قوله فصل ويضمن بالتعدي .
أقول التعدي سبب مستقل للضمان لأنه أمر بأمر فليس له أن يتعداه ولا يخالفه فإن فعل فقد اختار لنفسه ضمان ما تلف بسبب تعديه وهكذا إذا تراخى تفريطا لا لسبب من الأسباب فإن تراخيه تساهل منه ومخالفة لأمر الموصي يوجب عليه الضمان لأن التنجيز قد صار واجبا عليه وإن أراد الخلوص من الوصايا فعل قبل أن يفرط بالتراخي فيتلف مال الغير بسببه .
وأما قوله فإن فعل أخرج الصغير متى بلغ فالذي ينبغي في هذا أن يقال قد بطلت وصايته بتعديه أو تفريطه فإن لم يتلف المال كان الأمر إلى الوارث كما سيأتي أن لكل وارث ولاية كاملة مع عدم الوصي فإن كان الوارث صغيرا كان الأمر إلى وليه وإلا ناب عنه الإمام أو الحاكم ولا وجه لانتظار لبلوغه ولا العمل باجتهاد الوصي وهكذا يضمن الوصي بمخالفة ما عين الموصي إذا تسبب عن ذلك تلف شيء من المال لأنه مأمور بأمر فمخالفته له سبب لضمانه .
وأما قوله وبكونه أجيرا مشتركا فوجهه أنه قد صار بالأجرة أجيرا مع كونه وصيا فيضمن ضمان الأجير وقد قدمنا الكلام على ما صرح به المصنف من تقسيم الأجير إلى خاص ومشترك وإثبات أحكام لكل واحد منهما فليرجع إليه .
وأما كونه لا يستحق الأجرة إلا مع الشرط أو الإعتبار فذلك ظاهر أما مع الشرط فلكون الموصي قد رضي بذلك فكان عليه القدر المشروط من الأجرة وأما مع الإعتياد فلكون معاملته محمولة على ما جرت به عادته ولكن إذا لم يعلم بذلك الوصي لم يجب عليه ولا على وارثه دفع ما يعتاده من الأجرة بل يدفع إليه أجرة المثل .
وأما قوله أو عمل للورثة فلا وجه له بل لا بد من الشرط عليهم أو الإعتياد للأجرة في مثل ذلك وإلا فالأصل عندهم في المنافع عدم العوض فكان عليهم هنا أن لا يجعلوا مجرد العمل للورثة سببا لاستحقاق الأجرة