أقول يدل على هذا قول الله D فقد جعلنا لوليه سلطانا فإن المراد جعلنا له سلطانا على القاتل في دم المقتول إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا وقد قدمنا ذكر الأدلة الدالة على أن الولي بخير النظرين وأنه إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا وأوضحنا أن هذا التخيير أمر راجع إليه لكن إذا كان القاتل معترفا مسلما نفسه للقصاص فللولي الاستيفاء من غير مرافعة إلى حاكم ولا إلى إمام وأما إذا كان مخاصما منكرا للقتل أو مدعيا مرافعة أو شبهة مسوغة للدعوى فليس للولي أن يستقل بنفسه بالقصاص لأنه في هذه الحالة خصم فله حكم سائر الخصوم ولا يقطع الخصومة إلا حكم الحاكم وقد تقدم للمصنف أنه ليس لمن تعذر عليه استيفاء حقه حبس حق خصمه ولا استيفاؤه إلا بحكم فكان ينبغي أن يقول هاهنا هكذا أو هذا إنما هو في منعه من الاقتصاص مع المنازعة والخصومة وأما طلب الدية فذلك حق لا يحتاج إلى حاكم إلا أن يدعي القاتل المدافعة فإنها توجب سقوط القصاص والدية فليس للولي أن يجبره على تسليم الدية إلا بعد المرافعة إلى الحاكم وأما العفو فلا شك أن لا الاستقلال بذلك من دون مرافعة لأنه إحسان محض وتفضل خالص إن كان عفوا شاملا للقصاص والدية وأما إذا كان خاصا بالقصاص دون الدية فلا استقلال بذلك إذا كان القاتل غير منازع في وجوبها عليه كما يجوز للولي أن يختار الدية ابتداء وأما مع المنازعة فلا بد من المرافعة كما قدمنا .
وأما قوله ولو بعد قطع عضو فلا بد من اعتبار رضا الجاني بذلك وإلا كان الواجب على قاطع العضو أن يسلم نفسه للقصاص فيه أو يسلم ديته ثم يقتص من الجاني ولا وجه لما قيل إنه لا يلزمه في قطع هذا العضو شيء فإن ذلك ظلم بحت لعلة مختلة .
وأما قوله وأن يصالح ولو بفوقها فهذا مقيد برضا الجاني فإن رضي بذلك فله أن يفتدي نفسه ولو بأضعاف الدية وأما إذا لم يرض فليس للولي إلا طلب الدية فقط