بأن لا يتصرف فيما حكم به له حتى ينظر ما يقوله الغائب بعد حضوره والمتمرد بعد رجوعه عن تمرده وكذلك مجهول المكان حتى يظهر مكانه .
فإن قلت إذا كان المطالب بالحكم فليس عليه إلا اليمين بأن يكون الظاهر معه قلت ينبغي أن يحكم له بيمينه المسندة إلى الظاهر الذي معه ويؤخذ عليه أن لا يتصرف فيه لجواز أن يكون مع خصمه الغائب أو المجهول أو المتمرد ما يترجح على يمينه وينقل عن الظاهر الذي معه فهكذا ينبغي أن يقال في هذا المقام وأما منع المانعين عن الحكم على هؤلاء فهو سد لباب حكم الشرع وإهمال لما أمر الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظلم بحت لمن جاء يشكو ظلامته ويعرض المستند الذي أمر الحكام بالحكم به .
وأما قدر مسافة الغيبة فينبغي تفويض النظر فيه إلى الحاكم المجتهد لاختلاف الأحوال باختلاف الأشخاص والأموال ومتى حضر هو أو المجهول أو المتمرد مجلس الحاكم عرض عليه الحاكم المستند الذي حكم به عليه فإن جاء بما يخالفه ويترجح عليه عمل عليه وإلا أقنعه بما تقدم من الحكم عليه ولا وجه للاقتصار على قوله فليس إلا له تعريف الشهود لأن مستندات الحكم أكثر من ذلك .
وأما قوله ولا يجرح إلا بمجمع عليه فلا وجه له بل يثبت الجرح بما يوجب سلب العدالة المعتبرة في الشهود لأنها إذا سلبت ذهب المقتضي للحكم ووجد المانع فلا أثر للحكم بعد عدم المقتضي ووجود المانع .
وأما ما ذكره من الإبقاء من مال الغائب فهو صحيح مع التوثق منه بألا يخرجه عن ملكه قبل معرفة ما ينتهي إليه الحال .
وأما الفرق من المصنف بين ما ثبت للغائب بالإقرار والنكول بين ما يثبت له بالبينة فوجهه أن ما ثبت له بالاعتراف أو بما هو في حكمه قد ثبت بمستند لا يحتمل النقض بخلاف ما ثبت بالبينة ولكنه يمكن أن يقال أن الإقرار ونحوه إذا رده المقر له بطل كما تبطل البينة إذا أقر بعدم صحتها فالاحتمال كائن في الجميع والتجويز يدخل الكل ولا وجه