الحيوان الذي يحل صيده إما أن يكون مأكول اللحم أو غير مأكول فإن كان غير مأكول اللحم فإن صيده دفعا لشره كما يحل قتله لذلك وكذلك يحل صيده للانتفاع بما يباح الانتفاح به كالسن والشعر . وإن كان مأكول اللحم فيحل صيده بشروط : .
منها : أن يكون متوحشا بطبيعته لا يألف الناس ليلا ولا نهارا كالظباء وحمر الوحش وبقره وأرنبه ونحوها فيحل صيدها ولوتأنست إذا عادت لتوحشها فإن استمرت متأنسة فإنها لا تحل إلا بالذبح أما الحيوانات المتأنسة بطبيعتها كالجمال والبقر والغنم ( الحنفية - قالوا : إذا نفرت الشاة في الصحراء يكون حكمها ما ذكر في غيرها من الجمال والبقر أما إذا نفرت في المصر فإنها لا تحل بالعقر لأنها لا يتعسر إمساكها بخلافهما ولا يلزمه الاستعانة في إمساك المتوحش بجماعة بل متى ند البعير ونحوه ولم يقدر عليه إلا بجماعة فله أن يرميه ) ونحوها فلا تحل بالصيد بل لا بد في حل أكلها من ذكاتها الذكاة الشرعية ولوتوحش واحد منها كأن نفر البعير أو الثور أو شردت الشاة وعجز عن إمساكه فإنه يحل ( المالكية - قالوا : الحيوان المتأنس أصالة لا يؤكل إلا بالذبح سواء توحش ثم عاد فتأنس أواستمر على توحشه فلوند بعير أو ثور أو نحوهما فرماه أحد بسهم فعقره بأن جرحه فقتله بذلك فإنه لا يحل وكذلك لوتردى حيوان في بئر فإنه لا يحل إلا بالذكاة الشرعية وبعضهم يستثني البقر إذا توحش فيقول : إنه يحل بالعقر لأن له نظيرا يحل صيده هوبقر الوحش فإذا توحش البقر الأهلي فعقر فإنه يحل أكله نظير البقر الوحشي الذي يحل صيده ولوتوحش الحمام البيتي فقيل : يحل بالصيد وقيل لا يحل والمعتمد أنه لا يحل ) بالعقر وهو الجرح بالسهم ونحوه في أي موضع من بدنه شرط أن يريق دمه وأن يقتله بهذا الجرح وأن يقصد تذكيته وأن يكون أهلا للتذكية ومثل هذا ما إذا سقط حيوان في بئر ونحوها ولم يمكن ذبحه في محل الذبح فإنه يحل برميه في أي موضع من بدنه كما ذكر ويسمى هذا ذكاة الضرورة .
ومنها : أن يكون ممتنعا غير مقدورة عليه فلا يحل الحيوان المقدور عليه بالصيد كالدجاج والبط الأهلي والأوز والحمام لأنه مستأنس مقدور عليه بخلاف الحمام الجبلي لأنه متوحش غير مقدور عليه فيحل بالصيد .
ومنها : ألا يكون مملوكا للغير فيحرم صيد المملوك للغير ولا يحل بالصيد .
ومنها : أن لا يكون متقويا بنابه أو مخلبه كالذئب والسبع والنسر وغير ذلك مما لا يحل أكله .
ومنها : أن لا يدلكه وهوحي فإن أدركه وفيه حياة فإنه لا يباح إلا بالذبح على تفصيل في المذاهب .
( الحنفية - قالوا : إذا أدرك الصيد وفيه حياة غير مستقرة بل وجده متحركا حركة المذبوح فقط فإنه لا يحتاج إلى تذكية لأن عقره تذكية له فيحل أكله بشرائط الصيد وكذا لوأدركه وفيه حياة مستقرة زيادة على حركة المذبوح ولكن لم يتسع الوقت لذبحه فإنه يحل بالشروط أيضا . أما إذا أدركه وفيه حياة مستقرة واتسع الوقت لذبحه فإنه لا يحل إلا بالذبح لأنه يكون في هذه الحالة مقدورا عليه فهوكغيره من الحيوانات المقدور عليها وإذا لم يجد معه آلة لذبحه ومات فإنه لا يحل لأنه أصبح كغيره من الحيوانات التي لا تباح إلا بالتذكية ولو كان معه كلب فأرسله عليه في هذه الحالة فأجهز عليه وقتله فإنه يحل .
الحنفية - قالوا : إذا أدرك الصيد وفيه حياة فوق حركة المذبوح بأن يعيش يوما أو بعض يوم فإنه لا يحل إلا إذا ضبحه أما لوأدركه وليس فيه غير حركة المذبوح كأن أخرج الطلب بطنه أو أصمى السهم قلبه فإنه يحل بلا ذبح حتى ولووقع في الماء بعد هذه الحالة فإنه يحل لأنه لا يمكن أن يضاف قتله إلى الماء بعد أن يبق فيه غير حركة المذبوح كما يأتي ولا فرق أن يكون متمكنا من ذبحه في هذه الحالة أولا بخلاف المتردية فإنها لوذبحت وفيها حركة المذبوح فإنها تحل لأن الحياة فيها لا يشترط أن تكون بينة بل يكتفي فيها بمطلق الحياة وبعضهم يقول : إن الصيد كذلك لا بد من تذكيته ولو كانت فيه الحياة خفية بحيث لم يبق فيها غير حركة المذبوح وهذا كله إذا أدركه وأخذه أما إذا أدركه ولم يأخذه فإن تركه وقتا يمكنه فيها غير حركة المذبوح وهذا كله إذا أدركه وأخذه أما إذا أدركه ولم يأخذه فإن تركه وقتا يمكنه أن يذبحه فيه ومات فإنه لا يؤكل وإن لا فإنه يؤكل .
الشافعية - قالوا : إذا أدرك صيده حيا فإن لم يجد فيه غير حركة المذبوح بأن قطع حلقومه أو خرجت أمعاؤه فإنه يحل بدون ذبح ويكون موته بآلة الصيد تذكية له ولكن يندب إمرار السكين على حلقه ليريحه أما لوأدركه وفيه حياة مستقرة فوق حركة المذبوح فإنه لا يخلوإما أن لا يتعذر ذبحه فيتركه حتى يموت أو يتعذر بسبب إهماله وتقصيره فيموت فإنه لا يحل مثال ما يتعذر بغير تقصير أن يشغل بأخذ الآلة ليذبحه بها فيموت قبل إمكان ذبحه أو يفر الصيد من بين يديه مما فيه من قوة باقية فيموت قبل أن يتمكن من ذبحه وكذا لولم يجد من الزمن ما يمكن أن يذبح فيه . ومثال ما يتعذر بسبب تقصيره أن لا يكون معه آلة الذبح أو تضيع منه فإنه في هذه الحالة لا يحل وكذا إذا اشتغل بتحديد السكين حتى مات الصيد لأنه أهمل تحديدها أولا ولووجده منكسا فعدله ليذبحه فمات فإنه يحل كما إذا أراد أن يوجهه إلى القبلة فمات قبل ذبحه .
المالكية - قالوا : إذا أدرك الصيد حيا فإن كان قد نفذ من مقاتله كأن خرجت حشوته من كبد أو كلية أو طحال أو ثقبت أمعاؤه . أو خرج شيء من مخه ونحو ذلك مما يفضي إلى الموت حتما فإنه يؤكل بدون تذكية أما لوأدركه ولم ينفذ مقتل من مقاتله فإنه لا يباح أكله إلا بالذكاة فلوأهمل في تذكيته كأن وضع السكين في المخرج واشتغل بإخراجها فمات الصيد قبل أن يدرك تذكيته فإنه يحرم وكذا إذا أعطاها لغيره ليسبقه بها فجاء ولم يجده ومات الصيد قبل تذكيته وأيضا لوأطلق كلبا وتراخى في اتباعه ثم وجد الصيد ميتا فيحرم لاحتمال أنه لوجد في طلبه لوجده حيا فيذكيه إلا إذا تحقق أنه إذا جد لا يلحقه حيا ) .
وزاد بعضهم على ذلك شرطا آخر ( الحنفية - زادوا شرطا خامسا وهوأن لا يكون من دواب الماء كإنسان البحر وفرسه وخنزيره ونحوه مما ليس على صورة المسك . فإن ذلك يحرم أكله عندهم فلا يجوز صيده للأكل إلا ثعبان الماء فإنه وإن كان على صورة الثعبان البري غير أنه حلال صيده وأكله فالشروط المتعلقة بالحيوان الذي يحل أكله بالصيد خمسة : أن لا يكون من الحشرات وأن يكون ممتنعا بأن يكون له قوائم أن جناحان يمنع نفسه بهما . وأن يكون ذا ناب أو مخلب وأن يموت بالجارحة أو السهم قبل أن يدركه حيا وإلا وجب ذبحه )