفصيل المذاهب .
( الحنفية - قالوا : يعرف البلوغ في الذكر : بالاحتلام وإنزال المني وإحبال المرأة وفي الأنثى : بالحيض والحبل . فإذا لم يعلم شيء من ذلك عنهما فإن بلوغهما يعرف بالسن فمتى بلغ ينهما خمس عشرة سنة فقد بلغا على الحلم على المفتى به وقال أبو حنيفة : إنما يبلغان بالسن إذا أتم الذكر ثماني عشرة سنة والأنثى سبع عشرة سنة .
ويستمر الحجر على الصغير إلى أن يبلغ إما بالسن أو بعلامة من العلامات المذكورة ثم ينظر في أمره بعد البلوغ فإن ثبت رشده بعد اختباره فإنه يسلم إليه ماله وإن لم يظهر رشده فإنه لا يسلم غليه . وحد الرشد هو : أن يثبت أنه صالح لإدارة ماله فلا يضيعه إذا سلم إليه . فلو كان فاسقا بترك الصلاة ونحوها فإنه لا يمنع من تسليم ماله أما إذا كان فاسقا بالشهوات التي تذهب بالأموال كالزنا والقمار ونحو ذلك فإنه يحجر عليه لذلك لأنه لم يكن صالحا لإدارة ماله في هذه الحالة ولكن الصاحبين اللذين يقولان بالحجر على السفيه يحكمان باستمرار الحجر عليه ما دام سفيها . وحتى ولو قضى طول حياته وهو على هذه الحالة . أما الإمام أبو حنيفة الذي يقول بعدم الحجر على السفيه فإنه يقول : إنه لا يسلم إليه ماله أيضا إلا بعد خمس وعشرين سنة . وذلك لأنه وإن كان حرا عاقلا وهو ما لا يصح الحجر عليه إلا أنه لما بلغ هذا السن الذي يكون الإنسان فيه كالجد الذي له أحفاد ولم يتأدب فلا أمل في تأديبه بعد ذلك ولا معنى لحبس ماله عنه فليعط ماله يفعل فيه كيف شاء .
المالكية - قالوا : يعرف البلوغ بعلامات : .
إحداها : إنزال المني مطلقا في اليقظة أو في الحلم .
ثانيها : الحيض والحبل وهو خاص بالمرأة .
ثالثها : إنبات شعر العانة الخشن . أما الشعر الرقيق " الزغب " فإنه ليس بعلامة وكذلك شعر اللحية والشارب فإنه ليس بعلامة فقد يبلغ الإنسان قبل أن ينبت له شيء من ذلك بزمن طويل ومتى نبت شعر العانة الخشن كان ذلك علامة على التكليف بالنسبة لحقوق الله من صلاة وصوم ونحوهما وحقوق عباد الله على التحقيق .
رابعا : نتن الإبط .
خامسها : فرق أرنبة الأنف .
سادسها : غلظ الصوت فإن لم يظهر شيء من ذلك كان بلوغ الصغير السن وهو أن يتم ثماني عشرة سنة وقيل : يبلغ بمجرد الدخول في السنة الثامنة عشرة .
وإذا ادعى الصغير البلوغ أو عدمه فإن له حالتين : .
الحالة الأولى : أن يشك في صدقه وفي هذه الحالة ثلاث صور : .
الصورة الأولى : أن يدعي البلوغ ليأخذ مالا أو ليثبت عليه مالا للغير فالأول : كأن يدعي البلوغ ليأخذ سهمه في الجهاد . والثاني : كأن يدعي عليه شخص بأنه أتلف مالا اؤتمن عليه وأنه بالغ فأقر بذلك وخالفه الولي . وفي هذه الصورة لا تسمع دعواه مع الشك فيها .
الصورة الثانية : أن يدعي البلوغ ليثبت طلاقه من امرأته أو يدعي عدم البلوغ ليفر من إثبات طلاقها وفي هذه الصورة تقبل دعواه إثباتا ونفيا .
الصورة الثالثة : أن يدعي البلوغ ليفر من عقاب جناية ارتكبها وفي هذه الصورة تقبل دعواه مع الشك في صدقه لأن الحدود تدرأ بالشبهات . أما إذا ادعى البلوغ ليثبت على نفسه جناية فإنه لا يصدق مع الشك لهذه العلة .
الحالة الثانية : أن لا يشك في صدقه . وفي هذه الحالة تقبل دعواه في الأموال أيضا إثباتا ونفيا فإذا أدعى أنه بلغ ليأخذ سهمه في الجهاد . أو ليأخذ مالا مشروطا ببلوغه أو نحو ذلك فإن دعواه تقبل حيث لم يشك في صدقه . وكذلك تقبل في الأمور الدينية المتوقفة على البلوغ كالإمامة وتكملة عدد جماعة الجمعة .
الشافعية - قالوا : يعرف بلوغ الذكر والأنثى بتمام خمس عشرة سنة بالتحديد ويعرف بعلامات غير ذلك : .
منها : الإمناء ولا يكون علامة على البلوغ إلا إذا أتم الصبي تسع سنين فإذا أمنى قبل ذلك يكون المني ناشئا عن مرض لا عن بلوغ فلا يعتبر .
ومنها : الحيض في الأنثى وهو يمكن إذا بلغت تسع سنين تقريبا .
الحنابلة - قالوا : يحصل بلوغ الصغير ذكرا كان أو أنثى بثلاثة أشياء : .
أحدها : إنزال المني يقظة أو مناما سواء كان باحتلام أو جماع أو غير ذلك .
الثاني : نبات شعر العانة الخشن الذي يحتاج في إزالته إلى الموسى . أما الشعر الرقاق " الزغب " فإنه ليس بعلامة .
الثالث : بلوغ سنهما خمس عشرة سنة كاملة وتزيد الأنثى على الذكر بشيئين : .
أحدهما : الحيض . ثانيهما : الحمل ويقد وقت بلوغها بما قبل وضعها بستة أشهر . ويعرف بلوغ الخنثى " المشكل " بأمور : منها : تمام خمس عشرة سنة أيضا .
ومنها : إنبات شعر العانة . ومنها غير ذلك