وما أحسن ما قاله الزركشي في البحر عن المزني فإنه قال يقال لمن حكم بالتقليد هل لك من حجة فإن قال نعم أبطل التقليد لأن الحجة أوجبت ذلك عنده لا التقليد .
وإن قال بغير علم قيل له فلم أرقت الدماء وأبحت الفروج والأموال وقد حرم الله ذلك إلا بحجة .
فإن قال أنا أعلم أني أصبت وإن لم أعرف الحجة لأن معلمي من كبار العلماء قيل له تقليد معلم معلمك أولى من تقليد معلمك لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت عن معلمك كما لم يقل معلمك إلا بحجة خفيت عليك .
فإن قال نعم ترك تقليد معلمه إلى تقليد معلم معلمه وكذلك حتى ينتهي إلى العالم من الصحابة .
فإن أبى ذلك نقض قوله وقيل له كيف يجوز تقليد من هو أصغر واقل علما ولا يجوز تقليد من هو أكبر وأكثر علما .
وقد روى عن رسول الله A أنه حذر من زلة العالم وعن ابن مسعود أنه قال لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن أمن وإن كفر كفر فإنه لا أسوة في الشر انتهى .
وأقول متمما لهذا الكلام وعند أن ينتهي إلى العالم من الصحابة يقال له هذا الصحابي أخذ علمه عن أعلم البشر المرسل من الله إلى عباده المعصوم عن الخطأ في أقواله وأفعاله فتقليده أولى من تقليد الصحابي الذي لم يصل إليه إلا شعبة من شعب علومه وليس له من العصمة شيء ولم يجعل الله سبحانه قوله ولا فعله ولا اجتهاده حجة على أحد من الناس