قد عرفت من تقسم الطهارة أنها تنقسم إلى طهارة من الخبث . وطهارة .
من الحدث . وعرفت أن الخبث عند الفقهاء هو العين النجسة فلنذكر لك .
أمثلة من الأعيان النجسة . والأعيان الطاهرة التي تقابلها . ثم نذكر لك ما .
يعفى عنه من النجاسة وكيفية تطهيرها . ولنبدأ بذكر الأعيان الطاهرة .
لأن الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها بدليل . والأشياء .
الطاهرة كثيرة : منها الإنسان سواء كان حيا أو ميتا . كما قال تعالى : .
{ ولقد كرمنا بني آدم } . أما قوله تعالى : { إنما المشركون نجس } فالمراد به .
النجاسة المعنوية التي حكم بها الشارع وليس المراد أن ذات المشرك .
نجسه كنجاسة الخنزير . ومنها الجماد . وهو كل جسم لم تحله الحياة . ولم .
ينفصل عن حي . وينقسم إلى قسمين : جامد ومائع فمن الجامد جميع .
أجزاء الأرض ومعادنها . كالذهب والفضة . والنحاس . والحديد .
والرصاص ونحوها . ومنه جميع أنواع النبات . ولو كان مخدرا ويقال له : .
المفسد . وهو ما غيب العقل دون الحواس من غير نشوة وطرب .
كالحشيشة والأفيون . أو كان مرقدا . وهو ما غيب العقل والحواس معا .
كالداتورة والبنج . أو كان يضر العقل أو الحواس أو غيرها . ومن المائع : .
المياه . الزيوت . وعسل القصب . وماء الأزهار والطيب والخل . فهذه كلها .
من الجماد الطاهر . ما لم يطرأ عليها ما ينجسها . ومنها دمع كل شيء .
حي وعرقه ولعابه ومخاطه . على تفصيل المذاهب ( 1 ) .
ومنها بيضه الذي لم يفسد ولبنه إذا كان آدميا أو مأكول اللحم أما نفس .
الحيوان الحي سواء كان إنسانا أو غيره فإنه طاهر بحسب خلقته إلا .
بعض أشياء مفصلة في المذاهب ( 2 ) .
ومنها البلغم والصفراء . والنخامة ومنها مرارة الحيوان المأكول اللحم .
بعد تذكيته الشرعية والمراد بها الماء الأصفر الذي يكون داخل الجلدة .
المعروفة فهذا الماء الطاهر وكذلك جلدة المرارة ( 3 ) .
لأنها جزء من الحيوان المذكى تابع له في طهارته .
ومنها ميتة الحيوان البحري . ولو طالت حياته في البر كالتمساح ( 4 ) .
والضفدع والسلحفاة البحرية ولو كان على صورة الكلب أو .
الخنزير أو الآدمي . سواء مات في البر أو في البحر . وسواء مات حتف .
أنفه أو بفعل فاعل . لقوله A : " أحلت لنا ميتتان .
ودمان : السمك والجراد . والكبد والطحال " . ومنها ميتة الحيوان البري .
الذي ليس له دم يسيل . كالذباب والسوس والجراد والنمل والبرغوث ( 5 ) .
ومنها الخمر إذا صارت خلا . على تفصيل في المذاهب ( 6 ) .
ومنها مأكول اللحم المذكى ذكاة شرعية . ومنها الشعر والصوف والوبر .
والريش من حي مأكول أو غير مأكول أو ميتتهما . سواء أكانت متصلة .
أو منفصلة بغير نتف على تفصيل المذاهب ( 7 ) .
_________ .
( 1 ) ( الشافعية قالوا : .
بطهارة هذه الأشياء إذا كانت من حيوان طاهر سواء كان مأكول اللحم .
أو لا . وقالوا بطهارة سم الحية والعقرب .
المالكية قالوا : اللعاب هو ما يسيل من الفم حال اليقظة أو النوم . وهذا .
طاهر بلا نزاع . أما ما يخرج من المعدة إلى الفم فإنه نجس . ويعرف .
بتغير لونه أو ريحه . كأن يكون أصفر . ونتنا فإذا لازم عفي عنه وإلا .
فلا .
الحنابلة قالوا : بطهارة الدمع والعرق واللعاب والمخاط . سواء كانت من .
حيوان يؤكل أو من غيره . بشرط أن يكون ذلك الغير مثل الهرة أو أقل .
منها . وأن لا يكون متولدا من النجاسة .
الحنفية قالوا : حكم عرق الحي ولعابه حكم السؤر طهارة ونجاسة .
وستعرفه بعد .
( 2 ) ( الشافعية . والحنابلة قالوا : هذه الأشياء .
هي : الكلب . والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما مع غيره . وزاد .
الحنابلة على ذلك ما لا يؤكل لحمه إذا كان أكبر من الهر في خلقته .
الحنفية قالوا : ليس في الحيوان نجس إلا الخنزير فقط .
المالكية قالوا : لا شيء في الحيوان نجس العين مطلقا فالكلب والخنزير .
وما تولد منهما طاهرة جميعها .
( 3 ) ( الشافعية قالوا : بنجاسة .
ماء المرارة المذكورة وجلدتها متنجسة به وتطهر بغسلها كالكرش .
فإن ما فيه نجس وهو نفسه متنجس به . ويطهر بغسله .
الحنفية قالوا : إن حكم مرارة كل حيوان حكم بوله . فهي نجسة نجاسة .
مغلظة في نحو ما لا يؤكل لحمه ومخففة في مأكول اللحم . والجلدة تابعة .
للماء الذي فيها ) .
( 4 ) ( الشافعية . والحنابلة : استثنوا من ميتة الحيوان البحري أشياء : منها .
التمساح والضفدع . والحية . فإنها نجسة . وما عداها من البحر فهو .
طاهر ) .
( 5 ) ( الشافعية قالوا : بنجاسة الميتة المذكورة ما عدا الجراد .
الحنابلة قيدوا طهارة الميتة المذكورة بعدم تولدها من نجاسة . كدود .
الجرح ) .
( 6 ) ( المالكية قالوا : إن الخمر تطهر إذا صارت خلا أو تحجرت . ولو كان كل منها .
بفعل فاعل ما لم يقع فيها نجاسة قبل تخللها . ويطهر إناؤها تبعا لها .
الحنفية قالوا : إن الخمر تطهر ويطهر إناؤها تبعا لها إذا استحالت عينها .
بأن صارت خلا . حيث يزول عنها وصف الخمرية وهي المرارة .
والإسكار . ويجوز تخليلها . ولو بطرح شيء فيها . كالملح . والماء .
والسمك وكذا بإيقاد النار عندها . وإذا اختلط الخمر بالخل وصار حامضا .
طهر وإن غلب الخمر ولو وقعت في العصير فأرة وأخرجت قبل .
التفسخ وترك حتى صار خمرا : ثم تخللت . أو خللها أحد طهرت .
الشافعية قالوا : لا تطهر الخمر إلا إذا صارت خلا بنفسها بشرك أن لا .
تحل فيها نجاسة قبل تخللها وإلا فلا تطهر ولو نزعت النجاسة في .
الحال وبشرط أن لا يصاحبها طاهر إلى التخلل إذا كان مما لا يشق .
الاحتراز عنه لأنه يتنجس بها ثم ينجسها وأما الطاهر الذي يشق .
الاحتراز منه كقليل بذر العنب فإنه يطهر تبعا لها كما يطهر إناؤها .
تبعا لها .
الحنابلة قالوا : تطهر الخمر إذا صارت خلا بنفسها ولو بنقلها من شمس .
إلى ظل : أو عكسه أو من غير إناء لآخر بغير قصد التخليل ويطهر .
إناؤها تبعا لها ما لم يتنجس بغير المتخللة من خمر أو غيره فإنه لا .
يطهر .
وحاصل هذا أن المالكية . والحنفية اتفقوا على طهارة الخمر إذا صارت .
خلا سواء تخللت بنفسها أبو بفعل فاعل واختلفوا فيما إذا وقعت فيها .
نجاسة قبل تخللها فالمالكية يقولون : إنها لا تطهر بالتخلل في هذه الحالة .
والحنفية يقولون : إذا أخرجت النجاسة قبل تفسخها : ثم تخللت فإنها تطهر .
والشافعية والحنابلة : اتفقوا على أنها لا تطهر إلا إذا تخللت بنفسها . أما .
إذا خللها أحد فإنها لا تطهر واتفقوا على أنها إذا وقعت بها نجاسة قبل .
التخلل فإنها لا تطهر بالتخلل .
( 7 ) ( المالكية قالوا : بطهارة جميع .
الأشياء المذكورة من أي حيوان . سواء أكان حيا أم ميتا . مأكولا أم غير .
مأكول . ولو كلبا أو خنزيرا . وسواء أكانت متصلة أم منفصلة . بغير نتف .
كجزها أو حلقها أو قصها أو إزالتها بنحو النورة لأنها لا تحلها الحياة .
أما لو أزيلت بالنتف فأصولها نجسة والباقي طاهر . وقالوا : بنجاسة قصبة .
الريش من غير المذكى . أما الزغب النابت عليها الشبيه بالشعر . فهو .
طاهر مطلقا .
الحنفية وافقوا المالكية : في كل ما تقدم إلا في الخنزير فإن شعره نجس .
سواء كان حيا أو ميتا متصلا أو منفصلا وذلك لأنه نجس العين .
الشافعية قالوا بنجاسة الأشياء المذكورة إن كانت من حي غير مأكول إلا .
شعر الآدمي فإنه طاهر أو كانت من ميتة غير الآدمي فإن كانت .
الأشياء المذكورة من حي مأكول اللحم فهي طاهرة إلا إذا انفصلت بنتف .
وكانت في أصولها رطوبة أو دم أو قطعة لحم لا تقصد أي لا قيمة لها .
في العرف فإن أصولها متنجسة وباقيها طاهر فإن انفصل منها عند .
النتف قطعة لحم لها قيمة في العرف فهي نجسة تبعا .
الحنابلة قالوا بطهارة الأشياء المذكورة إذا كانت من حيوان مأكول اللحم .
حيا كان أو ميتا أو من حيوان غير مأكول اللحم مما يحكم بطهارته في .
حال حياته وهو ما كان قدر الهرة فأقل ولم يتولد من نجاسة وأصول .
تلك الأشياء المغروسة في جلد الميت نجسة ولم لم تنفصل عنها وأما .
أصولها من الحي الطاهر فهي طاهرة إلا إذا انفصلت بالنتف فتكون .
تلك الأصول نجسة ويكون الباقي طاهرا