قد عرفت أن التمر من الأصناف التي يدخلها الربا بنص الحديث فلا يصح بيعه بجنسه إلا مثلا بمثل يدا بيد . ويقاس على التمر الفاكهة على تفصيل في المذاهب .
( المالكية - قالوا : إن الفواكه الرطبة جميعها مثل الخضر لا يدخلها ربا الفضل لأنها غير صالحة للادخار كالمشمش والخوخ والتفاح والموز والبطيخ والقثاء والليمون والجزر والقلقاس والنارنج وغير ذلك من الفواكه والخضر التي لا يمكن ادخارها فيصح بيع كل جنس منها ببعضه وبجنس آخر متماثلة ومتفاضلة بشرط التقابض . أما بيعها متفاضلة لأجل كأن يبيع خمس بطيخات الآن بعشرة يأخذها بعد شهر فإنه لا يصح لأنك قد عرفت أن العلة في تحريم ربا النساء في الطعام مجرد كونه مطعوما والتمر جميعه رطبه ويابسه من الأصناف التي يدخلها الربا بنص الحديث . وهو جنس واحد وإن اختلفت أنواعه . كتمر زغلول وسمان وأسيوطي وواحي ومغربي وغيرها فلا يجوز بيع بعضه متفاضلا ولو من نوعين مختلفين فلا يصح بيع رطل من الزغلول برطلين من السماني مثلا وهكذا . وإنما يصح بيعه مثلا بمثل يدا بيد . ومثل التمر الزبيب فإنه جنس واحد وإن اختلفت أنواعه كالزبيب البناتي وغيره فلا يصح بيعها ببعضها مفاضلة وقد اختلف في العنب الرطب قبل أن يصير زبيبا . فقال بعضهم : إنه من الأصناف التي يدخلها ربا الفضل فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا مهما اختلفت أنواعه كأزميري وفيومي وأمريكي وبعضهم يقول : إنه لا يدخله ربا الفضل لكونه غير صالح للادخار أنواعه كأزميري وفيومي وأمريكي وبعضهم يقول : إنه لا يدخل ربا الفضل لكونه غير صالح للادخار وهو رطب .
وهل يجوز التمر الجديد بالتمر القديم ؟ خلاف : فقيل . يصح وقيل : لا يصح لعدم تحقيق المماثلة . أما بيع الرطب اليابس بمثله واليابس بمثله فإنه جائز وأما الفواكه الجافة : كالجوز واللوز والمشمش الحموي والهندي والفستق والبندق وغيرها فإنها أجناس مختلفة يدخلها ربا الفضل وربا النسيئة على التحقيق لأنها تدخر وتقتات كما تقدم .
الحنفية - قالوا : جميع الفواكه والخضر التي تباع بالوزن أو الكيل يدخلها الربا قياسا على التمر كما سبق .
ثم إن تمر النخيل جميعه جنس واحد وإن تعددت أصنافه فلا يصح بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد لا فرق في ذلك بين جيده ورديئه . لأن الجودة والرداءة لا تعتبر في الأصناف الربوية إلا في مال اليتيم فإنه لا يجوز للموصي أن يبيع الجيد من مال اليتيم بجنسه إذا كان رديئا .
ويصح أن يبيع الرطب من التمر باليابس كما يصح أن يبيع المبلول من الحنطة باليابس . كذلك يصح بيع الرطب واليابس من باب أولى .
ويصح بيع التمر المبلول " المنقع " باليابس ومثله بالزبيب والتين . وكما أن تمر النخيل جميعه جنس واحد فكذلك العنب جنس واحد وإن اختلفت أنواعه . كالأزميري والأمريكي والبلدي والفيومي فكله جنس واحد لا يصح بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد . وهل يصح بيع الرطب من العنب بالجاف " الزبيب ؟ " فقيل : يصح بيع الزبيب بالعنب مثلا بمثل كيلا . وقيل : لا يصح لانتفاء المماثلة . وكذلك الحال في كل ثمرة لها حال جفاف كالتين والمشمش والجوز والكمثرى والرمان فإنه يجوز بيع رطبها بيابسها كما يصح بيع رطبها برطبها .
وثمر كل شجرة تغاير الأخرى جنس على حدته فالكمثرى جنس والتفاح جنس والبرقوق جنس والموز جنس والجوافة جنس وهكذا فلا يصح بيع جنس من هذه الأجناس ببعضه إلا متماثلا يدا بيد . ويصح أن يبيع كل جنس منه بالجنس الآخر متفاضلا بشرط التقابض .
والمراد بالتقابض في الذهب والفضة : أن يقبض البائع الثمن من المشتري والمبيع في المجلس . أما في بيع الطعام بالطعام فإن المراد بالتقابض فيه التعيين سواء كان بجنسه أو بغير جنسه فإذا باع ثوبا من القماش الأبيض " البفتة " بمثله فإن الشرط أن يعين كلا من الثوبين وبينهما ولا يلزم قبضهما في المجلس كما سيأتي .
وما يباع من الفاكهة بالعدد كالمنجا والبرتقال فإنه لا يدخله ربا الفضل فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا . ومثل ذلك البطيخ " الحرش " والشمام وهكذا .
الحنابلة - قالوا : التمر جميعه جنس واحد وإن اختلفت أنواعه وكذلك كل ثمرة شجرة يختلف أصلها كالكمثرى والتفاح فهما جنسان مختلفان لاختلاف أصلهما . وكذلك البرقوق والخوخ ونحوها فكلها أجناس مختلفة لا يصح بيع الجنس الواحد منها ببعضه إلا يدا بيد متماثلة .
ولا يصح بيع رطب الجنس الواحد بيابسه فلا يصح بيع العنب بالزبيب ولا بيع التمر اليابس بالرطب ولا بيع العجوة بالتمر . أما بيع رطب التمر بمثله متساويا فإنه يصح وكذلك بيع العنب الرطب بمثله متساويا فإنه يصح .
وكذلك المشمش الرطب بمثله والتوت والتين ونحوها فإنه يصح بيعها بجنسها متساويا ولا يصح بيع عجوة منزوعة النوى بعجوة بها نواها .
الشافعية - قالوا : جميع الفواكه والخضر يدخلها الربا لأن العلة في التحريم الطعمية كما مر .
ثم إن الثمرة التي يعرض لها الجفاف تعتبر المماثلة فيها وقت الجفاف أي في الوقت الذي يحصل فيه كمالها فلا يصح أن يباع رطب برطب لأن المماثلة بينهما إنما تتحقق وقت الجفاف وهي مجهولة في حالة كونها رطبا فلا يصح البيع .
وكذلك لا يصح بيع تمر بتمر قبل الجفاف لا بيع عنب بعنب ولا بيع عنب بزبيب لأن المماثلة . إنما تعتبر عند الجفاف .
أما الفاكهة التي لا جفاف لها كالعنب الذي لا يصنع زبيبا والقثاء فإنه لا يجوز بيع بعض جنسه ببعض مطلقا )