إذا اشترى شخص شيئا غير معين من أمرين كثوبين ثم قبضهما معا ليختار منهما ما يعجبه ففي ذلك تفصيل المذاهب .
( المالكية - قالوا : إذا اشترى شخص من آخرواحدا غير معين من شيئين كثوبين مثلا ثم قبضهما معا ليختار منهما ما يعجبه . فإن هذا البيع على ثلاثة أوجه : الوجه الأول : بيع خيار فقط وهو البيع الذي جعل فيه الخيار " التروي " لأحد المتبايعين في أخذ المبيع ورده كأن يقول البائع : بعتك أحد هذين الثوبين بكذا على الخيار في الأخذ والرد مدة ثلاث أيام وفي هذا الوجه ثلاث صور : الصورة الأولى : أن يدعي ضياعهما معا . الثانية : أن يدعي ضياع أحدهما الثالثة : أن تمضي مدة الخيار ولم يختر أحدهما . وحكم هذا : أن المشتري إذا قبضهما كان عليه ضمانهما فإذا ضاعا معا أو ضاع واحد منهما كان عليه دفع الثمن الذي اشتراهما به للبائع . وإذا مضت مدة الخيار ولم يختر لزماه معا .
الوجه الثاني : بيع اختيار فقط وبيع الاختيار : هو البيع البات الذي لا خيار فيه ولكن البائع يجعل للمشتري التعيين لما اشتراه كأن يقول له : أبيعك أحد هذين الثوبين بيعا باتا بعشرة على أن تختار واحدا منهما في يوم أو يومين .
وفي ذلك الوجه ثلاث صور كالوجه الأول : .
الصورة الأولى : أن يدعي ضياعهما معا .
الثانية : أن يدعي ضياع أحدهما .
الثالثة : أن تمضي مدة الخيار ولم يختر .
وفي كل صورة من الصور الثلاث يكون المشتري ملزما بدفع نصف كل الثمن بأن يضم ثمن الثوبين إلى بعضه ويدفع المشتري نصفه فإذا ضاع أحد الثوبين وكان يساوي عشرة وكان الثوب الباقي يساوي خمسة كان مجموع الثمن خمسة عشر فيلزم بدفع نصفها . الوجه الثالث : بيع خيار واختيار وهو البيع الذي جعل فيه البائع للمشتري الخيار في التعيين وبعد أن يعين واحدا يكون له الخيار في أخذه ورده ثلاثة أيام . وفي ذلك الوجه ثلاث صور أيضا : .
الصورة الأولى : أن يكون الخيار للمشتري ويدعي ضياع الثوبين معا ولا بينة له على ضياعهما وفي هذه الحالة يكو المشتري ملزما بثمن واحد منهما أما الثوب الثاني فيضيع على البائع .
الصورة الثانية : أن يكون الخيار للمشتري أيضا ويدعي ضياع ثوب واحد ولا بينة على ذلك . وفي هذه الحالة يكون المشتري ملزما بنصف ثمن الثوب الضائع وله أن يختار الثوب الثاني إذا كانت مدة الخيار باقية .
الصورة الثالثة : أن تمضي مدة الخيار ولم يختر شيئا منهما وفي هذه الحالة لا يلزمه شيء هذا إذا كان الخيار للمشتري كما ذكرنا فإن كان الخيار للبائع كأن يبيعه واحدا غير معين من ثوبين على أن يكون للبائع الخيار في إمضاء البيع وفسخه فإن المشتري إن ادعى ضياعهما معا فإن عليه أن يدفع للبائع الأكثر من الثمن والقيمة في واحد . وكذا إن ادعى ضياع واحد فإن عليه أن يدفع للبائع الأكثر من الثمن والقيمة في نصف ثمن واحد إلا أن يحلف بأنه قد ضاع وما فرط فإنه حينئذ يضمن الثمن لا القيمة . ومحل ذلك إذا لم تكن للمشتري بينة فإن شهدت له بينة بضياع الثوبين أو أحدهما فلا شيء عليه للبائع .
الحنفية - قالوا : إذا طلب المشتري من البائع ثوبا فأعطاه ثلاثة وبين له ثمن كل واحد منهما كأن قال له : هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين . ثم قال له : الثوب الذي يعجبك منها بعته لك فاستلمها المشتري على ذلك فضاعت عنده فإن في ذلك أربع صور : الصورة الأولى : أن تضيع كلها دفعة واحدة أو تضيع كلها متعاقبة ولكنه لا يعلم في الحالتين أي الأثواب ضاع أولا وحكم هذه الصورة : أن المشتري يلزم بدفع قيمة ثلث الجميع . الصورة الثانية : أن تضيع كلها دفعة أو متعاقبة ولكن المشتري يعرف الثوب الذي ضاع أولا وحكم هذه الصورة : أن المشتري يلزم بقيمة الثوب الذي ضاع أولا والثوبان الآخران يكونان أمانة لا شيء عليه في ضياعهما . الصورة الثالثة : أن يهلك اثنان فقط ويبقى الثالث وفي هذه الحالة يلزم المشتري بنصف ثمن كل من الاثنين الضائعين ورد الثالث لأنه يكون أمانة يجب ردها . وإذا حصل نقص في الثوب الثالث لا يلزم المشتري به . الصرة الرابعة : أن يضيع ثوب واحد فقط ويبقى اثنان وفي هذه الحالة يلزم المشتري بدفع قيمة الثوب الضائع ورد الثوبين الباقيين .
ويسمى مثل هذه المسألة بالمقبوض على سوم الشراء وحاصله أن كل مبيع قبضه المشتري ليشتريه على أن يكون له الخيار فيه بعد أن عرف ثمنه ولم يعارض فيه فإنه يضمنه إذا هلك في يده بقيمته . أما إذا استهلكه هو فإنه يضمنه بثمنه على التحقيق وتعتبر القيمة من يوم قبضه . أما إذاقبضه لا على وجه الشراء بل على وجه النظر كأن قال البائع : هذا الثوب بعشرة فقال له : هاته حتى أنظر فيه أو حتى ينظر فيه رفيقي ثم ضاع الثوب فإنه يضيع على البائع ولا شيء على المشتري لأنه أخذه على سوم النظر لا على سوم الشراء أما إذا قال له : هاته فإن أعجبني أخذته ثم ضاع منه فإنه يلزم بقيمته لأنه أخذه على سوم الشراء في هذه الحالة )