والحاصل أن هذه الشريعة المطهرة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد والموازنة بين أنواع المصالح وأنواع المفاسد وتقديم الأهم منها على ما هو دونه ومن لم يفهم هذا فهو لم يفهم الشريعة كما ينبغي والأدلة الدالة على هذا الأصل من الكتاب والسنة كثيرة جدا لا يتسع لها هذا المؤلف .
وقد ذكر الجلال ها هنا أبحاثا ساقطة البنيان مهدومة الأركان ليس في الاشتغال بدفعها إلا تضييع الوقت وشغلة الحير وإذا قد عرفت ما ذكرناه فيه تعرف الكلام على قوله أو تضيق وهي موسعة وعلى قوله قيل أو أهم منها عرض قبل الدخول فيها .
ومما يؤيد ما حررناه لك في هذا البحث حديث جريج الثابت في الصحيح أنها دعته أمه وهو يصلي فقال اللهم أمي وصلاتي وتردد أيهما أقدم فعوقب تلك العقوبة والحال أن إجابته لأمه وقضاء حاجتها لا تفوت باستمراره في صلاته وإكمالها فكيف إذا كان الاستمرار في الصلاة يحصل به هلاك مسلم وكان الخروج منها محصلا لحياته .
وهذا وإن كان من شرع من قبلنا فقد حكاه لنا رسول الله A ولم يذكر ما يخالفه في شرعنا فكان شرعا لنا كما تقرر في الأصول