وحكمه وجوب الوفاء به متى كان صحيحا مستكملا للشرائط الآتي بيانها لقول الله تعالى : { وليوفوا نذورهم } وقوله A : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " وهذا الحكم إنما هو بعد وقوعه لأن الناذر قد أوجبه على نفسه أما الإقدام عليه قبل وقوعه ففي جوازه تفصيل في المذاهب .
( الحنابلة - قالوا : النذر مكروه ولو عبادة لنهيه عليه اصلاة والسلام عنه وقال : " إنه لم يأت بخير " . وإنما يستخرد به من البخيل والنذر لا يرد قضاء ولا يملك الناذر به شيئا جديدا ولا يرفع واقعا فإذا وقع منه وجب الوفاء به على التفصيل الآتي .
المالكية - قالوا : النذر المطلق مندوب وهو ما أوجبه على نفسه سكرا لله تعالى على ما حصل ووقع فعلا من نعمة أو دفع نقمة كمن نجاه الله من كربة أو شفى مريضه أو رزقه مالا أو علما فنذر لله قربة يفعلها شكرا فالإقدام على مثل هذا النذر مندوب والوفاء به فرض لازم . أما النذر المعلق وهو أن ينذر قربة معلقا على شيء في المستقبل محبوب وليس للعبد فيه مدخل كقوله : إن شفى الله مريضي فعلي كذا فاختلف فيه فبعضهم يقول بالكراهة وبعضهم يقول بالجواز ومحل هذا فيمن لا يعتقد أن مثل هذا النذر نافع في حصول غرضه وغلا كان محرما لأن النبي A قال : " لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قضاء الله شيئا " ورواه مسلم والناذر الذي يعتقد أن نذره ينفع يخالف قول النبي A أنه لا ينفع فإذا وقع يجب الوفاء به وإذا علق النظر على أمر من فعل العبد كقوله : إن فعلت كذا فعلي كذا فإنه مكروه بلا خلاف وكذا إذا نذر نذرا مكروها كأن نذر أن يصوم كل يوم فإنه يثقل على النفس فعله فيكره ويجب الوفاء بهما بعد وقوعهما على أي حال . أما نذر ما لا طاقة له به فهو حرام .
الحنفية - قالوا : النذر الصحيح المستكمل للشروط الآتية قربة مشروعة أما كونه قربة فلما يلازمه من القرب كالصلاة والصوم والحج ونحوهما وأما كونه مشروعا فللأوامر الواردة بإيفائه .
الشافعية - قالوا : الإقدام على النذر قربة في نذر التبرر لأنه مناجاه لله تعالى ولذلك لا يصح من الكافر . مكروه في نذر اللجاج لورود النهي عنه في قوله النبي A : " ولا تنذروا فإن النذر لا يرد قضاء " وسيأتي بيان نذر التبرر واللجاج في الأقسام الآتية ) .
ولا بد للناذر من أن ينذر لله تعالى فلا يحل النذر لولي ولا لمقرب وإن وقع يكون باطلا