للطواف واجبات وسنن مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الخط ( الشافعية قالوا : للطواف ثمانية سنن . الأولى : أن يستقبل البيت أول طوافه . ويقف بجانب الحجر إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبلا الحجر مارا إلى جهة الباب . فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت وهذا خاص بالمرة الأولى . الثانية : أن يمشي القادر ولو امرأة والركوب في الطواف خلاف الأولى إن كان بلا عذر وإلا فلا بأس به إذا كان الحمل على غير دابة صيانة للمسجد عن الدابة والأفضل أن يكون حافيا ما لم يتأذ بذلك . ويندب أن يضيق الخطوات ليكثر الثواب وأن يلمس الحجر الأسود بيده أول طوافه ويقبله تقبيلا خفيفا ولا يسن للمرأة ذلك إلا عند خلو المطاف ليلا أو نهارا ويستحب للرجل أن يضع جبهته عليه وأن يكون الاستلام والتقبيل ثلاثا فإن عجز عن الاستلام بيده استلمه بنحو عصا ويقبل ما أصابه به فإن عجز عن ذلك أيضا أشار إليه بيده أو بما فيها واليمين أفضل يفعل ذلك في طوافه الثالثة : الدعاء المأثور فيقول عند استلام الحجر الأسود عند ابتداء كل طوفة : بسم الله والله أكبر مع رفع يديه كرفع الصلاة : اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك سيدنا محمد A وهذا القول آكد في الطوفة الأولى من غيرها الرابعة : أن يمشي الذكر مسرعا من غير عدو ولا وثب في الطوفات الثلاثة الأولى ويمشي في الباقي على هينة بخلاف المرأة فإنها تمشي كعادتها الخامسة : الاضطباع للذكر ولو صبيا وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على منكبه الأيسر السادسة : أن يكون الرجل والصبي قريبا من البيت عند عدم الزحام وعدم التأذي بخلاف المرأة فيسن لها عدم القرب صيانة لها السابعة : الموالاة في الطواف فلو أحدث في الطواف ولو عمدا تطهر وبنى لكن الاستئناف أيضا أفضل وكذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف فإنه يصلي ويتم الطواف بعدها والاستئناف أيضا أفضل الثامنة : أن يصلي بعده ركعتين ويكفي فرض أو نفل آخر عنهما ويندب أن تكونا عقب الطواف مباشرة كما يندب استلام الحجر عقبهما وأن يسعى عقب الاستلام إن كان السعي مطلوبا منه والأفضل صلاتهما خلف المقام ثم بالحجر - بالكسر - ثم ما قرب من البيت وهما سنة مطلوبة ولو طال تأخرهما عن الطواف ويكره قطع الطواف من غير سبب والبصق ولو في نحو ثوب بلا عذر وجعل يديه خلف ظهره أو على فمه في غير حال التثاؤب وفرقعة الأصابع ويكره الطواف أيضا حال مدافعة الأخبثين .
المالكية قالوا : للطواف واجبان وسنن فأما واجباه فهما صلاة ركعتين بعده كما تقدم والمشي فيه للقادر عليه وأما سننه فهي تقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول ويكبر عند ذلك فإن لم يتمكن من تقبيله لمسه بيده فإن يستطع لمسه بعود مثلا ثم يضع يده أو العود بعد اللمس بأحدهما على فيه ويكبر حينئذ فإن لم يستطع شيئا من ذلك كبر عند محاذاته ومن السنن أيضا استلام الركن اليماني بيده في الشوط الأول ثم يضعها على فيه والدعاء في الطواف ولا يحد بحد مخصوص بل بما شاء والرمل وهو الإسراع فوق المشي المعتاد في الأشواط الثلاثة الأول وإنما يسن الرمل للرجل لا للمرأة وفي غير طواف الإفاضة أما الرمل في طواف الإفاضة فهو مندوب كما يأتي ويندب في الطواف الرمل في الشواط الثلاثة الأول من طواف الإفاضة لمن يم يطف طواف القدوم وتقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول واستلام الركن اليماني في الشوط الأول أيضا والقرب من الكعبة بالنسبة للرجال أما النساء فالسنة أن يطفن خلف الرجال كما في الصلاة .
الحنابلة قالوا : سنن الطواف هي : أولا : استلام الركن اليماني بيده اليمنى في كل شوط ثانيا : استلام الحجر الأسود وتقبيله في كل شوط أيضا إن تيسر والإشارة إليه بيده عند محاذاته إن تعسر ثالثا : الاضطباع في طواف القدوم وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر رابعا الرمل وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى وإنما يسن في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم لغير الراكب والمعذور والمحرم من مكة أو مكان قريب منها ولغير المرأة أيضا أما هؤلاء فلا يسن لهم كما لا يسن في طواف الزياة ولا غيره مما عدا طواف القدوم خامسا : الدعاء سادسا : الذكر سابعا القرب من الكعبة ثامنا : صلاة ركعتين بعد الطواف .
الحنفية قالوا : واجبات الطواف وسننه أمور . فمن واجباته أن يبدأ طوافه من الحجر الأسود فلو لم يفعل ذلك وجب عليه إعادة الطواف ما دام بمكة فإن لم يعده ورجع عليه دم والأفضل أن لا يترك شيئا من الحجر الأسود بل يقابله بجميع بدنه بأن يجعله عن يمينه ويجعل منكبه الأيمن عند الحجر الأسود ومنها التيامن بأن يطوف عن يمينه مما يلي الباب ويجعل الكعبة عن يساره لأنها بمنزلة الإمام له والمنفرد يقف على يمين إمامه فلو نكس الطواف بأن طاف عن يساره وجعل الكعبة عن يمينه وجبت عليه الإعادة أو الدم أما طهارة الثوب والبدن والمكان من الخبث فسنة مؤكدة حتى لو طاف وعليه ثوب كله نجس فلا جزاء عليه وإنما ترك السنة على الصحيح ومنها ستر العورة الواجب سترها في الصلاة فلو انكشف ربع العضو الواجب ستره في الصلاة فقد ترك الواجب ووجبت عليه الإعادة أو الدم .
واعلم أن ستر العورة في ذاته فرض فمعنى كونه واجبا هنا أن الطواف لا يفسد بتركه بل يصح مع الإثم وتجب فيه الإعادة أو الجزاء أما إذا انكشف أقل من ربع العضو فلا يضر كما في الصلاة ومنها المشي فيه للقادر عليه فلو كاف راكبا أو محمولا : أو زاحفا بلا عذر فعليه الإعادة أو الدم أما إن كان ذلك لعذر فلا شيء عليه ومنها أن يطوف وراء الحطيم - الحجر - لأن بعضه من البيت ومنها كون الطواف سبعة أشواط والشوط من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وهذه الأشواط السبعة واجبة كلها في طوافي القدوم والوداع إلا أنه لو ترك أكثر أشواط الوداع وهي أربعة لزمه دم ولو ترك أقل من ذلك لزمه لكل شوط صدقة بخلاف طواف القدوم فإنه لا يلزمه شيء بترك أكثرها أو أقلها سوى التوبة لأنه سنة في ذاته وإنما وجب بالشروع فيه كالنافلة فلا يكون حكمه حكم الواجب بأصله أما طواف الزيارة المفروض فأكثر أشواطه ركن بحيث لو ترك الأكثر بطل وباقيها واجب كما تقدم ولا يتحقق ترك الواجب إلا بالخروج من مكة أما ما دام فيها فهو مطالب به ولا تجزئ الإنابة في الطواف بدون عذر ومنها أن يصلي ركعتين عقب كل سبعة أشواط من طوافه سواء كان طوافه فرضا أو واجبا أو سنة أو نفلا والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف إلا إذا طاف في وقت كان طوافه فرضا أو واجبا أو سنة أو نفلا والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف إلا إذا طاف في وقت الكراهة ولا تفوت بتركها بل يصليهما في أي وقت شاء ولو بعد الرجوع إلى وطنه إلا أنه يكره له الكراهة ولا تفوت بتركها بل يصليهما في أي وقت شاء ولو بعد الرجوع إلى وطنه إلا أنه يكره له ذلك ويستحب أداءهما خلف المقام ثم في الكعبة ثم في الحجر تحت الميزاب ثم في كل ما يقرب منالحجر - بالكسر - إلى البيت ثم المسجد ثم الحرم فإن صلاهما خارج الحرم أساء ويقرأ في الركعة الأولى " الكافرون " وفي الثانية " الإخلاص " .
هذه واجبات الطواف أما سننه فهي أمور : منها أن يجعل قبل شروعه في الطواف طرف ردائه تحت إبطه اليمنى ويلقي طرفه الآخر على كتفه الأيسر ويسمى هذا الفعل اضطباعا ويفعل ذلك في كل طواف بعده سعي كطواف القدوم ومنها المشي بسرعة مع تقارب الخطى وهز الكتفين ويسمى هذا الفعل رملا يأتي به في الأشواط الثلاثة الأولى فقط فإن رأى ما يعوقه وقف حتى يتمكن من إعادة الرمل ومنها استلام الحجر الأسود وتقبيله عند نهاية كل شوط وتتأكد النية في الشوط الأول والأخير فإن لم يستطع استلامه بيده استلمه بنحو عصا إن أمكن ويقبل ما مس به فإن لم يستطع ذلك أيضا استقبل الحجر ورفع يديه مستقبلا بباطنهما إياه ويكبر ويهلل ويحمد الله تعالى ويصلي على النبي A وهذ الاستقبال مستحب وكذا استلام الركن اليماني مستحب وليس بسنة ويستحب أن يدعو عقب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام بما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة وأن يأتي زمزم بعد صلاة ركعتين قبل الخروج إلى الصفا فيشرب منها ويتضلع ويفرغ الباقي في البئر ويقول : اللهم إني أسألك رزقا واسعا وعلما نافعا وشفاء من كل داء ثم يأتي الملتزم قبل الخروج إلى الصفا )