يشترط لصحة الحج الإسلام سواء مباشرة الشخص بنفسه أو فعله نيابة عنه فلا يصح من الكافر ولا عنه طبعا والتمييز فإذا حج صبي مميز وقام بأعمال الحجر فإنها تصح منه : كالصلاة باتفاق ثلاثة من الأئمة وقال المالكية إن التمييز شرط لصحة الإحرام لا لصحة الحج والأمر في ذلك سهل فإن التمييز لا بد منه على كل حال أما الصبي الذي لا يميز والمجنون فإن الحج لا يصح منهما فلا يصح منهما إحرام ولا أي عمل من أعمال الحج ولكن على الوالي أن يقوم بالإحرام عنهما وعليه أن يحضرهما المواقف فيطوف ويسعى بهما ويأخذهما إلى عرفة وهكذا ومن شروط صحة الحج أن يباشر أعماله في وقت خاص فإذا باشرها في وقت آخر بطل حجه وفي بيان هذا الوقت اختلاف المذاهب فانظره تحت الخط ( الحنفية قالوا : الوقت الذي هو شرط لصحة الحج هو وقت طواف الزيارة ووقت الوقوف فأما وقت الوقوف فهو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر وأما طواف الزيارة فوقته من فجر يوم النحر إلى آخر العمر فيصح الطواف في أي زمن بعد الوقوف بعرفة في زمنه المذكور فلو لم يقف بعرفة في زمنه قبل الطواف لم يصح طوافه وأما الوقت الذي لا يصح شيء من أفعال الحج قبله فهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة فلو طاف أو سعى قبل ذلك فلا يصح ويستثنى من ذلك الإحرام فإنه يصلح قبل أشهر الحج من الكراهة وزاد الحنفية في شروط الصحة : المكان المخصوص وهو أرض عرفات للوقوف والمسجد الحرام لطواف الزيارة والإحرام وقد عدوا شروط الصحة فقط ثلاثة : الإحرام الوقت المكان أما الإسلام فهو شرط وجوب وصحة معا وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الصحة وإن كان شرطا في المعنى لأن إحرام غير المميز لا يصح عندهم .
المالكية قالوا : الوقت الذي هو شرط لصحة الحج منه ما يبطل الحج بفواته ومنه ما لا يبطل الحج بفواته وهو أنواع : وقت الإحرام بالحج ووقت الوقوف بعرفة ووقت الطواف بالركن وهو طواف الإفاضة ويسمى طواف الزيارة ووقت بقية أعمال الحج : كرمي الجمار والحلق والذبح والسعي بين الصفا والمروة فوقت الإحرام من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر بحيث يبقى على الفجر زمن يسع الإحرام والوقوف بعرفة وليس ابتداء الإحرام في ذلك الوقت شرطا لصحة الحج فيصح ابتداء الإحرام قبل ذلك الزمن إذا استمر محرما إلى دخوله وبعده مع الكراهة فيهما ويكون الإحرام بعده للعام القابل لأنه لا يمكن الحج في هذا العام لفوات زمن الوقوف ووقت الوقوف الركن من غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر العيد وأما الوقوف لحظة من الوقت الذي بين زوال الشمس يوم عرفة وغروبها فهو واجب يلزم في تركه هدي ووقت طواف الإفاضة من يوم عيد النحر إلى آخر شهر ذي الحجة فإذا أخره عن ذلك لزم دم وصح ولا يصح قبل يوم العيد بخلاف الوقوف لركن فلا يصح قبل وقته المتقدم ولا بعده ووقت بقية أعمال الحج على تفصيل سيأتي عند ذكر كل منها فالسعي يكون عقب طواف الإفاضة إن لم يتقدم عقب طواف القدوم والرمي له أيام مخصوصة : الأول والثاني والثالث والرابع من أيام العيد وهكذا مما يأتي فوقت الحج الذي فيه جميع أعمال : شوال وذو القعدة وجميع ذي الحجة . وأما المكان المخصوص . وهو أرض عرفة للوقوف فليس ركنا على حدة ولا شرطا كذلك بل هو جزء من مفهوم الركن وهو الوقوف بعرفة وكذا المسجد الحرام بالنسبة للطواف ليس شرطا لصحة الحج بل هو شرط لصحة الطواف وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الحج وإن كان إحرام غير المميز لا يصح لأنه شرط في الإحرام الذي هو النية لأن النية لا تصح من غير المميز ؟ فليس عندهم شرط لصحة الحج إلا الإسلام فقط .
الشافعية قالوا : الوقت الذي هو شرط لصحة الحج يبتدئ من أول يوم من شوال إلى طلوع فجر يوم عيد النحر وهو شرط الإحرام بالحج فلو أحرم به قبل هذا الوقت أو بعده فلا يصح حجا ولكن ينعقد عمرة وأما الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من أعمال الحج فلكل منها وقت يأتي بيانه عند ذكره وليس عندهم من شروط صحة الحج سوى هذه الثلاثة : الإسلام والتمييز والوقت المخصوص .
الحنابلة قالوا : الوقت الذي هو شرط لصحة الحج وأنواع : وقت الإحرام ووقت الوقوف بعرفة ووقت طواف الإفاضة ووقت بقية أعمال الحج كالسعي بين الصفا والمروة أما وقت الإحرام فهو من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر بحيث يبقى على طول الفجر زمن يسع الإحرام والوقوف والإحرام في هذا الوقت سنة ويصح قبل هذا الوقت وبعده مع الكراهة فيهما وأما وقت الوقوف بعرفة وغيره من بقية الأعمال فسيأتي ذكره عند بيان كل منها )