تجب كفارة اليمين بأمور مفصلة في المذاهب .
( الحنابلة - قالوا : تجب كفارة اليمين بأمور : أولا : إذا حنث الحالف باليمين المنعقدة بشروطها المتقدمة ثانيا : بالنذر المطلق وهو الذي لم يعين فيه المنذور كقوله : علي نذر أو لله علي نذر سواء قال : إن فعلت كذا أو لم يقل وإنما تجب فيه كفارة اليمين إذا لم ينو الناذر شيئا معينا فإن نواه لزمه . ثالثا : إذا حرم على نفسه شيئا من الحلال غير زوجه كقوله : ما أحل الله علي حرام إذا لم يكن له زوج فإن كانت حرمت وإن لم تكن فعليه كفارة اليمين ولا يحرم عليه شيء وكذا إذا قال هذا الطعام علي حرام أو إن أكلته فهو حرام أو نحو ذلك فإن فيه كفارة اليمين ولا يحرم عليه شيء . رابعا : أن يقول : علي يمين إن فعلت كذا ولم يفعل فإنه تلزمه الكفارة كما إذا قال : مالي للمساكين إن فعلت كذا وقصد به اليمين فإنه يكون يمينا إذا حنث . خامسا : إذا حلف على ملة غير الإسلام كما إذا قال : هو يهودي أو نصراني أو كافر أو مجوسي أو يكفر بالله أو يعبد الصليب إن فعل كذا أو قال : هو بريء من الله أو من القرآن أو من الإسلام أو من رسول الله إن فعل كذا أو قال : يستحل الزنا أو شرب الخمر أو ترك الصلاة أو الصيام إن فعل كذا فإنه في كل هذا تلزمه كفارة اليمين إن فعل المحلوف عليه . وقال بعضهم : لا كفارة فيه ولا يكفر الحالف بذلك ولكنه فعل محرما تلزمه التوبة منه سادسا : إذا قال : أيمان المسلمين تلزمني إذا فعلت كذا ولم يفعل فإنه تلزمه كفارة اليمين ولكن بشرط أن ينوي به اليمين فإن نوى به الصلاة أو الظهار أو النذر كان كما نواه لأن أيمان المسلمين كناية يصح أن يراد بها اليمين بالله والطلاق والنذر والظهار والعتق .
المالكية - قالوا : تجب الكفارة بأربعة أمور : الأول : النذر المبهم وهو الذي لم يعين فيه المنذور كأن يقول : لله علي نذر أو نذر لله علي إن فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فإنه تجب فيه الكفارة إن حنث وكذا إذا قال إن شفى الله مريضي علي نذر أو لله علي نذر فشفى الله مريضه فإنه يجب عليه كفارة اليمين أما النذر المعين وهو ما عين فيه المنذور كأن يقول : لله علي نذر أن أصوم أو أتصدق بكذا فإنه يلزمه ما عينه باللفظ أو النية .
الثاني : صيغة اليمين كأن يقول : علي اليمين أو لله علي يمين أو إن فعلت كذا فعلي يمين فإنه تجب عليه الكفارة بالحنث في ذلك .
الثالث : الحلف باليمين المنعقدة على بر وهي الحلف بالنفي كقوله : والله لا أدخل الدار وسميت يمين بر لأن الحالف بها على البراءة ما لم يدخل الدار . الرابع : اليمين المنعقدة على حنث وهي الحلف بالإثبات كقوله : والله لأفعلن كذا أو إن لم أفعل كذا وسميت يمين حلف لأن الحالف بها يكون على حنث حتى يفعل المحلوف عليه فإذا قال : والله لأسافر فهو مطالب بالفعل ويكون على حنث حتى يسافر . وكذا إذا قال : إن لم أسافر فعلي كذا ولكن يشترط في كون هاتين الصيغتين للحنث أن لا يقيدهما بوقت فلو قال : والله لأسافر بعد شهر يكون صيغة بر حتى يمضي الشهر فإذا مضى الأجل ولم يفعل حنث إذا لم يوجد مانع يمنع الفعل شرعي أو عادي فإن وجد مانع شرعي أو عادي لا يحنث أما المانع العقلي فلا يعتبر ولا يحنث في الصيغة المطلقة إلا بالموت فلو قال : والله لأسافرن أو والله لا أكلم فلانا لا يحنث إلا بالموت وكذا لو قال : لأطلقن امرأتي فإنه لا يحنث إلا بموتها ولو قال : هو يهودي أو نصراني أو مرتد أو على غير ملة الإسلام ونحو ذلك إن فعل كذا ولم يفعله فلا كفارة عليه ولكن يحرم عليه الحلف بذلك فإن قال ذلك في غير يمين ارتد ولو كان هازلا .
الحنفية - قالوا : تجب كفارة اليمين بأمور : منها أن يحنث في اليمين المنعقدة بشروطها المتقدمة أما إذا لم يحنث فلا تجب عليه الكفارة ولا تصح قبل الحنث .
ومنها النذر غير المعين كما إذا قال : علي نذر لا أفعل كذا أو أفعله فإذا حنث تلزمه كفارة يمين لأنه إن كان لم يسم شيئا ولكنه التزم بهذه العبارة الكفارة فكأنه نذر الكفارة ومحل ذلك إذا لم ينو شيئا معينا فإذا نوى شيئا لزمه ومنها أن يقول : علي اليمين لأفعلن كذا وإن لم يذكر بالله فإنها تنعقد يمينا وعليه الكفارة إن حنث فيها ما لم يرد الإخبار بأن في ذمته يمينا . ومنه أن يحرم على نفسه شيئا حلالا كأن يقول : هذا الطعام علي حرام فإنه لا يحرم عليه ولكن إن أكله تلزمه كفارة اليمين . أما إذا قال : إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام فأكله فإنه لا يلزمه شيء لأنه في الأول حرم طعاما موجودا بالفعل أما في الثاني فإنه ما حرمه إلا بعد الأكل فلم يكن موجودا وقت التحريم . وكذا لو حرم على نفسه حراما بأن قال : الخمر علي حرام فإنه إذا شربها كان عليه كفارة يمين بشرط أن ينوي به اليمين أما إذا نوى به الإخبار أو لم ينو شيئا فلا كفارة عليه ومثله ما إذا قال : مال فلان علي حرام .
وإذا قال : كل حل أو حلال الله أو حلال المسلمين علي حرام فإن كانت له زوج فالمفتى به أنها تطلق منه بواحدة بائنة وإن تعددت أزواجه بن جميعا بواحدة وإن نوى به الثلاث فثلاث وإن لم تكن له زوج وقت اليمين انعقد يمينا ويحنث بمجرد الأكل والشرب وتلزمه كفارة اليمين إن حلف على مستقبل وأما إن حلف على ماض كانت يمينه غموسا إن تعمد الكذب إذا قال : إنه بريء من الرسول أو من القرآن أو من كتاب الله أو من آية من كتاب الله أو من كل آية فيه فإنه تلزمه الكفارة بالحنث . وكذا إن تبرأ من الكتب الأربعة ولو كرر البراءة تعددت الأيمان بحسب التكرار فإذا قال : هو بريء من الله وبريء من الرسول لا يفعل كذا ففعل حنث في يمينين وإذا زاد والله ورسوله بريئان منه فأربعة أيمان . وإذا برئ من الإسلام أو من القبلة أو من صوم رمضان أو من الصلاة أو من المؤمنين فإنه يمين تلزم به الكفارة . ومنها أن يقول : إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو فاشهدوا عليه بالنصرانية وهو شريك للكفار أو كافر فإنه إن فعل تلزمه الكفارة إذا كان حلفه على مستقبل أما إن كان على ماض وهو عالم بخلافه كان غموسا والحالف بذلك إن كان يعتقد أن هذا يمين فالصحيح أنه لا يرتد عن الإسلام وإن كان يعتقد أنه يرتد بذلك أو بمباشرة الشرط فإنه يرتد بالحلف بذلك لرضائه بالكفر ومنها أن يقول : صيامي لليهود إن قلت كذا ونوى به القربة كان يمينا أما إذا نوى به الثواب لم يكن ولا كفارة بقوله : إن فعلت كذا فلا إله في السماء ولا بقوله أشهد الله أو أشهد ملائكته أو هو برئ من شفاعة المصطفى .
الشافعية - قالوا : تلزم الكفارة في اليمين المنعقدة بشرائطها وفي اليمين الغموس وهو ما إذا حلف أن له على فلان كذا وكرر الأيمان كاذبا أما إذا قال : علي نذر كذا إن كلمت فلانا وهو المسمى نذر اللجاج كما يأتي فإنه عند وجود المعلق عليه فيه أقوال ثلاثة : الأول أن عليه كفارة يمين . الثاني أن يفعل ما سمى . الثالث أنه مخير بين الكفارة وفعل ما سماه وهو الأظهر . إذا التزم غير قربة كأن قال : علي نذر أكل كذا أو شرب كذا لزمته كفارة يمين . ولو قال : إن دخلت كذا فعلي كفارة يمين أو فعلي كفارة نذر لزمته كفارة يمين بالدخول . ولو قال : إن دخلت فعلي نذر ولم يعين كان مخيرا في فعل قربة من القرب وكفارة يمين . أما إذا قال : إن شفى الله مريضي فعلي نذر لزمته قربة من القرب وتعيينها إليه لأنه في الثاني نذر تبرر وهو لا تنفع فيه الكفارة بحال ولو قال : علي اليمين كان قوله لغوا لا شيء فيه .
وكذلك قوله : إن فعلت كذا فأنا يهودي أو بريء من الإسلام أو من الله أو من القرآن أو من الرسول ونحو ذلك فإنه ليس بيمين منعقدة بل هو لغو لا شيء فيه ثم إن قصد بالحلف به إبعاد نفسه عن الفعل أو لم يقصد شيئا لا يكفر بل يكون آثما فليستغفر الله وليقل : لا إله إلا الله محمد رسول الله . أما إن قصد الرضا بذلك إذا فعله فإنه يكفر في الحال )