وإذا رأى الإمام في ترك الدعوة صلاحا فعل فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من طريق نافع لما كتب إليه ابن عون يسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إليه إنما كان ذلك في أول الإسلام وقد أغار رسول الله A على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية ابنة الحارث ثم قال نافع حدثني به عبدالله بن عمر وكان في ذلك الجيش وأخرج البخاري وغيره عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله A رهطا من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عبدالله بن عتيك بيته ليلا فقتله وهو نائم وفي الصحيحين وغيرهما من حديث الصعب بن جثامة أن رسول الله A سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم فقال هم منهم وقد جمع بين هذه الأحاديث وما ورد في معناها بأنه يجب تقديم الدعوة لمن لم يبلغهم الدعوة ولا يجب إن كانت قد بلغتهم ولكنها تستحب فقط قال ابن المنذر وهو قول جمهور أهل العلم .
وهكذا تقديم الإمام دعاء البغاة عليه إلى الرجوع إلى طاعته لأنهم بغوا بسبب الخروج من طاعته فإن لم يرجعوا إلى الطاعة التي أوجبها الشرع للأئمة فقد بغوا وقد قال الله D فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله .
وأما كون الدعاء يندب أن يكون عليهم ثلاثا فلا دليل على ذلك وإن كان التكرير أبلغ في المعذرة وأدخل في الإنذار .
قوله وتنشر فيها الصحف