وأما قوله واتخاذ عدول يسألهم عن حال من جهل متكتمين فهذا من أحسن السياسة الشرعية وإن كان يغني عن ذلك فتح باب الجرح والتعديل لكن قد يحصل بإخبار هؤلاء للحاكم مالا يحصل بالجرح والتعديل لوثوق الحكم بهم وطمأنينة النفس إليهم زيادة على ما تطمئن بمن يأتي بهم الخصوم من شهود الجرح والتعديل وأيضا قد يعرفونه بحال الخصوم ومن هو منهم جميل الحال كثير الورع ومن هو سيء الحال متهافت على الطمع .
قوله والتسوية بين الخصمين .
أقول هذا أول ما يتبين به عدل الحاكم من جوره فإنه إذا لم يسو بينهما فقد وقع في طريق الجور باديء بدء وهو مأمور بالحكم بالحق وبالعدل وليس هذا منهما وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم عن عبد الله بن الزبير قال قضى رسول الله A أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم وفي إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وهو مختلف فيه وقد صحح هذا الحديث الحاكم وإذا كانت التسوية بينهما في نفس المجلس واجبة فما عداها من التسوية في الخطاب والجواب والتقريب والتبعيد بالأولى ومثل هذا حديث أم سلمة عند أبي يعلى والدارقطني والطبراني في الكبير بلفظ ومن ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده ومجلسه ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفع على الآخر وفي إسناده عباد بن كثير وهو ضعيف .
وأما قوله إلا بين المسلم والذمي فوجهه ما أخرجه أبو أحمد الحاكم في الكنى