إذا باع شخص سلعة على أن يكون له أو للمشتري الخيار والعكس مدة معينة فهل للبائع أن يطلب الثمن من المشتري ؟ وهي للمشتري أن يطلب قبض المبيع من البائع أو لا ؟ في ذلك اختلاف المذاهب .
( المالكية - قالوا : ليس للبائع أن يطلب الثمن من المشتري في مدة الخيار .
وإذا اشترط البائع على المشتري أن ينقده الثمن كأن يقول له : أبيعك هذه السلعة بشرط أن تنقدني ثمنها فسد البيع ولو لم ينقده الثمن بالفعل لأنه شرط النقد ينزل منزلة النقد بالفعل لأن المشروط يتحقق بالشرط عادة . وكذا إذا اتفقا على ذلك قبل العقد ولو لم يذكراه في العقد وذلك لأن الثمن لا يعرف حينئذ إن كان ثمنا للسلعة أو سلفا لأنه في حالة فسخ البيع يرد للمشتري فيكون سلفا مردودا وقد أخذه في نظير سلعة فيكون ربا غيرجائز نعم إن لم يشترط البائع ذلك ولم يتكلم فيه مع المشتري قبل العقد ثم تطوع المشتري بدفع الثمن فإنه يجوز لانتفاء التهمة حينئذ . ومثل ذلك ما إذا باع له سلعة بشرط أن يقرضه كذا فإن ذلك الشرط يفسد البيع فإذا تنازل البائع عن شرط نقد الثمن في بيع الخيار وقال : أسقطت هذا الشرط ليتم البيع فإنه لا ينفعه ذلك لأن الشرط واقع في حقيقة العقد وماهيته وهو شرط فاسد فأفسد العقد رأسا بخلاف ما إذا تنازل عن اشتراط القرض ولم يقبضه فإنه يصح البيع لأن القرض خارج عن ماهية العقد .
أما طلب المشتري لقبض المبيع في زمن الخيار ففيه تفصيل . وذلك لأن الخيار يكون لثلاثة أمور : .
أحدها : أن يكون الثمن غير معلوم للمشتري فيشتري بشرط الخيار ليتروى في الثمن حتى يتبين غلاءه ورخصه ثانيها أن يكون الثمن معلوما عنده ولكنه يشتري بشرط الخيار ليتدبر في المبيع ويعيد نظره فيه ثالثها اختيار المبيع وتجربته فإذا كان الخيار للتروي في الثمن فليس له قبض المبيع لأنه يمكنه معرفة ذلك والمبيع في يد صاحبه أما إذا كان الخيار من أجل أن يعيد النظر فيه أو يختبره فله قبضه ولكن لا يجبر البائع بتسليمه إلا إذا اشترط المشتري ذلك .
الحنفية - قالوا : إذا اشترى سلعة بشرط الخيار فليس للبائع المطالبة بالثمن إلا بعد انقضاء مدة الخيار كما أنه ليس للمشتري أن يطالب بالمبيع في هذه المدة فلا جبر لأحدهما على الآخر في ذلك .
فإذا دفع المشتري الثمن فإن البائع يجبر على تسليم المبيع فإذا كان الخيار للبائع وقبض الثمن ولم يرض أن يسلم المبيع فإن له ذلك ولكنه يجبر على رد الثمن . وإذا قبض المشتري المبيع فلا يصح له أن يتصرف فيه فإذا تصرف فيه في زمن الخيار كان تصرفه باطلا . وكذلك إذا قبض البائع الثمن وكان عينا فإنه لا يصح له أن يتصرف فيه في زمن الخيار وإن تصرف فيقع تصرفه باطلا .
أما إذا تصرف البائع في المبيع قبل أن يقبضه المشتري أو تصرف المشتري في الثمن قبل أن يقبضه البائع فإنه يجوز ويكون فسخا للعقد . وسيأتي حكم التصرف في المبيع فيغير زمن الخيار في المذاهب .
الشافعية - قالوا : الثمن في مدة الخيار يتبع الملك فإذا حكم بملك المبيع لأحدهما حكم بملك الثمن للآخر مثلا إذا كان الخيار للبائع كان المبيع مملوكا له أي لم يخرج عن ملكه في مدة الخيار فيكون الثمن في هذه الحالة ملكا للمشتري فليس للبائع المطالبة بالثمن كما أنه ليس للمشتري المطالبة بالمبيع . أما إذا كان الخيار للمشتري فإن المبيع يكون مملوكا له فيكون الثمن حينئذ ملكا للبائع فيكون للبائع الحق في طلب الثمن وللمشتري الحق في طلب المبيع .
الحنابلة - قالوا : إن كان الثمن معينا فللبائع قبضه في زمن الخيار إن كان له الخيار . سواء كان خيار مجلس أو خيار شرط . أما إن كان في الذمة سواء كان نقدا أو عروض تجارة فإن البائع ليس له حق في المطالبة وكذلك لا يملك المشتري قبض المبيع في مدة الخيار إن كان الخيار له إلا بإذن صريح من البائع فإذا كان الثمن معينا ولم يقبضه البائع فإنه يحرم على المشتري أن يتصرف فيه لأنه ليس ملكا له كما يحرم على البائع أن يتصرف فيه أيضا إذا قبضه لأن علاقة المشتري لم تنقطع عنه . أما إذا قبض المشتري المبيع وكان له الخيار فإنه يحل له التصرف فيه ويكون تصرفه مبطلا الخيار كما تقدم بيانه )