الميقات معناه في اللغة موضع الإحرام للحاج وهو موافق للمعنى الشرعي فللإحرام ميقات مكاني وميقات زماني أما الميقات الزماني فقد تقدم الكلام عليه في مبحث " وقت الحج " المتقدم قريبا وأما الميقات المكاني فيختلف باختلاف الجهات فأهل مصر والشام والمغرب ومن وراءهم من أهل الأندلس والروم والتكرور ميقاتهم الجحفة وهي - بضم الجيم وسكون الحاء - قرية بين مكة والمدينة وهي خربة الآن ويقرب منها القرية المعروفة برابغ فيصح الإحرام منها بلا كراهة وهؤلاء يحرمون من هذا المكان عند محاذاته بحرا لأنه لا يلزم في الإحرام من الميقات المرور به في البرن بل المدار على أحد أمرين : إما المرور عليه أو محاذاته ولو بالبحر وأهل العراق وسائر أهل المشرق ميقاتهم ذات عرق وهي قرية على مرحلتين من مكة وسميت بذلك لأن بها جبلا يسمى عرقا - بكسر العين - يشرف على واد يقال له : وادي العقيق وأهل المدينة المنورة بنور النبي A ميقاتهم ذو الحليفة وهي موضع ماء لبني جشم بنيه وبين المدينة دون خمسة أميال وهي أبعد المواقيت من مكة لأن بينهما تسع مراحل أي سفر تسعة أيام والميقات لأهل اليمن والهند يلملم - بفتح اللامين وسكون الميم بينهما - وهو جبل مشرف على عرفات وهو على مرحلتين من مكة يقال له : قرن المنازل وهذه المواقيت لأهل هذه الجهات المذكورة ولكل من مر بها أو حاذاها وإن لم يكن من أهل جهتها فمن مر بميقات منها : أو حاذاه قاصدا النسك وجب عليه الإحرام منه ولا يجوز له أن يجاوزه بدون إحرام فإن جاوزه ولم يحرم وجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه إن كان الطريق مأمونا وكان الوقت متسعا بحيث لا يفوته الحج ولو رجع فإن لم يرجع لزمه هدي لأنه جاوز الميقات بدون إحرام سواء أمكنه الرجوع أو لم يمكن لخوف الطريق . أو ضيق الوقت إلا أنه في حالة إمكان الرجوع يأثم بتركه ولا فرق في ذلك بين أن يكون أمامه مواقيت أخرى في طريق أو لا وهذا الحكم بهذا التفصيل متفق عليه بين الشافعية والحنابلة وأما الحنفية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط ( الحنفية قالوا : إن جاوز الميقات بدون إحرام حرم عليه ذلك ويلزمه الدم إن لم يكن أمامه ميقات آخر يوم يمر عليه بعد وإلا فالأفضل إحرامه من الأول فقط إن أمن على نفسه من ارتكاب ما ينافي الإحرام فإن لم يأمن فالأفضل أن يؤخر الإحرام إلى آخر المواقيت التي يمر بها .
المالكية قالوا : متى مر بميقات من هذه المواقيت وجب عليه الإحرام فإن جاوزه بدون إحرام حرم ولزمه دم إلا إذا كان ميقات جهته أمامه يمر عليه فيما بعد فإن كان كذلك ندب له الإحرام من الأول فقط فإن لم يحرم منه فلا إثم عليه ولا دم وخالف المندوب )