وما أحقك بأن يلصق بك صوت عذاب وشؤبوب عقوبة حتى تدع ما ليس من شأنك وتترك ما لست من رجاله .
وإذا تقرر لك هذا علمت أن كل ما قد ثبت عن الشارع في تطهير النجاسات كان تطهيرها بذلك الذي ثبت عنه سواء كانت النجاسة في اصطلاح أهل الفقه مغلظة أو مخففة ظاهرة أو خفية .
وأما ما ثبت عن الشارع الحكيم بانه نجس أو متنجس ولم يثبت لنا عنه ما تقوم به الحجة في كيفية تطهيره كان الواجب علينا فعل ما يصدق عليه مسمى رفع النجاسة وإزالتها .
فإن كان غير ظاهر كالبول ونحوه فلا بد من أن يغلب على ظن الغاسل أنه لم يبق منه شيء في الثوب ونحوه ولكن هذا الظن المذكور هو ظن المتشرعين لا ظن المصابين بالشكوك والأوهام .
وإن كان ظاهرا بارزا للعيان فلا بد من غسله حتى لا يبقى له لون ولا ريح فإنه لا يكون المعالج لإزالة النجاسة مزيلا لها إلا بهذا فإنه لو بقي شيء من العين أو اللون أو الريح لم يكن مزيلا لها حقيقة .
فاحرص على هذا البحث واشدد عليه يديك فإنك تنجو به من خبط وخلط وتكلف وتعسف .
واعلم أن الماء هو الأصل في تطهير النجاسات لوصف الشارع له بقوله خلق الماء طهورا فلا يعدل إلى غيره إلا إذا ثبت ذلك عن الشارع وإلا فلا لأنه عدول عن المعلوم كونه طهورا إلى ما لا يعلم كونه طهورا وذلك خروج عما تقتضيه المسالك الشرعية .
وما ذكره من طهارة البهائم ونحوها والأطفال بالجفاف فوجه ذلك أنه لم يسمع من الصحابة في عصر النبوة وبعده أنهم تعرضوا لتطهير ذلك مما يقع فيه من النجاسة أو تحرزوا من المباشرة لذلك