يشترط في المعقود ثمنا عليه كان أو مثمنا شروط : منها أن يكون طاهرا فلا يصح أن يكون النجس مبيعا ولا ثمنا فإذا باع شيئا نجسا أو متنجسا ( الحنفية - قالوا : يجوز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل كما يجوز بيع العذرة المخلوطة بالتراب والانتفاع بها . وبيع الزبل وإن كان نجس العين وإنما الذي يمنعونه بيع الميتة وجلدها قبل الدبغ وبيع الخنزير وبيع الخمر ويقولون : من الميتة والخمر والخنزير إذا جعلت ثمنا لا يبطل البيع وإنما ينعقد فاسدا يملك بقبض المبيع وعلى المشتري أن يدفع الثمن كما سيأتي ) لا يمكن تطهيره فإن بيعه لا ينعقد . وكذلك لا يصح أن يكون النجس أو المتنجس الذي لا يمكن تطهيره ثمنا فإذا اشترى أحد عينا طاهرة وجعل ثمنها خمرا أو خنزيرا مثلا فإن بيعه لا ينعقد . ومنها أن يكون منتفعا به انتفاعا شرعيا فلا ينعقد بيع الحشرات التي لا نفع فيها . ومنها أن يكون المبيع مملوكا للبائع حال البيع فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكا إلا في السلم فإنه ينعقد بيع العين التي ستملك بعد كما يأتي . ومنها أن يكون مقدورا على تسليمه إلا إذا كان المشتري قادرا على نزعه في المذاهب .
( المالكية - قالوا : لا ينعقد بيع المغصوب إلا إذا باعه المالك الأصلي لمن يقدر على أخذه من الغاصب . أما إذا كان الغاصب ممن يخضع لحكم الحاكم فلا يستطيع أحد أن يأخذ منه ما تحت يده أو كان من يخضع ولكنه منكر ولو عليه بينة فإن بيع المالك في هذه الحالة لا ينعقد لمنع بيع ما فيه خصومة . وكذا يصح أن يبيعه المالك لنفس الغاصب بشرط أن يكون الغاصب عازما على رد المغصوب لمالكه أما إن كان عازما على عدم الرد فإنه لا ينعقد البيع له . وكذا إذا لم يعرف إن كان عازما على الرد أو لا فإنه يصح البيع له .
الشافعية - قالوا : لا ينعقد بيع المغصوب مطلقا لا للغاصب ولا لغيره ولا من المالك ولا من غيره إلا إذا كان مقدورا على تسليمه .
الحنفية - قالوا : لا ينعقد بيع المغصوب إلا إذا باعه الغاصب وضمنه المالك . أو باعه المالك وأقر الغاصب هذا البيع فإن لم يقر الغاصب وكان للمالك بينة ثم باعه فإن البيع ينعقد ويلزم المشتري أما إذا لم تكن له بينة وهلك المبيع قبل أن يسلمه انتقض البيع .
الحنابلة - قالوا : لا يصح بيع المغصوب لأن البائع إن كان هو المالك فلا يقدر على تسليمه لأنه ليس تحت يده وإن كان الغاصب فإنه غير مالك له . ويصح أن يبيعه المالك لغاصبه لأن المانع وهو عدم القدرة على التسليم منتف وكذلك يصح أن يبيعه لقادر على أخذه من الغاصب لإمكان قبضه في هذه الحالة فإن عجز بعد البيع عن تحصيل المغصوب فله الفسخ وإذا اشتراه ظانا أنه قادر على أخذه من الغاصب ثم تبين عجزه فإنه يصح ) .
ومنها أن يكون المبيع معلوما والثمن معلوما علما يمنع من المنازعة فبيع المجهول جهالة تفضي إلى المنازعة غير صحيح كما إذا قال للمشتري : اشتر شاة من قطيع الغنم التي أملكها أو اشتر مني هذا الشيء بقيمته أو اشتر مني هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به فلان فإن البيع في كل هذا لا يصح وسيأتي تفصيل المذاهب في هذا في مبحث خيار الرؤية ومنها أن لا يكون العقد مؤقتا كأن يقول له : بعتك هذا البعير بكذا لمدة سنة ومنها غير ذلك مما هو مفصل في المذاهب .
( الشافعية - قالوا : يشترط لصحة البيع اثنان وعشرون شرطا : منها في الصيغة ثلاثة عشر ومنها في العاقد أربعة ومنها في المعقود عليه خمسة .
فأما شرائط الصيغة فهي : .
- 1 - الخطاب بأن يخطب كل من العاقدين صاحبه فلو قال أحدهما : بعت لزيد فلا يصح .
- 2 - أن يكون الخطاب واقعا على جملة المخاطب كأن يقول له : بعتك أما لو قال : بعت يدك مثلا فإنه لا يصح . 3 - أن يذكر المبتدي منها بالكلام الثمن والمثمن كأن يقول : بعتك هذه السلعة بثمن كذا أو اشتريت منك هذه السلعة بكذا . 4 - أن يقصد البائع والمشتري معنى اللفظ الذي ينطق به فإذا جرى على لسانه بعت أو اشتريت بدون أن يقصد معنى البيع والشراء وهو التمليك والتملك . فإنه لا يصح . 5 - أن لا يتخلل الإيجاب والقبول كلام أجنبي . 6 - أن لا يتخلل الإيجاب والقبول سكوت طويل وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول . 7 - أن لا يتغير الأول قبل الثاني بمعنى أن المتكلم بالإيجاب مثلا لا يغير كلامه قبل قبول الآخر فإذا قال له : بعتك بخمسة ثم قال : بل بعشرة قبل أن يقبل فلا يصح العقد . 8 - أن يكون كلام كل واحد منهما مسموعا لصاحبه ولمن يقرب من الحاضرين فإن لم يسمعه من كان قريبا لا يكفي وإن سمعه العاقد . 9 - أن يتوافق الإيجاب والقبول معنى فلو قال : بعتك كأن يقول : بعتك هذه الدار إن شاء فلان أو إن شاء الله بخلاف ما إذا قال : إن شئت لأن هذا التعليق لا ينافي العقد بالشروط المتقدمة . 11 - أن لا يؤقت كلامه بوقت فإذا قال : بعتك هذا البعير مدة شهر فإنه لا يصح . 12 - أن يكون القبول من الذي صدر معه الخطاب فلو قال له : بعتك هذه السلعة ثم قبل آخر موكل عن المخاطب فإن البيع لا يصح . 13 - أن تستمر أهلية المتكلمين بالصيغة إلى أن يتم القبول فإذا قال : بعتك كذا ثم جن قبل أن يقول الآخر قبلتبطل العقد .
وأما شرائط العاقد فهي : .
- 1 - إطلاق تصرف فلا يصح بيع الصبي والمجنون والمحجور عليه بسفه .
- 2 - عدم الإكراه بغير حق فلا يصح بيع المكره كما تقدم .
- 3 - إسلام من يشتري له مصحف أو نحوه .
- 4 - أن لا يكون محاربا إذا أراد أن يشتري آلة الحرب .
وأما شرائط المعقود عليه فهي : .
- 1 - طهارة المعقود عليه فلا يصح بيع النجس كما تقدم .
- 2 - وأن يكون منتفعا به شرعا فلا يصح بيع الحشرات التي لا ينتفع بها شرعا .
- 3 - وأن يكون مقدورا على تسليمه فلا يصح بيع الطير في الهواء ولا السمك في الماء ولا المغصوب .
- 4 - أن يكون للعاقد عليه ولاية فلا يصح بيع الفضولي .
- 5 - أن يكون معلوما للعاقدين عينا وقدرا وصفة وسيأتي بيان كل ذلك مفصلا .
الحنفية - قالوا : تنقسم شروط البيع إلى أربعة أقسام : الأول شروط الانعقاد فلا ينعقد البيع رأسا إلا إذا تحققت . الثاني شروط النفاذ فلا ينفذ البيع إلا إذا وجدت الثالث شروط الصحة فلا يصح البيع إلا بها الرابع شروط للزوم فلا يلزم البيع إلا بها فأما شروط الانعقاد فهي خمسة أنواع : النوع الأول يتعلق بالعاقد سواء كان بائعا أو مشتريا وهو ثلاثة الشرط الأول : أن يكون عاقلا فلا ينعقد بيع المجنون ولا شراؤه وأما المعتوه الذي يعرف معنى البيع ويدرك ما يترتب عليه من الأثر فإنه ينعقد بيعه وشراؤه الشرط الثاني : أن يكون مميزا فلا ينعقد بيع الصبي الذي لا يميز أما الصبي المميز الذي يعرف معنى البيع وما يترتب عليه من الأثر فإنه ينعقد بيعه وشراؤه ويتوقف نفاذه على إجازة الولي أو الوصي أو إجازة نفسه بعد البلوغ الشرط الثالث : أن يكون العاقد متعددا فلا ينعقد البيع بشخص واحد بل يلزم أن يكون الإيجاب من شخص والقبول من شخص آخر إلا إذا كان أبا يريد أن يشتري أو يبيع لولده الصغير فإنه يكون بائعا ومشتريا بنفسه ومثله الوصي والقاضي ويشترط في الوصي أن يكون في بيعه وشرائه نفع ظاهر للصبي وكذا الرسول إذا كان من جانب البائع والمشتري فإنه ينعقد بيعه وشراءه لنفسه . النوع الثاني يتعلق بالعقد فيشترط لانعقاد عقد البيع شرط واحد وهو أن يكون الإيجاب موافقا للقبول بأن يقبل المشتري بكل ما أوجبه البائع فإذا قال البائع : بعت هذه الدار بمائة جنيه مصري فإن البيع لا ينعقد إلا إذا قال المشتري : قبلت شرائها بهذا الثمن أما إذا قال : قبلت شرائها بخمسة وتسعين مثلا فإن البيع لا ينعقد النوع الثالث يتعلق بالمبيع وهو خمسة شروط الأول أن يكون المبيع موجودا فلا ينعقد بيع المعدوم ولا بيع ما هو في حكم المعدوم كبيع الحمل . الشرط الثاني : أن يكون مما يتعلق به الملك . فلا ينعقد بيع العشب المباح ولو نبت في أرض مملوكة . الشرط الثالث : أن يكون مملوكا للبائع إذا كان يريد أن يبيع لنفسه أو مملوكا لموكله ونحوه كما يأتي فلا ينعقد بيع ما ليس بمملوك ولو ملكه بعد البيع إلا في السلم فإنه ينعقد فيه بيع ما سيملكه بعد العقد وكذلك المغصوب إذا باته الغاصب ثم ضمنه المالك فإن بيعه ينعقد . الشرط الرابع : أن يكون المبيع مالا متقوما شرعا فلا ينعقد بيع الخمر ونحوه من كل ما لا يباح الانتفاع به شرعا . وكذلك لا ينعقد بيع اليسير من المال كحبة من حنطة لأنها ليست مالا متقوما . الشرط الخامس أن يكون البائع قادرا على تسليمه في الحال أو قريبا من الحال . النوع الثالث : يتعلق بالبدلين الثمن والسلعة فيشترط في كل واحد منهما أن يكون مالا قائما فإذا عدم أحدهما لا ينعقد البيع . النوع الرابع : يتعلق بسماع الصيغة فلا ينعقد البيع إلا إذا سمع كل واحد من العاقدين كلام صاحبه . فإذا كان البيع في المجلس وسمع الناس كلام أحدهما ثم أنكر وقال : إن في أذنه وقرا فإنه لا يصدق قضاء . النوع الخامس : يتعلق بالمكان فيشترط أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد فإن اختلف المجلس فإن البيع لا ينعقد والمراد بالمجلس ما حصل فيه العقد ولو كانا واقفين أو سائرين فهذه شروط انعقاد البيع وهي اثنا عشر شرطا : ثلاثة في العاقد سواء أكان أم مشتريا وواحد في العقد وخمسة في المبيع وواحد في سماع الكلام . وواحد في المكان .
وأما شروط النفاذ فهي شيئان : .
الأول : أن يكون المبيع مملوكا للبائع أو له عليه ولاية فنفذ بيع غير المملوك كما لا ينعقد .
الثاني : أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع فلا ينفذ بيع المرهون والمستأجر لأنه وإن كان محبوسا في يده ولكن للغير حق فيه فلا ينفذ بيعه .
وأما شرائط صحة البيع فتنقسم إلى قسمين : عامة تتعلق بجميع أفراد البيع . وخاصة تتعلق أيضا ولا ينعكس فإن الفاسد ينعقد وينفذ إذا اتصل به القبض ويزاد عليها أمور : منها أن لا يكون البيع مؤقتا فإن أقته بوقت فإنه لا يصح . ومنها أن يكون المبيع معلوما والثمن معلوما علما يمنع من المنازعة فإن باع شيئا مجهولا جهالة يترتب عليها النزاع فإن البيع لا يصح وذلك كأن يبيع شاة من قطيع غنم أو يبيع شيئا بقيمته من غير أن يعين الثمن . ومنها أن يكون البيع فيه فائدة . فلا يصح بيع الدرهم بالدرهم المساوي له من كل الوجوه كما تقدم .
ومنها الخلو عن الشرط الفاسد كأن يشتري الناقة بشرط أن تكون حاملا .
وأما الخاصة : فمنها القبض في الصرف قبل الافتراق : ومنها أن يكون الثمن الأول معلوما في بيع المرابحة والتولية والوضعية . وأما شرط اللزوم فهو خلو البيع عن الخيار فإن البيع بشرط الخيار لا يلزم .
المالكية - قالوا : شروط البيع منها ما يتعلق بالصيغة ومنها ما يتعلق بالعاقد بائعا كان أو مشتريا ومنها ما يتعلق بالمعقود عليه ثمنا كان أو مثمنا .
فيشترط في الصيغة أمران : الأول أن يكون القبول في المجلس . فلو قال البائع : بعتك الدار بكذا فلم يجبه ثم تفرقا من المجلس فليس للمشتري أن يقبل بعد ذلك .
الثاني : أن لا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض عن البيع عرفا . فإن وجد فاصل يدل على الإعراض عرفا لم يلزم البيع ولو لم يتفرق المجلس . ومتى تحقق الشرطان فليس للبائع أن يرجع عن البيع إذا قال للمشتري : بعتك قبل قبوله على المذهب .
أما شروط العاقد فهي نوعان : شروط انعقاد وشروط لزوم فيشترط لانعقاد البيع شروط واحد وهو العقل بائعا كان أو مشتريا فلا ينعقد البيع إذا كان العاقد صبيا غير مميز أو مجنونا أو مغمى عليه أو سكران إذا كان على حالة لا يميز معها شيئا ولا فرق في ذلك بين أن يكون السكر بحلال أو حرام . ويشترط للزومه اربعة شروط .
الثاني : أن يكون غير محجور عليه فلا يلزم المحجور عليه لسفه ونحوه وينفذ بيع الصبي المميز والمحجور عليه بإذن وليهما كما تقدم .
الثالث : أن يكون غير مكره فلا يلزم بيع المكره على التفصيل المتقدم .
الرابع : أن يكون العاقد مالكا أو وكيلا عن مالك فلا يلزم بيع الفضولي .
ويشترط في المعقود عليه خمسة شروط : أحدهما أن يكون طاهرا فلا يصح بيع نجس ولا متنجس لا يمكن تطهيره . ثانيهما أن يكون منتفعا به شرعا فلا يصح بيع آلة اللهو . ثالثها أن يكون غير منهي عن بيعه فلا يصح بيع كلب الصيد ونحوه . الرابع أن يكون مقدورا على تسليمه فلا يصح بيع الطير في الهواء ولا الوحش في الفلاة . الخامس أن يكون المبيع والثمن معلومين للمتعاقد فلا يصح بيع المجهول سواء جهلت ذاته أو صفته أو جهل قدره . فجملة شروط البيع اثنا عشر .
ومن هذا تعلم أن كل عقد لازم فهو صحيح وليس كل صحيح لازما كما في بيع الصبي فإنه صحيح غير لازم وكل صحيح منعقد وبالعكس .
الحنابلة - قالوا : يشترط للبيع شروط بعضها يتعلق بالصيغة وبعضها يتعلق بالعاقد وبعضها يعلق بالمعقود عليه .
فيشترط في الصيغة أمران : أن يكون القبول في المجلس فإذا قال البائع : بعتك ثم تفرقا قبل القبول من المجلس لم ينعقد البيع . وأن لا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض عن البيع عرفا .
ويشترط في العاقد سواء كان بائعا أو مشتريا أن يكون مختارا فلا يصح بيع المكره على التفصيل المتقدم . وأن يكون بالغا رشيدا فلا يصح بيع الصبي المجنون والسكران والسفيه إلا في الصبي المميز والسفيه المميز على التفصيل المتقدم .
ويشترط في المعقود عليه سواء كان مبيعا أو ثمنا أن يكون فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة فلا يصح بيع ما لا نفع فيه أصلا كالحشرات وما فيه منفعة محرمة كالخمر وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب وما فيه منفعة مباحة للضرورة كالميتة حال الاضطرار .
ويشترط في المعقود عليه أن يكون المبيع مملوكا لبائعه وقت العقد ملكا تاما وأن يكون مقدورا على تسليمه حال العقد فلا يصح بيع جمل شارد ولا بيع نحل ولا طير في الهواء سواء كان الطير مما يألف الرجوع أو لا . وكذا لا يصح بيع سمك في لجة ماء إلا إذا كان في بركة ماؤها صاف يشاهد فيه السمك وكان غير متصل بنهر ويمكن أخذ السمك منه فإن بيعه يصح في هذه الحالة . وأن يكون المعقود عليه من مبيع وثمن معلوما للمتعاقدين . وكل ما لا يصح أن يكون مبيعا كذلك لا يصح أن يكون ثمنا )