الأعظم إنما هو القتل لا الدية فإن ذلك يسهل على أهل الأموال ويسهل أيضا على الفقراء لأنهم يعذرون عن الدية بسبب فقرهم فإذا كان القتيل ثبت قتله بفعلهم جميعا كما سيذكره المصنف فالاقتصاص منهم هو الذي تقتضيه الحكمة الشرعية الثابتة في كتاب الله D ولهذا شبه الله سبحانه قاتل النفس بمن قتل الناس جميعا ورحم الله عمر بن الخطاب ورضي عنه ما كان أبصره بالمسالك الشرعية وأعرفه بما فيه المصلحة الدينية العائدة على العباد بأعظم الفائدة فقد ثبت عنه أنه قتل سبعة بواحد تمالوا على قتله وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا قال البخاري في الصحيح قال لي ابن بشار حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن غلاما ما قتل غيلة فقال فيه عمر لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به وهو في الموطأ بأطول من هذا ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه خالف عمر في ذلك والعجب ممن يعتمد في دفع هذه المسألة ويلزم سقوط القصاص لمسألة مقدور بين قادرين وهي أهون على المتشرع من شراك نعله .
وأما قوله وعلى كل منهم دية كاملة إن طلبت فوجهه أن كل واحد منهم كأنه مستقل بقتل ذلك ذلك القتيل ولهذا ثبت عليه القصاص فإن كانت الدية عوضا عن دم المقتول فالأمر هكذا وإن كانت عوضا عن دم القاتل فقد صار كل واحد منهم مستحقا للقتل .
وأما هذه التفاصيل التي ذكرها المصنف هنا إلى آخر الفصل فكلها معقولة حسنة فلا نطيل الكلام عليها