إذا عرضت زيادة على المبيع الذي يظهر فيه عيب فتارة تكون هذه الزيادة متصلة به كجزء منه وتارة تكون منفصلة عنه وفي أحكامها تفصيل المذاهب .
( الشافعية - قالوا : الزيادة التي تعرض للمبيع أو للثمن إذا كان قابلا للزيادة كالحيوان والزرع ونحو ذلك تارة تكون متصلة وتارة تكون منفصلة وضابط المتصلة هي التي لا يمكن فصلها عن محلها وإفرادها بالبيع على حدة وذلك كما إذا اشترى حيوانا فسمن بعد أن كان هزيلا أو كبر بعد أن كان صغيرا فإن السمن والكبر متصل بالحيوان وجزء منه لا يمكن فصله عنه . وكذا إذا اشترى شجرة صغيرة فكبرت . أما الزيادة المنفصلة فهي التي يمكن فصلها عن محلها وبيعها على حدة كثمرة الشجرة واللبن والبيض . وحكم الزيادة المتصلة : أنها تتبع الأصل في الرد فإذا اشترى حيوانا فسمن أو كبر بعد العقد ثم وجد فيه عيبا يرد به فإن زيادته هذه تكون تابعة له في الرد . فلا يكون للمشتري الحق في أخذ تعويض عنها من البائع . وحكم الزيادة المنفصل . أنها تكون لمن حدثت في ملكه فإن كان المبيع قد دخل في ملك المشتري بالعقد فله ما ينفصل عنه من ثمرة كلبن وبيض وصوف وإن رد المبيع قبل قبضه لأن هذه الزيادة فرع الملك والفسخ يبطل العقد من حين الفسخ لا من حين العقد . ومثل المبيع في ذلك الثمن إذا ملكه البائع فإن له ما ينفصل عنه من ثمره .
وإذا اشترى دابة حاملا فلا يخلو : إما أن يكون ذلك الحمل قد حدث وهو في ملك البائع بأن كان قبل العقد أو مقارنا له أو حدث في ملك المشتري وحكم الأول أنه يتبع أمه في الرد ولو بعد الولادة فإذا رد أمه بالعيب لزمه أن يرد ولدها معها وإذا نقصت بسبب الولادة لا يعتبر ذلك النقصان عيبا يمنع المشتري من الرد على المعتمد . ومثل الحمل المقارن الحمل الذي حدث قبل العقد . أما إذا حدث الحمل في ملك المشتري فلا يتبع الولد أمه في الرد بل يأخذه المشتري بعد ولادته .
الحنفية - قالوا : الزيادة التي تعرض للمبيع قسمان : متصلة به ومنفصلة عنه وكل منهما قسمان : متولدة من المبيع وغير متولدة منه . فالأقسام أربعة . الأول : زيادة متصلة بالمبيع متولدة عنه ككبر الحيوان وسمنه وحكمها أنها لا تمنع رد المبيع الذي يظهر به عيب قديم على الصحيح سواء عرضت له هذه الزيادة بعد أن قبضه المشتري أو عرضت له بعد عقد البيع وقبل أن يقبضه فإذا حيوانا هزيلا فسمن عنده بعد قبضه أو اشتراه فسمن عند البائع قبل قبضه ثم تبين له أن به عيبا يرد به فإن له الحق في رده ولا يمنعه السمن من الرد . وكذلك إذا اشتراه صغيرا فكبر كما أن له الحق في أن يمسك المبيع ويرجع على البائع بالعوض عن نقص المبيع بسبب العيب وليس للبائع أن يمنع عن دفع العوض عن النقص ويطلب رد المبيع بأن يقول للمشتري : إما أن ترد لي المبيع وتأخذ ثمنه كاملا وإما أن تمسكه بدون عوض .
الثاني : زيادة متصلة بالمبيع غير متولدة منه كصبغ الثوب والبناء الحادث على الأرض فإنه متصل بالمبيع ولكنه غير متولد منه وحكمها : أنها تمنع رد المبيع باتفاق فإذا اشترى أرضا ثم بنى عليها أو اشترى ثوبا فصبغه ثم وجد به عيبا فليس له رده به حتى ولو قال البائع : أنا أقبله كذلك وإنما له الحق في المطالبة بالتعويض عن النقص . سواء حدثت الزيادة قبل أو بعد قبضه لأنها قبل قبضه تكون تصرفا في المبيع يكون به قابضا .
الثالث : زيادة منفصلة متولدة من المبيع كالولد واللبن والصوف إذا كان المبيع حيوانا والتمر إذا كان المبيع شجرا وحكمها : أنها تمنع الرد بالعيب بعد القبض لا قبله فإذا اشترى دابة حبلى فولدت له ثم وجد بها عيبا قديما ترد فإن كان ذلك بعد قبضها فليس له ردها بالعيب وإنما له المطالبة بالعوض عن العيب . أما إذا كان ذلك قبل قبضها فإن الولادة لا تمنع الرد فإن شاء رد الولد مع أمه وأخذ الثمن وإن شاء رضي بهما بجميع الثمن . وكذا إذا اشترى شجرة فأثمرت فإن كان بعد قبضها فليس له ردها بالعيب وإن كان قبل قبضها فله ردها بثمرها ومثل ذلك ما إذا اشترى حيوانا لا يحلب لبنا فحلب بعد شرائه أو ليس له صوف فنبت له فإن حكمه كذلك .
الرابع : زيادة منفصلة غير متولدة من المبيع كالزيادة الحاصلة من غلة المبيع وكسبه كما إذا اشترى عبدا فكسب مالا بتجارة أو وهبه أحد مالا أو تصدق عليه بمال وحكمها أنها قبل القبض لا يمنع رد المبيع فللمشتري أن يرده دون هذه الزيادة فإنها للمشتري بدون ثمن ولكن لا تطيب له وقيل : هي للبائع ولكن لا تطيب له أيضا أما بعد القبض فإن الزيادة المذكورة لا تمنع الرد أيضا ولكن المشتري يرد المبيع فقط وتكون الزيادة له طيبة .
المالكية - قالوا : الزيادة التي تحدث في المبيع عند المشتري قبل أن يطلع عيب قديم فيه تنقسم إلى خمسة أقسام : .
القسم الأول : زيادة في عين المبيع من غير إحداث شيء فيه كسمن الدابة وكبر الصغير فإذا اشترى دابة هزيلة فسمنت عنده سمنا زائدا ثم اطلع على عيب قديم ترد به ففي ذلك خلاف فقيل : إن سمنها يمنع ردها للبائع وللمشتري الحق في المطالبة بالتعويض عن نقص العيب وقيل : إن سمنها يمنع ردها فالمشتري مخير بين أن يردها ويأخذ كل الثمن ولا شيء له من الزيادة كما أنه لا شيء عليه من العوض عن السمن الكثير وبين أن يمسكها ويأخذ عوض العيب القديم أما إذا كان السمن يسيرا يصلح به البدن فإنه لغو لا يترتب عليه شيء .
القسم الثاني : زيادة من جنس المبيع تنسب إليه كالولد فإذا اشترى دابة فولدت عنده سواء اشتراها حاملا أو حملت عنده ثم اطلع على عيب قديم ترد بعد ولادتها فللمشتري الحق في رد هذه الدابة ومعها ولدها ويأخذ الثمن ولا فرق في ذلك بين أن يكون ولد أمه . أو ولد بقر أو إبل أو غنم أو نحوها وإذا أنقصت الولادة قيمة الدابة فلا يخلو : إما أن يكون الولد يجبر ذلك النقص أو لا فإن كان الولد يجبر النقص فلا شيء على المشتري وإن كان لا يجبره فعلى المشتري أن يرد معها ما نقص من قيمتها .
القسم الثالث : زيادة تنسب للمبيع وتتعلق به ولكن ليست من جنسه كثمر النخلة والشجرة فإن الثمر ليس من جنس الشجر وهو منسوب إليه ومتعلق به . وحكم هذا أنه لا يخلو : إما أن يكون البائع قد لقح النخلة حين الشراء واشترط على المشتري أن تكون ثمرتها له أو لا . فإذا كان الأول ثم تبين أن بها عيبا ترد به فإن للمشتري أن يرد المبيع وأن يرد معه ثمره ولو كان الثمر قد طاب أو قطع فإن تصرف فيه المشتري بأكل أو إهداء أو هلك بآفة فعلى المشتري أن يرد مثله إن علم قدر كيله فإن لم يعلم كيله فعليه أن يرد قيمته وإن تصرف فيه بالبيع فعليه رد الثمن إن علمه وعليه رد القيمة إن جهل الثمن .
أما إذا لم يكن البائع قد لقح الشجرة فإن ثمرتها للمشتري إذا قطعها قبل أن يردها فلا يردها للبائع حينئذ . أما إذا رد المبيع قبل قطع الثمرة فإن الثمرة ترد من البيع للبائع إلا إذا تلونت بأن احمرت أو اصفرت فإنها تكون للمشتري .
وإذا لم يشترط البائع أن تكون الثمرة له فإنها لا تدخل في المبيع وتكون من حق البائع على أي حال بخلاف الصوف فإنه يدخل في الغنم بدون شرط شرائه فيرد مع الغنم المعيبة وإذا استهلكه ببيع ونحوه فعليه أن يرد وزنه إن علمه وإلا فعليه أن يرد الغنم ويأخذ الثمن ناقصا ثمن الصوف إلا إذا نبت لها بعد جزء مثله فإنه لا شيء عليه لأن الصوف الجديد حل محل المستهلك .
ومن الزيادة المتعلقة بالمبيع وليست من جنسه ككسب العبد فإنه إذا اشترى عبدا فكسب العبد مالا بسبب تجارة أو وهبه أحد مالا أو تصدق عليه بمال ثم وجد به عيبا قديما يرد به بعد هذه الزيادة كان المشتري بالخيار بين أن يرد بماله الذي كسبه وبين أن يمسكه بزيادته ولا شيء له في الحالتي إلا أن له الحق في المطالبة بثمن الدواء إن كان قد أنفقه وكذا له الحق في المطالبة بسقي الزرع الذي رده مع ثمره .
القسم الرابع : زيادة أحدثها المشتري كصبغ الثوب وخياطته فإذا اشترى ثوبا فصبغه ثم اطلع بعد الصبغ على عيب قديم في الثوب يرد فهو بالخيار بين أن يمسك المبيع ويأخذ التعويض عما أحدثه العيب القديم من النقص وله أن يرد الثوب كله ويأخذ الثمن كله زائدا نصف ثمن الصبغ بأن يقوم الثوب وهو معيب غير مصبوغ أو يقوم وهو معيب مصبوغ فإذا كانت قيمته وهو غير مصبوغ تساوي عشرين وتساوي وهو مصبوغ خمسة وعشرين كان الفرق الذي زاده بالصبغ خمسة فيكون للمشتري الحق في المشاركة فيها .
القسم الخامس : زيادة لا تأثير لها في المبيع وهي الزيادة التي بها تترقى حالة المبيع كما إذا اشترى عبدا فعلمه صنعة أو أدبه تأديبا حسنا فإن مثل هذه الزيادة لا تعتبر وإن زادت بها قيمته فإذا اشترى عبدا فأدبه ثم وجد به عيبا يرد به كان على الخيار بين أن يرده ويأخذ ثمنه أو يمسكه ولا يطالب بتعويض عن نقص العيب .
الحنابلة - قالوا : الزيادة التي تعرض للمبيع تنقسم إلى قسمين : متصلة بالمبيع ومنفصلة عنه فأما المتصلة فهي كسمن الحيوان بعد الهزال وكبره بعد الصغر وحكمها : أن المشتري إذا اطلع على عيب يرد به المبيع بعد حدوث تلك الزيادة فإنه يرده بزيادته المتصلة به طبعا إذا لا يمكن انفصالها منه فنتبعه بحكم الضرورة . ومن الزيادة المتصلة تعلم الأدب والصنعة فإذا اشترى عبدا فعلمه صنعة ثم رده بعيب تبعته صنعته طبعا ومنها ثمرة الشجرة قبل ظهورها فإنها ترد تبعا للمبيع أما بعد ظهورها فإنها تكون زيادة منفصلة وسيأتي حكمها عقب هذا ومن الزيادة المتصلة أيضا إذا اشترى حبا فبذره في الرض فأصبح زرعا ثم أراد رده بالعيب القديم فإن له رده زرعا لا حبا وكذا إذا اشترى بيضا فصار فراخا ثم أرد رده فإنه يرد الفراخ . ومن الزيادة المتصلة أيضا الحمل فإذا اشترى بهيمة أو أمة فحملت بعد الشراء ثم أراد ردها فإنه يردها بحملها أما إذا اشتراها فحملت بعد الشراء بهيمة أو أمة فحملت بعد الشراء ثم أراد ردها فإنه يردها بحملها أما إذا اشتراها فحملت بعد الشراء وولدت فإن الولد يكون زيادة منفصلة لا ترد على البائع بل يأخذه المشتري إلا بعذر كما إذا كان ولد أمة فإنه يرد معها لحرمة التفريق بينهما .
وأما الزيادة المنفصلة فهي كالثمرة بعد ظهورها والحمل بعد ولادته وكسب المبيع مالا بتجارة ونحوها واللبن وحكمها : أنها تكون للمشتري ما دام المبيع في ضمانه كما قدم فإذا رد المبيع بعيب فإن زيادة المنفصلة تكون ملكا للمشتري )