الحنابلة قالوا : من أراد الإحرام فهو مخير بين ثلاثة أمور : التمتع والإفراد والقران وأفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران . أما التمتع فهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها بالتحليل . فإن لم يحرم بها في أشهر الحج لم يكن متمتعا . ويشترط أن يحج في عامه لقوله تعالى : { فمن تمتع } الآية . فإن ظاهره يقتضي الموالاة بينهما . وأما الإفراد . فهو أن يحرم بالحج مفردا . فإذا فرغ من الحج اعتمر العمرة الواجبة عليه إن كانت باقية في ذمته . وأما القران . فهو أن يحرم بالحج والعمرة معا . أو يحرم بالعمرة . ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها . إلا إذا كان معه هدي . فإنه يصح له أن يدخل الحج على العمرة . ولو بعد السعي . ويكون بذلك قارنا ويصح إدخال الحج على العمرة وإن كان محرما به في غير أشهر الحج أما إذا أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها ولم يصر قارنا ولا يعمل القارن شيئا زائدا من أعمال الحج عن الفرد فيطوف طوفا واحدا ويسعى سعيا واحدا وهكذا ويجب على المتمتع هدي لقوله تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } الآية وهو هدي عبادة لا هدي جبر وإنما يجب الهدي بسبعة شروط : أولا : أن لا يكون المتمتع من أهل مكة أو مستوطنا بها وأهل الحرم وأن لا يكون بينه وبين نفس الحرم أقل مسافة القصر فإن كان كذلك فلا يجب عليه الهدي ثانيا : أن يعتمر في أشهر الحج ثالثا : أن يحج من عامه كما تقدم رابعا : أن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر فإن سافر مسافة قصر فأكثر ثم أحرم بالحج فلا هدي عليه خامسا : أن يحل من العمرة قبل إحرامه من الحج فإن أحرم به قبل حله منها صار قارنا لا متمتعا ولزمه هدي قران سادسا : أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده أو من مكان بينه وبين مكة مسافة قصر فأكثر فلو أحرم من دون ذلك يكون من أهل المسجد الحرام كما تقدم وإنما يكون عليه هدي مجاوزة الميقات إن تجاوزه بغير إحرام وهو من أهل الوجوب سابعا : أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها ويلزم هدي التمتع والقران بطلوع فجر يوم النحر ويلزم القارن أيضا هدي نسك إذا لم يكن من أهل المسجد الحرام ولا يسقط هدي التمتع والقران بفسدهما ولا يسقط بفوات الحج وإذا قضى القارن ما فاته قارنا لزمه هديان : هدي لقرانه الأول وهدي لقرانه الثاني ولو ساق المتمتع هديا فليس له أن يحل من عمرته فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل من الحج والعمرة معا والمعتمر يحل متى فرغ من عمرته في أشهر الحج وغيرها ولو كان معه الهدي بخلاف المتمتع فإن كان معه هدي نحره عند المروءة ويجوز أن ينحره في أي مكان من الحرم ومن عجز عن الهدي بأن يم لجده يباع أو وجده ولم يجد ثمنه فعليه أن يصوم عشرة أيام : منها ثلاثة يوم عرفة فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى وهي الثلاثة التالية ليوم العيد ولا هدي عليه في ذلك فإن لم يصمها في أيام منى صام عشرة أيام كاملة وعليه هدي لتأخيره واجبا من واجبات الحج عن وقته ويجوز أن يصوم الثلاثة قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة وأما صومها قبل إحرامه بالعمرة فلا يجوز أما وقت وجوب صوم الأيام الثلاثة فهو وقت وجوب الهدي وهو ظلوع فجر يوم النحر ولا يصح صوم السبعة بعد إحرمه بالحج بعد طواف الزيارة والسعي فإنه يصح ولا يجب في صوم الثلاثة ولا السبعة تتابع ولا تفريق ومتى وجب عليه الصوم ثم وجد الهدي فلا يجب عليه الانتقال إليه ولو لم يشرع في الصوم فإن شاء انتقل إليه وإن شاء لم ينتقل وصام .
الحنفية قالوا : من أراد الإحرام فهو مخير بين الإفراد والقران والتمسح إلا أن القران أفضل من الاثنين والتمتع أفضل من الإفراد وإنما يكون القران أفضل إذا لم يخش أن يترتب عليه ارتكاب محظور من محظورات الإحرام لطول الأيام التي يلزم أن يبقى فيها محرما فإذا خشي المحرم الوقوع في شيء منها كان التمتع أفضل لقلة الأيام التي يلزم فيها البقاء على الإحرام في التمتع فيمكن للإنسان أن يضبط نفسه أما الإفراد فهو الإحرام بالحج وحده وأما القران فمعناه في اللغة الجمع بين شيئين ومعناه شرعا أن يحرم بحجة وعمرة معا م \ حقيقة أو حكما فالجمع بينهما حقيقة هو أن يجمع بينهما بإحرام واحد في زمان واحد والجمع بينهما حكما هو أن يؤخر إحرام الحج عن إحرام العمرة ثم يجمع بين أفعالهما وذلك بأن يحرم بالعمرة أولا ثم قبل أن يطوف لها أربعة اشواط يحرم بالحج فلو أحرم بالحج بعد أن طاف للعمرة أربعة أشواط لم يكن قارنا بل متمتعا بأن كان طوافه في أشهر الحج وإلا لم يكن قارنا ولا متمتعا أما إن أحرم بالحج أولا ثم نوى العمرة قبل طواف القدوم فإنه يكون قارنا مع الإساءة وبعد طواف القدوم يكون عليه هدي كما تقدم في " مبحث العمرة " ويصح إحرام القارن من الميقات أو قبله فإن جاوز الميقات بلا إحرام لزمه هدي إلا إذا عاد إليه محرما ويصح إحرامه في أشهر الحج وقبلها إلا أن تقديم الإحرام على أشهر الحج مكروه أما أفعال الحج والعمرة فإنه لا بد من وقوعها في أشهر الحج بأن يؤدي طواف العمرة أو أكثره وجميع سعيها وسعي الحج في تلك الأشهر ويسن أن يتلفظ بقوله : اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما مني ويستحب أن يقدم العمرة في الذكر كما يجب أن يقدمها في العمل لأن الحج لا يكفي لعمل العمرة فيجب أولا أن يطوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول بشرط وقوع ذلك الطواف أو العمرة فيجب أولا أن يكوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول بشرط وقوع ذلك الطواف أو أكثره في أشهر الحج كما تقدم آنفا ولو نوى بالطواف للعمرة الطواف للحج وقع طوافه عن العمرة لأن من طاف طوافا في وقته وقع له سواء نواه أو لا ثم يسعى لها ويتم عمل العمرة بذلك ولكن لا يتحلل منها لكونه محرما بالحج فيتوقف تحلله على فراغه من أفعاله أيضا .
فلو ؟ ؟ نقص في الملف ؟ ؟ الحنفية قالوا : لزمه دمان لجنايته على إحرامين ثم بعد الفراغ من العمرة يشرع في أعمال الحج كما تقدم فلو طاف فقط ثم طاف للحج بعد ذلك ثم سعى للعمرة بعد طوافه للحج ثم سعى للحج بعد ذلك صح مع الإساءة ولا هدي عليه بسبب ذلك ويشترط للقران سبعة شروط الأول : أن يحرم بالحج قبل طواف العمرة كله أو أكثره فلو أحرم بعد أن يطوف للعمرة كل طوافها أو أكثره قبل الوقوف بعرفة فلو لم يطف لها حتى وقف بعرفة بعد الزوال ارتفعت عمرته . وبطل قرانه وسقطت عنه الهدي اللازم للعمرة أما لو طاف أكثر طواف العمرة ثم وقف فإنه يتم الباقي من طوافها قبل طواف الزيارة الرابع أن يصون الحج والعمرة عن الفساد فلو جامع مثلا قبل الوقوف وقل أكثر طواف العمرة بطل قرانه وسقط عن الهدي الخامس : أن يطوف للعمرة طوافها كله أو أكثره في أشهر الحج فإن طاف أكثر طوافهم قبل أشهر الحج لم يصر قارنا السادس : أن لا يكون من أهل مكة فلا يصح قران المكي إلا إذا خرج من مكلة إلى جهة أخرى قبل أشهد الحج . السابع أن لا يفوته الحج فلو فاته لم يكن قارنا وسقط عنه الهدي ولا يشترط لصحة القران عدم الإلمام بأهله فيصح قران من طاف بالعمرة ثم رجع إلى موطنه بعد طوافها دون أن يتحلل وأما التمتع شرعافهو أن يحرم بالعمرة أولا في أشهر الحج أو قبلها بشرط أن يطوف أكثر أشواطها في أشهر الحج ثم يحرم بالحج في سفر واحد حقيقة أو حكما بأن لا يعود إلى بلده بعد العمرة أصلا أو يعود إلى بلده ولكن يكون العود إلى مكة ثانيا مطلوبا منه لسببين : أحدهما : أن يكون قد ساق الهدي لأن الهدي يمنعه من التحلل قبل يوم النحر ثانيهما أ يعود إلى بلده قبل أن يحلق لأنه في هذه الحالة يكون العود إلى الحرم مستحقا عليه لوجوب الحلق في الحرم ويسمى ذلك العود إلى بلده إلماما بأهله غير صحيح فلو اعتمر بلا سوق هدي ثم عاد إلى بلده قبل الحلق كان باقيا على إحرامه فإن رجع إلى الحج قبل أن يحلق في بلدة كان متمتعا لأن إلمامه بأهله لم يكن صحيحا أما إن حلق ببلده فقط بطل تمتعه وإن اعتمر مع سوق الهدي فلا يخلو إما أن يتركه إلى يوم النحر أو لا فإن تركه إلى يوم النحر فتمتعه صحيح ولا شيء عليه سوى ذلك الهدى سواء عاد إلى أهله أو لا وإن تعجل ذبح هديه فإما أن يرجع إلى أهله أو لا فإن رجع فلا شيء عليه مطلقا سواء حج من عامه أو لا وبطل تمتعه وإن لم يرجع إلى أهله فإن لم يحج من عامه فلا شيء عليه أيضا وإن حج من عامه لزمه دمان دم المتعة ودم الحل قبل أوانه .
ويشترط لصحة التمتع شروط منها أن يطوف طواف العمرة جميعه أو أكثره في أشهر الحج ومنها أن يقدم إحرام العمرة على الحج ومنها أن يطوف طواف العمرة كله أو أكثره قبل إحرام الحج ومنها عدم إفساد العمرة ومنها عدم إفساد الحج ومنها عدم الإلمام بأهله إلماما صحيحا كما تقدم ومنها أن يؤدي الحج والعمرة في سنة واحدة فلو طاف للعمرة في أشهر الحج هذه السنة ثم حج في سنة أخرى لم يكن متمتعا وإن لم يرجع إلى أهله أو بقي محرما إلى الثانية ومنها عدم التوطن بمكة فلو اعتمر ثم عزم على المقام بمكة أبدا لا يكون متمتعا وإلا كان متمتعا . ومنها أن لا تدخل عليه أشهر الحج وهو حلال بمكة لأنه حينئذ يكون ليس من أهل التمتع كأهل مكة وكذا لا تدخل عليه أشهر الحج وهو محرم ولكن طاف للعمرة أكثر طوافها في غير أشهر الحج وبعد أن يفرغ المتمتع من أعمال العمرة يتحلل منها إن شاء إما بالحلق أو التقصير ثم يظل حلالا إلى أن يحرم بالحج في اليوم الثامن وهو يوم التروية لأنه يوم إحرام أهل مكة ويجوز له أن يؤخر الإحرام إلى اليوم التاسع وهو يوم عرفة متى استطاع أن يقف بعرفة في زمنه ويجب على كل من القارن والمتمتع هدي يذبح يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة قال تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } . والقران كالتمتع في المعنى فيجب فيه الهدي أن وجد كما يجب في التمتع فإن لم يجد الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام ولو متفرقة والأفضل تتابعها ويكون صومها في أشهر الحج . بشرط أن يكون بعد إحرام العمرة ولا يجزئ صومها قبله ويصوم أيضا وجوبا سبعة أيام إذا فرغ من أعمال الحج والأفضل فيها التتابع أيضا كما أن الأفضل تأخير الصيام حتى لا يبقى على العيد سوى ثلاثة أيام لجواز أن يتيسر له الهدي قبل ذلك فلا يحتاج للصوم أما صوم الأيام السبعة فيصومها بعد الفراغ من الحج في أي وقت شاء إلا في الأيام المنهي عنها كأيام التشريق فإن صامها فيها فلا يجزئه فإن لم يصم الأيام الثلاثة حتى جاء يوم النحر يجزئه إلا الهدي فإن لم يقدر على الهدي تحلل ووجب عليه هديان في ذمته : أحدهما للقران أو التمتع والثاني : للتحلل قبل ذبح الهدي ولو قدر على الهدي قبل التحلل من الحج بالحلق أو التقصير بطل صومه ورجع للهدي وقد علمت أن القران والتمتع لا يصحان ممن كان داخل الحرم قال تعالى : { ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } وحاضرو المسجد الحرام من كانوا داخل المواقيت وهم أهل الحرم )