وما ذكره من أن له الوضع في المربد الذي كان يفعله الخلفاء لضوال المسلمين فذلك صحيح لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل فإذا وجد مخرجا من معرة الإنفاق عليها والقيام عليها بما يحتاجه من وضعها في مثل هذا المكان الذي ينفق فيه على الضوال من بيت المال كان له ذلك وكذلك له الإيداع وله مطالبة غاصبها بالقيمة لأنها قد تثبت له ولاية وله أن يرجع على صاحبها بما أنفقه عليها لأنه بالإنفاق حفظ تلك العين من التلف بالجوع والعطش ونحوهما .
قوله ويجوز الحبس عمن لم يحكم به ببينته .
أقوله هذا مبني على أن صاحبها لم يصفها بالأوصاف الصحيحة الموافقة بل جاء بالبينة على أنها له فيجوز للملتقط أن يحبسها حتى يحكم الحاكم بذلك لأنه إذا دفعها إليه بدون ذلك كان معرضا لنفسه لضمانها ولا يجب عليه الدخول فيما يخشى من عاقبة التضمين لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وهذا من أعظم السبيل عليه أما إذا وصفها صاحبها بالأوصاف الصحيحة الموافقة فقد وجب دفعها إليه لقوله A في حديث زيد بن خالد في الصحيحين وغيرهما اعرف وكاءها وعفاصها وفيه فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه .
وفي رواية لمسلم من هذا الحديث فإذا جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك وفي حديث أبي بن كعب عند مسلم وغيره بلفظ فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه وإلا فاستمتع بها .
فإن قلت إذا كان يخش أن يكون هذا الواصف لها قد عرفها من مالكها وبلغه التقاطها أو أخبره مالكها بأوصافها فخشي من دفعها إليه أن يأتي مالكها فيضمنه