تنقسم اليمين إلى لغو لا إثم فيه ولا كفارة عليه والى منعقدة وهي ما لها كفارة إذا حنث فيها وغموس ( الحنفية - قالوا : اليمين الغموس هوأن يحلف بالله تعالى كاذبا متعمدا الكذب ولا يلزم أن يكون المحلوف عليه فعلا ماضيا في الحال بل يكون كذلك كقوله : والله ما ضربت محمدا عالما بأنه ضربه وقد يكون غير فعل في الحال كقوله : والله إنه ذهب الآن وهوعالم بأنه فضة وكقوله : والله ما له علي ألف وهوعالم بأن له عليه ذلك ولكن الأكثر في اليمين الغموس أن يكون المحلوف عليه فعلا ماضيا فإن الذي يتعمد الكذب يحدث غالبا عن الماضي بقوله فعلت وتركت ولا يتصور اليمين الغموس في غير الحلف بالله تعالى لأنه هو الذي لا كفارة له ويكون صاحبه آثما تلزمه التوبة أما الحلف بغير الله تعالى كالحلف بالطلاق كاذبا متعمدا فإنه ينعقد ويقع به الطلاق وكذلك اللغوفإنه يقع به الطلاق واختلف في كون اليمين الغموس كبيرة من الكبائر على قولين : أحدهما أنها كبيرة مطلقا لأن فيها امتهانا لاسم الله تعالى وثانيهما أنها تكون كبيرة إذا ترتب عليها قطع حق أو إيذاء من لا يستحق الإيذاء أو إدانة بريء أو نحو ذلك فإن لم يترتب عليها شيء من ذلك تكون صغيرة لا كبيرة .
أما اللغوفي اليمين فإنه يشمل أمرين : الأول : أن يحلف على شيء وهو يعتقد أو يظن أنه صادق ثم يظهر أنه كاذب كما إذا حلف أنه ما دخل دار فلان أمس معتقدا أو ظانا صدق نفسه مع أنه دخلها أو يحلف بأنه لا نقود معه الآن ظانا أنها ليست معه وهي معه ولم يفرقوا في ذلك بين الظن القوي والضعيف . الثاني : أن يسبق لسانه إلى الحلف بدون قصد أصلا أوقصد شيئا وجرى لسانه إلى غيره كقوله : لا والله وبلى والله .
ولا يكون اللغوعندهم إلا في الماضي أو الحال كما مثل أما الحلف على المستقبل كقوله : والله لأسافرن غدا فإنه يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيه سواء قصد أولم يقصد بخلاف الغموس فإنه يكون في المستقبل لأن المدار فيه على تعمد الكذب فإذا حلف بأنه لا يدخل دار فلان غدار وهومصمم على دخولها فقد تعمد الكذب وكانت يمينه غموسا .
وحكم اللغوأن الحالف لا يؤاخذ به في الآخرة ولا في الدنيا فلا كفارة عليه ولا إثم فيه .
ولا يكون اللغوإلا في اليمين بالله تعالى أما اليمين بغير الله تعالى فإن أثره يبقى كما إذا حلف بالطلاق لغوا أو بالعتاق أو نذر صدقة فإنه يقع به الطلاق ويلزم العتق والنذر كما تقدم قريبا .
أما المنعقدة فهي الحلف بالله أو صفاته كما يأتي .
المالكية - قالوا : اليمين الغموس تشمل أمرين : الأول : أن يحلف كاذبا متعمدا الكذب وهذه تغمس صاحبها في النار أو الإثم الذي هوسبب في النار وليست لها كفارة لأنها أعظم من أن تنفع فيها الكفارة بل الحالف بها يتوب ويقرب إلى الله تعالى بما قدر عليه من صيام أو صدقة أو نحوهما .
الثاني : أن يحلف على شك أو ظن ضعيف كأن يقول : والله ما لقيت فلانا أمس وهولا يدري ألقيه أم لا ؟ وفي هذه الحالة لا يخلو : إما أن يظهر صدقه بعد ذلك أو يظهر كذبه أولم يظهر شيء فإن ظهر كذبه أولم يظهر شيء وبقي على شكه أو ظنه الضعيف فإنه يكون آثما كتعمد الكذب تماما أما إن ظهر صدقه فقد اختلف فيه قولين : .
الأول : أنه يكون حينئذ بارا في يمينه ولا إثم عليه .
الثاني : أنه لم يرتفع عنه الإثم لأن الإثم مترتب على الجرأة والإقدام على الحلف بدون يقين وهذا لا يكفره إلا التوبة وإن ظهر أنه مطابق للواقع . على أن إثم الحالف على الشك أو الظن الضعيف أهون من إثم متعمد الكذب . أما إذا حلف جازما أو على ظن قوية وظهر خلافه فإنه لا يكون غموسا بل يكون لغوا كما يأتي .
ثم إن كان المحلوف عليه ماضيا فإنه لا كفارة فيه اتفاقا كقوله : والله ما فعلت كذا وهوجازم بأنه فعل وكذا إذا كان شاكا أو ظانا كما تقدم .
أما إذا تعلقت كما إذا حلف على أمر لا يمكن وقوعه أو على أمر علم أنه لا يوجد فالأول كقوله : والله لأطلعن السماء والثاني كقوله : والله لأقتلن فلانا وهو يعلم أنه ميت أو والله لا تطلع الشمس غدا أو نحو ذلك ففيه خلاف فبعضهم يرى أنه من الغموس الذي لا كفارة له وبعضهم يرى أن فيه الكفارة وأن الغموس تتعلق بالماضي فإذا تعلقت بمستقبل أو حال لم تكن من الغموس وهو المعتمد . والغموس تكون بالطلاق فإذا حلف بالطلاق متعمدا الكذب يأثم ويقع به الطلاق .
واليمين اللغوهي أن يحلف على شيء يجزم به حال الحلف أو يظنه ظنا قويا ثم يظهر أنه خلاف ذلك كأن يقول : والله لا دراهم معي وهو يجزم بذلك ويظن ظنا قويا ثم يظهر بعد ذلك أنه معه دراهم وحكمها أنه لا يؤخر عليها ثم إن كان المحلوف عليه ماضيا فلا كفارة فيها اتفاقا كقوله : والله ما جاء محمد وهو يعتقد أنه لم يجئ حقا ولكن الواقع أنه يكون قد جاء وإن كان مستقبلا كقوله : والله ما جاء محمد غدا وهو يعتقد أنه لا يجيء حقا فقد اختلف فيها أيضا فبعضهم يرى أن اللغولا يكون في المستقبل لأن الذي يحلف على المستقبل وهوغيب ذوجرأة يكون جزاؤها الكفارة بخلاف الذي يحلف على الماضي لأنه حلف بناء على ما يعلم في الماضي أما المستقبل فلا يتعلق به علم وبعضهم يرى أنه لا كفارة عليها كالماضي والحال .
ولا يفيد لغو اليمين في الحلف بغير الله تعالى فإذا حلف بالطلاق أو بالعتق أو نذر صدقة أو نحوها أو كانت يمينه لغوا فإنها تنعقد في هذه الأشياء ويقع بها الطلاق ويلزم بها العتق والنذر حتى ولو كان النذر مبهما .
الشافعية - قالوا : تنقسم اليمين إلى قسمين : لغو ومنعقدة . فاللغوتشمل أمورا ثلاثة : الأول : أن يسبق لسانه إلى ما لم يقصده باليمين كما إذا أراد أن يقول : والله لآكلن غدا فسبق لسانه إلى قول : والله لأضربن محمدا ويصدق ظاهرا من يدعي عدم قصد اليمين إذا لم تقم قرينة على كذبه إلا في ثلاث الطلاق والعتاق والإيلاء فإنه لا يصدق ظاهرا على أي حال لتعلق حق الغير بذلك الثاني : يسبق لسانه إلى لفظ اليمين بدون أن يقصد شيئا كما إذا كان غضبانا وسبق لسانه إلى اليمين بأن قال : لا والله . وبلى والله وهولا يريد سوى هذا اللفظ . الثالث : أن يكون اليمين زيادة لكلام كأن يقول عقب كلامه : لا والله تارة وبلى والله تارة أخرى أو يجمع بين العبارتين فيقول : لا والله وبلى والله فإنه يكون لغوا على المعتمد .
الثاني : المنعقدة وهي الحلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته لتحقيق المحلوف عليه بالشرائط الآتية فالمنعقدة لا بد فيها من قصد تحقيق المحلوف عليه بخلاف اللغوكما علمت .
ولا فرق عندهم في اليمين سواء كانت لغوا أو منعقدة بين أن تكون على الماضي أو على المستقبل فاللغويصح أن تكون في المستقبل كأن يقول : والله لأسافرن غدا وهو يقصد أن يقول : لأدخلن دار محمد كما يكون في الماضي كقوله : والله ما أكلت التفاح أمس وهو يقصد الرمان مثلا .
وكذلك المنعقدة تصح على الماضي والمستقبل كقوله : والله إني فعلت كذا أو ما فعلته وكقوله : والله لأفلعن كذا أولا أفعله فإذا لم يبر في يمينه تجب عليه الكفارة فيها على أي حال . فاليمين الذي يسميه غيرهم غموسا تجب فيه الكفارة عندهم سواء تعلق بالماضي أو المستقبل أما اللغوفلا كفارة له ولا يؤاخذ الحالف به سواء تعلق بالماضي أو المستقبل .
الحنابلة - قالوا : تنقسم اليمين إلى أقسام ثلاثة : منعقدة ولغو وغموس . فالمنعقدة هي الحلف على فعل شيء في المستقبل أو تركه كقوله : والله لأعتكفن غدا ووالله لا أزني أبدا وتنعقد اليمين على المستقبل ولو كان المحلوف عليه مستحيلا كما يأتي .
اللغويشمل أمور ثلاثة : الأول : أن يسبق اليمين على لسانه من غير قصد كأن يقول في أثناء كلامه : لا والله وبلى والله ولو كان حلفه كذلك على شيء في المستقبل . الثاني : أن يحلف على شيء يظن نفسه صادقا فيه ثم يظهر خلافه وهذا يكون لغوا في اليمين بالله والنذر والظهار . أما الطلاق والعتاق فإنه ينعقد فيهما .
الثالث : أن يحلف على شيء في المستقبل يظن صدقه فلم يحصل كما إذا حلف على غيره وهو يظن أن يطيعه فلم يطعه أو فعل ما يقصده الحالف لعدم معرفته غرضه فكل ذلك من لغواليمين فلا مؤاخذة عليه ولا كفارة .
والغموس وهي التي يحلف بها على شيء مضى متعمدا الكذب عالما بأنه كاذب وهذه لا كفارة لها وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ) وهي ما فيها إثم ولا تنفع فيها الكفارة . وفي كل ذلك تفصيل في المذاهب