جواز ذلك ولا يعارض هذه العمومات حديث أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وفي الباب عن أنس عند الحاكم مرفوعا وعن أبي بن كعب عند الدارقطني والطبراني وعن رجل من الصحابة عند أحمد وأبي داود والبيهقي وصححه ابن السكن وعن الحسن مرسلا عند البيهقي وفي إسناد كل واحد من هذه مقال حتى قال أحمد هذا حديث باطل لا أعرفه من وجه يصح وقال ابن الجوزي لا يصح من جميع طرقه ولا يخفاك أن وروده من هذه الطرق مع تصحيح إمامين من الأئمة المعتبرين لبعضها وتحسين إمام ثالث منهم لبعضها مما يصير به الحديث منتهضا للاحتجاج به ولكن خاص بالأمانة فلا يجوز خيانة من خان إذا كان مال الذي للخائن عند من وقعت عليه الخيانة أمانة ويؤيد هذا الكلام أئمة اللغة ويدل على أن الخيانة إنما تكون في الأمانة كما في القاموس وغيره والحاصل أن مال المسلم معصوم بعصمه الإسلام وكذلك دمه وعرضه كما يدل على ذلك القرآن والسنة وهذا عموم مخصص بما كان على طريقة المكافأة كما في قوله سبحانه ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل .
وقوله وجزاء سيئة سيئة مثلها وقوله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وقوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وهذه الآيات مخصصه بالخيانة في الأمانة فلا يجوز على طريقة المكافأة وما يؤيد الجواز