هو بيع الذهب بالذهب والفضلة بالفضة أو بيع أحداهما بالآخر . وقد علمت أن الصرف من أقسام البيع العام فما كان ركنا للبيع فهو ركن للصرف إلا أنه يشترط للصرف شروط زائدة على شروط البيع الخاص : .
أحدها : أن يكون البدلان متساويين . سواء كانا مضروبين كالجنيه والريال ونحوهما من العملة المصرية المأخوذة من الذهب والفضة وغيرها أو كانا مصوغين كالأسورة والخلخال والقرط والحلق والقلادة والكردان ونحو ذلك فلا يصح أن يبيع جنيها بجنيه مع زيادة قرش فأكثر كما لا يصح أن يبيع أسورة زنتها عشرون مثقالا بأسورة زنتها خمسة وعشرون وإن اختلف نقشهما وصياغتهما .
ثانيها : الحلول فلا يصح أن يبيع ذهبا بذهب أو فضة بفضة مع تأجيل قبض البدلين أو أحدهما ولو لحظة .
ثالثها : التقابض في المجلس : بأن يقبض البائع ما جعل ثمنا ويقبض المشتري ما جعل مبيعا فإن افترقا بأبدانهما قبل القبض فقد بطل العقد . وأما بيع أحد الجنسين بالجنس الآخر أعني بيع الذهب بالفضة بوالعكس فإنه لا يشترط فيه التساوي فيجوز أن يشترط الجنيه الذي قيمته مائة قرش فأكثر من الفضة . وإنما يشترط له شرطان : .
ثانيهما التقابض في المجلس . ومثل ( الحنفية - قالوا : إن باقي الأصناف التي يدخلها الربا كالطعام ليست كالذهب والفضة في شرط التقابض في المجلس لأن الذهب والفضة لا يتعينان بالتعيين فلا يملك ما بيع من الذهب بعينه ولا الفضة بعينها إلا بالقبض فإذا باع له هذا الجنيه بخصوصه بخمسين قطعة من ذات القرشين فإن للبائع أن يبدله بعد هذا بجنيه آخر غيره . ومثل ذلك قطعة الذهب التي تباع بمثلها فإنها لا تملك بالتعيين وإنما تملك بالقبض . فلهذا شرط في بيع الذهب والفضة التقابض في المجلس سواء كان مضروبين أو مصوغين . أما باقي الأصناف فإنها تتعين بالتعيين فإذا اشترى هذا الإردب من القمح بهذين الإردبين من الشعير فقد تعينا بذلك فلا يصح للبائع أو المشتري أن يبدله بغيره . فلا يشترط التقابض في المجلس بالنسبة لها . وإنما يشترط فيها ثلاثة أمور : .
الأول : أن يكون المبيع والثمن موجودين في ملك البائع والمشتري .
الثاني : أن يتعين المبيع والثمن فلو باعه إردبا من الحنطة بإردب من الحنطة بدون أن يعين الإردبين لم يصح .
الثالث : أن ما يجعل مبيعا لا يصح أن يكون دينا وإنما يصح ذلك في الثمن . فإذا باعه إردبا من هذه الحنطة المعينة بإردب من حنطة جيدة ولكنها غائبة فإنه يصح البيع وإنما يشترط في هذه الحالة أن يحضر المشتري الثمن وهو الإردب من الحنطة الجيدة ويقبضه البائع في المجلس لما علمت من أنه يشترط تعيين المبيع والثمن . والدين لا يتعين إلا بالقبض فلا بد من قبضه في المجلس . فإذا قبضه البائع ولم يقبضه المشتري المبيع فإنه لا يضر . أما إذا جعل المبيع دينا كأن قال : اشتريت منك إردبا من الحنطة الجيدة بهذين الإردبين من الشعير فإنه لا يصح مطلقا ولو أحضر له الحنطة المبيعة في المجلس لأنه جعل الدين مبيعا وهو غير موجود فكأنه اشترى ما ليس عنده فلا يصح البيع أصلا ) الذهب والفضة في ذلك باقي الأصناف الربوية التي تقدم بيانها .
أما القروش وغيرها المأخوذة من معادن أخرى غير الذهب والفضة " كالنيكل والبرونز والنحاس " وتسمى فلوسا فإن لها أحكاما في المذاهب .
( الشافعية - قالوا : الفلوس لا يدخلها الربا سواء كانت رائجة يتعامل بها أو لا على المعتمد . فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا إلى أجل فإذا باع عشرين قرشا صاغا من العملة المصرية بخمسين قرشا من القروش التعريفة يدفعها بعد شهر فإنه يصح مع وجود زيادة خمسة قروش .
الحنابلة - قالوا : إذا اشترى فلوسا يتعامل بها مأخوذة من غير الذهب والفضة فإنه يجوز شراؤها بالنقد متفاضلة إلى أجل فيصح أن يشتري ثلاثين قرشا صاغا من العملة المصرية " القروش " بريالين يدفعهما بعد شهر ولكن نقل بعضهم أن الصحيح في المذهب أن التأجيل لا يجوز وأن شراء الفلوس بالنقدين يصح ن \ متفاضلا ولكن بشرط التقابض في المجلس .
الحنفية - قالوا : الفلوس المأخوذة من غير الذهب والفضة إذا جعلت ثمنا لا تتعين بالتعيين فهي مثل النقود المأخوذة من الذهب والفضة إلا أنه يصح بيع بعضها ببعض مفاضلة ولا يشترط فيها التقابض من الجانبينن فإذا اشترى قرشا " من الصاغ " بقرش من " التعريفة " أكثر منها لأجل فإنه يصح إذا قبض القروش الصاغ وأما إذا افترقا قبل أن يقبض أحدهما فإنه لا يصح .
المالكية - قالوا : الفلوس هي ما اتخذت من النحاس ونحوه وهي كعروض التجارة . فيجوز شراؤها بالذهب والفضة كما يجوز أن يشتري بها حليا فيه ذهب وفضة أما شراؤه بالذهب فقط أو بالفضة فإنه لا يجوز نقدا سواء كانت الفضة أقل من الذهب أو العكس )