لها ميقات زماني وميقات مكاني فأما الزماني فهو كل السنة فيصح إنشاء الإحرام للعمرة من غير كراهة في كل أوقات السنة إلا في أحوال مفصلة في المذاهب مذكورة تحت الخط ( الحنفية قالوا : يكره الإحرام بالعمرة تحريما في يوم عرفة قبل الزوال وبعده على الراجح وكذلك يكره الإحرام بها في يوم عيد النحر وثلاثة أيام بعده كما يكره فعلها في أشهر الحج لأهل مكة سواء كانوا مستوطنين بها أو مقيمين إذا أرادوا الحج في تلك السنة فإن أحرم بها في وقت من هذه الأوقات لزمته بالشروع فيها لكن مع كراهة التحريم ويجب عليه رفضها تخلصا من الإثم ثم يقضيها وعليه دم للرفض فإن لم يرفضها صحت مع الإثم وعليه دم وكذلك يكره تحرميا الجمع بين إحرامين لعمرتين فمن أحرم بعمرة فطاف لها شوطا واحدا أو طاف كل الأشواط أو لم يطف أصلاص ثم أحرم بأخرى ارتفضت الثانية ولو لم ينو رفضها ولزمه قضاؤها وعليه دم للرفض وعليه دم للجميع بين إحرامين وإن حلق للأولى قبل الفراغ من الثانية لزمه دم آخر أما بعد الفراغ من الثانية فلا يلزمه دم آخر ومن أحر بحج ثم أحرم بعمرة قبل أن يطوف طواف القدوم لزماه وصار قارنا وأساء لأن العمرة على إحرام الحج ولا يندب له رفض العمرة وعليه دم شكر وتبطل عمرته هذه بالوقوف بعرفة للحج قبل أفعالها أما إذا أحرم بالعمرة بعد أن طاف طواف القدوم للحج فيندب له رفض العمرة وعليه دم للرفض ووجب عليه قضاؤها فإن لم يرفضها ومضى عليهما - الحج والعمرة - فعليه دمجبر وخالف المندوب .
المالكية قالوا : يصح الإحرام بالعمرة في كل وقت من السنة إلا إذا كان محرما بحج أو بعمرة أخرى فلايصح الإحرام بها حتى يفرغ من أعمال الحج أو العمرة الأولى والفراغ من أعمال الحج يكون بالوقوف والطواف والسعي ورمي الجمار في اليوم الرابع من أيام النحر أو مضي زمن الرمي بعد زوال شمس ذلك اليوم إذا لم يرم فيه ويندب تأخير الإحرام بها حتى تغرب شمس اليوم الرابع فإن أحرم بها بعد زمن الرمي من ذلك اليوم وقبل غروب الشمس صح الإحرام بها مع الكراهة إلا أنه لا يشرع في شيء من أعمال هذه العمرة حتى تغرب الشمس فإن فعل شيئا من أفعالها . كأن طاف أو سعى قبل الغروب فلا يعتد به . ويلزمه إعادته بعد الغروب ولا يكره الإحرام بالعمرة في يوم عرفة ولا في أيام التشريق ولا غيرها وإذا أحرم بحجتين أو عمرتين فالثاني منهما لغو لا أثر له فلا ينعقد وإذا أحرم بحج ثم أردفه بعمرة . فإن العمرة تكون لغوا .
الحنابلة قالوا : تصح العمرة في كل أوقات السنة . ولا تكره في أيام التشريق ولا غيرها إلا أنه إذا أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها في هذه الحالة فيلغو الإحرام بها : ولا يكون قارنا ولا يلزمه بالإحرام الثاني شيء وإن أحرم بعمرتين انعقد بإحداهما ولغت الأخرى ومثل ذلك ما إذا أحرم بحجتين .
الشافعية قالوا : تصح العمرة في جميع الأوقات من غير كراهة . إلا لمن كان محرما بالحج فلا يصح إحرامه بالعمرة فإن أحرم بها فلا ينعقد إحرامه كما أنه إذا أحرم بحجتين أو عمرتين فإنه ينعقد بأحدهما . ويلغو الآخر .
أما ميقاتها المكاني فهو كميقات الحج على ما سبق بيانه إلا بالنسبة لمن كان بمكة سواء كان من أهلها أو غريبا فإن ميقاته في العمرة الحل وهو ما عدا الحرم الذي يحرم التعرض فيه للصيد وأفضل الحل الجعرانة عند المالكية والشافعية وقال الحنفية والحنابلة . أفضل الحل التنعيم ثم الجعرانة والجعرانة مكان بين مكة والطائف . ثم التنعيم يليه في الفضل وهو مكان يسمى الآن بمساجد عائشة فيلزمه أن يخرج إلى طرف الحل ثم يحرم بخلاف الحج فإن ميقاته للمكي الحرم : على التفصيل السابق فإذا أحرم المكي بالعمرة في الحرم فإن لم يخرج إلى الحل صح إحرامه وعليه دم لتركه الإحرام من الميقات وخالف في ذلك المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط ( المالكية قالوا : إذا أحرم بالعمرة من الحرم فلا دم عليه . ولكن يجب عليه أن يخرج إلى الحل قبل طوافها وسعيها . لأن كل إحرام لا بد أن يجمع فيه بين الحل والحرم فإن طاف للعمرة وسعى ثم خرج للحل فلا يعتد بذلك وعليه إعادة الطواف والسعي حتما بعد خروجه للحل ) وإن خرج قبل أن يطوف ويسعى : وأحرم من الميقات فلا شيء عليه ويندب الإكثار من العمرة وتتأكد في شهر رمضان باتفاق ثلاثة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط ( المالكية قالوا : يكره تكرار العمرة في السنة مرتين إلا لمن كان داخلا مكة قبل أشهر الحج وكان ممن يحرم عليه مجاوزة الميقات حلالا كما تقدم فإنه لا يكره له تكرارها بل يحرم بعمرة حين دخوله ولو كان قد تقدمت له عمرة في هذا العام . فإذا أراد دخول مكة في أشهر الحج دخل بحج لا بعمرة . لأنه لا يكره الإحرام بالحج في هذه الحالة بخلاف الإحرام به قبل زمانه فإنه مكروه . وأما فعل العمرة مرة ثانية في عام آخر فهو مندوب : وينبغي أن يقصد بها إقامة الموسم لتقع سنة كفاية عن عموم الناس لأنها سنة كفاية كل عام بالنسبة لعموم الناس : وابتداء للسنة بالنسبة لعمرة المحرم ولا فرق عندهم بين رمضان وغيره فلا تتأكد فيه ) لما روي عن ابن عباس " عمرة في رمضان تعدل حجة "