السلم - بفتح السين واللام - اسم مصدر لأسلم ومصدره الحقيقي الإسلام ومعناه في اللغة : استعجال رأس المال وتقديمه ويقال للسلم سلف لغة إلا أن السلم لغة أهل الحجاز والسلف لغة أهل العراق . على أن السلف أعم من السلم لأنه يطلق على القرض . فالسلف يستعمل على وجهين : .
أحدهما : القرض الذي لا منفعة فيه للمقرض سوى الثواب من الله تعالى وعل المقترض رده كما أخذه على ما سيأتي بيانه .
والثاني : هو أن يعطي ذهبا أو فضة في سلعة معلومة إلى امد معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف وفي هذا منفعة للمسلف . والوجه الثاني : هو الذي يقال له سلم .
والسلف اسم مصدر أسلف ومصدره الحقيقي إسلاف . ويقال أيضا سلفه ومصدره التسليف .
أما تعريفه اصطلاحا عند الشرعيين ففيه تفصيل المذاهب .
( الشافعية - قالوا : السلم بيع شيء موصوف في ذمة بلفظ سلم ك أن يقول : أسلمت غليك عشرين جنيها مصرية في عشرين إردبا من القمح الموصوف بكذا على أن أقبضها بعد شهر مثلا .
أما إن كان بلفظ البيع كأن قال : بعني عشرين إردبا من القمح الموصوف بكذا أقبضها بعد مدة معينة بعشرين جنيها ففيه خلاف : فبعضهم يقول : إنه بيع فيصح فيه ما يصح في البيع من تأجيل الثمن وتأخير قبضه في المجلس وجواز استبداله بغيره وشرط الخيار فيه وبعضهم يقول إنه سلم لأن العقد في معنى السلم ولا نظر للفظ فلا يصح استبدال ثمنه بغيره فإذا كان الثمن ذهبا فلا يصح أن يعطيه حنطة كما لا يصح استبدال المثمن - وهو المسلم فيه فإذا أسلم في حنطة فلا يصح أن يدفع بدلها ذرة وكذلك لا يصح تأجيل قبض الثمن عن المجلس ولا يصح شرط الخيار فيه . ولكن المعتمد أن السلم لا يتحقق إلا إذا ذكر لفظ السلم فإذا ذكر لفظ البيع كان بيعا وهذا أحد أمور ثلاثة تتوقف على لفظ مخصوص وهي : السلم والنكاح والكتابة .
الحنفية - قالوا : السلم هو شراء آجل بعاجل . ويسمى صاحب النقدين الذهب والفضة : مسلم - بكسر اللام - كما يسمى رب السلم . ويسمى صاحب السلعة المؤجلة : مسلم إليه وتسمى السلعة كالقمح والزبد : مسلم فيه . ويسمى الثمن : رأس مال السلم فإذا أراد شخص أن يشتري قمحا مؤجلا إلى أجل مسمى بنقد يدفعه فورا كان ذلك سلما ويسمى المشتري مسلما والبائع مسلما إليه والقمح مسلما فيه والثمن رأس مال السلم ولا يشترط فيه أن يكون بلفظ السلم ولا بلفظ السلف بل ينعقد البيع والشراء بلفظ السلم أيضا .
المالكية - قالوا : السلم عقد معاوضة يوجب شغل ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين فقوله معاوضة معناه : ذو عوض يدفعه كل واحد من طرفي العقد لصاحبه خرج به الهبة والصدقة وغيرهما من العقود التي لا معاوضة فيها بل فيها بذل من جانب واحد فقط وقوله بغير عين خرج به بيع سلعة بعين مؤجلة من ذهب أو فضة كما تقدم في تعريف البيع وقوله ولا منفعة . خرج به كراء الداء ونحوه المضمون فإنه عقد معاوضة بغير عين ولكن أحد عوضيه منفعة وقوله غير متماثل العوضين خرج به السلف " القرض " فإن المقترض يرد ما أخذه كما هو .
الحنابلة - قالوا : السلم عقد على شيء يصح بيعه موصوف في الذمة إلى أجل . والذمة هي وصف يصير به المكلف أهلا للإلزام والالتزام وهو معنى عام عند غيرهم وقد تقدم . ويصح بلفظ البيع كأن يقول : ابتعت منك قمحا صفته كذا وكيله كذا أقبضه بعد شهر مثلا كما يصح بلفظ سلم وسلف . بل يصح بكل ما يصح به البيع كتملكت واتهبت ونحوه )