أقول أعلم أن البيع الذي أحله الله سبحانه وجعله مقتضيا لانتقال الأملاك من مالك إلى مالك لا يعتبر فيه إلا مجرد التراضي وطيبة النفس بأي لفظ وقع وعلى أي صفه كان ولو بمجرد إشارة أو كتابة فإذا حصل هذا المناط وتفرق البائع والمشتري من المجلس راضيين بالبيع طيبة به نفساهما فقد انتقل ذلك المبيع من ملك البائع إلى ملك المشتري إذا كان المبيع مما أحل الشرع بيعه وجوز التعامل فيه .
وأما اعتبار كون المالك مكلفا فأمر لا بد منه لأن نفوذ التصرفات موقوف على بلوغ المتصرف إلى سن التكليف وهي أول مظنات الرشد وأما من دون التكليف فقد عرفت أن الله سبحانه أمر الولي بأن يمل عنه وجعل تصرفاته إليه وإذا أذن له بالتصرف كان المعتبر هو هذا الإذن الصادر من الولي لا مجرد تصرف غير المكلف ولعله إن شاء الله تعالى يأتي في باب المأذون زيادة تحقيق للمقام .
وأما اشتراط أن يكون مختارا فأمر لا بد منه لأن المناط هو التراضي وطيبة النفس كما سلف والمكره لا رضا منه ولا طيبة نفس وأما اشتراط كون البائع مطلق التصرف فلأن المحجور محبوس عن التصرف فهو كالمحكوم عليه بعدم التصرف في المال الذى تناوله الحجر إذا وقع من متأهل للحكم وصادف سببا يقتضي الحجر وسيأتي الكلام إن شاء الله على الحجر وأما كونه ملكا أو متوليا عن غيره بولاية شرعية فأمر لا بد منه فإن من لم يكن مالكا ولا متوليا كذلك لا حكم لبيعه لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وقد قال سبحانه ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل .
وأما كونه بلفظ تمليك إلخ فقد عرفناك أن المعتبر هو التراضي وطيبة النفس فما أشعر بهما ودل عليهما فهو البيع الشرعي وهكذا القول المعتبر فيه ذلك فقط فما