القرض بفتح القاف وقد تكسر وأصله في اللغة : القطع فسمي المال الذي تعطيه لغيرك ثم تتقاضاه منه قرضا لأنه قطعة من مالك . وأما الاستقراض : فهو طلب القرض يقال : استقرض منه : أي طلب منه القرض فأقرضه . وأما المقارضة والقراض - بكسر القاف - فهما بمعنى واحد وهو أن يعطي شخص لآخر مالا ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما على ما شرطا وأما معنى القرض في اصطلاح الفقهاء فإن فيه تفصيلا في المذاهب .
( المالكية - قالوا : معنى القرض في الاصطلاح هو أن يدفع شخص لآخر شيئا له قيمة مالية بمحض التفضل بحيث لا يقتضي ذلك الدفع جواز عارية لا تحل على أن يأخذ عوضا متعلقا بالذمة أصلا بشرط أن لا يكون ذلك العوض مخالفا لما دفعه . فقوله ما له قيمة مالية خرج به ما ليس كذلك كما إذا أعطاه قطعة نار ليوقد بها حطبه ونحو ذلك مما جرت العادة بأن يتبادله الناس من الأمور التافهة فإنه لا يكون قرضا لأنه ليس له قيمة مالية : وقوله بمحض التفضل معناه أن تكون منفعة القرض عائدة على المقترض فقط خرج به عقد الربا لأنه قرض في نظير منفعة تعود على المقرض . وخرج بقوله لا يقتضي إمكان عارية خرج به عقد العارية لأنه يجيز انتفاع المستعير بالعارية وهو لا يسمى قرضا . وقوله على أن يأخذ عوضه خرج به الهبة بلا عوض . وخرج بقوله بشرط أن لا يكون العوض مخالفا لما دفعه السلم والصرف فإن عقد السلم يقتضي أن يكون رأس مال السلم مخالفا للمسلم فيه .
وكذلك الصرف فإن أحد البدلين مخالف للآخر . وقوله آجلا خرج به المبادلة المثلية كأن يأخذ منه إردب قمح ويعطيه مثله في الحال فإن هذا لا يسمى قرضا بل مبادلة ويصح القرض في كل ما يصج أن يسلم فيه سواء كان عرض تجارة أو حيوان أو مثلي .
الحنفية - قالوا : القرض : هو ما تعطيه من مال مثلي لتتقاضى مثله فيشترط في القرض أن يكون مثليا : وحد المثلي : هو الذي لا تتفاوت آحاده تفاوتا تختلف به القيمة وذلك كالمكيلات والمعدودات المتقاربة كالبيض والجوز الشامي " عين الجمل " والموزونات أما ما ليس مثليا كالحيوان والحطب والعقار ونحوه مما يقدر بالقيمة فإنه لا يصح قرضه . ومثله المعدودات المتفاوتة تفاوتا به القيمة كالبطيخ والرمان ونحوهما مما تقدم في السلم فإنه لا يصح قرضه . فإذا اقترض شيئا من ذلك وقع القرض فاسدا ولكنه يملك بالقبض : مثلا : إذا اقترض جملا ثم قبضه فإنه يملكه ولكن لا يحل له لأت ينتفع به على أي وجه فإذا باعه فإن بيعه يقع صحيحا نظرا للملك ولكنه يأثم بذلك لأن الفاسد يجب فسخه والبيع مانع من الفسخ فقد فعل ما ينافي الواجب فيأثم بذلك .
الشافعية - قالوا : القرض يطلق شرعا بمعنى الشيء المقرض بفتح الراء فهو اسم مفعول ومنه قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } فإن القرض هنا معناه القرض الموصوف بكونه حسنا . ويطلق على المصدر بمعنى الإقراض . ويسمى القرض سلفا . وهو : تمليك الشيء على أن يرد مثله فما جرت به العادة في زماننا من دفع " النقوط " في الأفراح لصاحب الفرح في يده أو يد من أذنه كأرباب الحرف يكون قرضا لأنه تمليك لمال على أن يرد مثله وقال بعضهم : إنه هبة لا يرد . وبعضهم يقول : ينظر للعادة في ذلك .
الحنابلة - قالوا : القرض : دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله وهو نوع من السلف لانتفاع المقترض بالشيء الذي يقترضه وهو عقد لازم إذا قبضه المقترض فليس للمقرض الرجوع فيه لكونه أزال ملكه بعوض سيأخذه .
أما المقترض فليس بلازم في حقه . فله أن يعدل عن القرض كما هو ظاهر )