الفاسد ( الحنفية - قالوا : إن الباطل والفاسد في البيع مختلفان فلكل واحد منهما معن يغاير معنى الآخر فالباطل هو ما اختل ركنه أو محله وركن العقد هو بالإيجاب والقبول كما تقدم . فإذا اختل ذلك الركن كأن صدر من مجنون أو صبي لا يعقل كان البيع باطلا غير منعقد . وكذلك إذا اختل المحل وهو المبيع كأن كان ميتة أو دما أو خنزيرا فإن اليع يكون باطلا . وأما الفاسد فهو ما اختل فيه غير الركن والمحل كما إذا وقع خلل في الثمن بأن كان خمرا . فإذا اشترى سلعة يصح بيعها وجعل ثمنها خمرا انعقد البيع فاسدا ينفذ بقبض المبيع ولكن على المشتري أن يدفع قيمته غير الخمر لأن الخمر لا يصلح ثمنا كما تقدم . وكذلك إذا وقع الخلل فيه من جهة كونه غير مقدور التسليم كما إذا باع شيئا مغصوبا منه ولا يقدر على تسليمه أو وقع الخلل فيه من جهة اشتراط شرط لا يقتضيه العقد كما سيأتي فإن البيع في هذه الأحوال فاسدا لا باطلا . ويعبرون عن الباطل بما لم يكن مشروعا بأصله ووصفه ويريدون بأصله ركنه ومحله كما عرفت ومعنى كون الركن مشروعا . أن لا يعرض له خلل ومعنى كون المحل مشروعا : أن يكون مالا متقوما . وقد تقدم تعريف المال المتقوم في تعريف البيع ويريدن بوصفه ما كان خارجا عن الركن والمحل كالشرط المخالف لمقتضى العقد وكالثمنية فهي صفة تابعة له وإن كان البيع يتوقف على الثمن أيضا ولكن الأصل فيه المبيع ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون هلاك الثمن لأن الثمن ليس مقصودا وإنما هو وسيلة للانتفاع بالأعيان فاعتبر من هذه الناحية وصفا خارجا عن البيع وحكم البيع الفاسد : أنه يفيد الملك بالقبض بخلاف البيع الباطل فإنه لا يفيد الملك أصلا وسيأتي .
وأما البيع الموقوف وهو بيع ما تعلق به حق للغير فإنه من أقسام الصحيح لأنه ينعقد بدون أن يتوقف على القبض ) والباطل بمعنى واحد في عقود البيع فكل فاسد باطل وبالعكس وهو ما اختل فيه شيء من الشروط والأركان التي سبق ذكرها والبيوع الفاسدة كلها محرمة فيجب على الناس اجتابها . وهي كثيرة : .
منها ( الحنفية - قالوا : بيع الملاقيح وبيع حبل الحبلة وبيع المضامين باطل لا فاسد للعلة المذكورة فالخلل في المبيع يوجب بطلان العقد كما عرفت ) : بيع الجنين وهو في بطن أمه كما إذا كانت عنده ناقة حامل فباع جنينها قبل أن تلده فإن ذلك بيع فاسد لا يحل ويسمى ذلك بيع الملاقيح جمع ملقوحة : وهي ما في البطون من الأجنة .
ومنها : نتاج النتاج إذا كانت عنده نعجة حامل فباع ما يتناسل من حملها ويسمى هذا حبل الحبلة وهو أظهر فسادا من الأول .
ومنها بيع ما في أصلاب ذكور الحيوانات من المني ويسمى بيع المضامين : أي ما تضمنته أصلاب الحيوانات من المني فمن كان عنده جمل أو حمارا أو ثور ونحوها وطلبه منه أحد ليستولد به أنثى من جنسه فإنه لا يحل له أن يبيعه ماء ذلك الفحل لأن ماء الفحل ليس مالا متقوما حتى يباع فضلا عن كونه غير مقدور على تسليمة لأنه قد يمتنع عن طريق الأنثى فلا يستطيع أحد إجباره . وكما لا يصح بيع مني الفحل فكذلك لا تصح ( المالكية - قالوا : يصح استئجار الفحل ليطرق الأنثى من جنسه لتحمل زمانا معينا كيوم أو يومين أو ليطرقها مرة أو مرتين أو مرات متعددة فإن حملت - ويعرف حملها بإعراضها عن قبول الفحل - كان لصاحبها الحق في أجرة المدة التي قضاها عنده أو المرات التي طرق بها الأنثى فيحاسب بنسبة ذلك من أصل الأجرة أما تأجيره بدون تعيين زمان أو مرات حتى تحمل الأنثى فإنها إجارة فاسدة لجهالة ذلك وربما لا تحمل الأنثى مطلقا فيقع النزاع بينهما ومن ذلك ما إذا باع شخص لآخر بشرط أن ينفق عليه مدة حياته كأن قال له : بعتك داري بشرط أن تنفق علي نفقة المثل ما دمت حيا فإن البيع يفسد في هذه الحالة لجهالة مدة الحياة نعم إذا عين مدة معلومة كأن قال له : بعتك داري عى أن تنفق علي عشر سنين مثلا فإنه يصح . وإذا مات البائع أثناء المدة انتقل حقه لورثته أو لبيت المال أما إذا قال له : وهبتك داري لتنفق علي مدة الحياة . أو مدة معينة فإنه لا يصح ) .
إجارته لمن يطلبه ليطرق الأنثى وينبغي له يملكه أن يعيره خصوصا إذا توقف عليه التناسل في جهته فإذا أبى أن يعيه فإنه يصح أن يستأجره منه مدة لعمل مطلق بحيث لا يذكر إنزاءه على الأنثى ولا غيره وله بعد ذلك أن يستعمله في هذا الغرض