وأما وقوع الخيانة منه فإنه ينقلب بذلك غاصبا ويخرج به عن كونه أمينا وهكذا إذا جحدها فإنه يصير بذلك غاصبا وهكذا إذا ترك ردها بعد الطلب لغير عذر فإنه يصير بذلك مفرطا تفريطا يكون به جانبا .
قوله ومتى زال التعدي في الحفظ صارت أمانة .
أقول إذا فعل الوديع فعلا يخرج به عن كونه أمينا لم يعد له حكم الأمانة إلا بإيداع جديد وذلك بأن يعلم المالك حصول ذلك منه ثم يرضى ببقائها لديه وديعة كما كانت وهكذا سائر ما تقدم من الأسباب المقتضية للضمان لأن عود حكم الأمانة بعد رفعها لا يحصل بمجرد السلامة من ذلك التعدي ولا بمجرد عزم الوديع على عدم التعدي لأن الملك ملك الغير فلا بد من رضائه واخياره وإلا فلا وهذا ظاهر لا يخفى وأما كونه إذا وقع اليأس من عود مالكها دفعها الوديع إلى الوارث فهذا هوالواجب عليه لأن الوارث هو المستحق لتلك العين بعد حصول اليأس كما يستحقها بموت المالك وأما صرفها إلى الفقراء أو غيرهم فليس ذلك إليه ولا ولاية له عليه بل أمر ذلك إلى الأمام والحاكم إذا لم يوجد من له ولاية في مال المالك أقدم من ولايتهما من وصاية أو نحوها وأما كونه إذا عين للتصدق بها وقتا جاز فهذا معلوم لأن له أن يفعل في ملكه ما شاء .
وأما قوله ما لم يتيقن موته فمبني على أنها قد صارت بالموت ملكا للورثة ولكن هذه المقالة قد أفادت أنه قد أخرجه عن ملكه إخراجا مؤقتا بوقت وذلك صحيح كما قدمنا غير مرة فلم يبق للوارث فيه حق وأما على قول من قال إن المضاف إلى بعد الموت وصية تنفذ من الثلث فإن كان مثل هذا يتسع له ثلث ماله فلا حق للوارث وإن كان لا يتسع له كان له المطالبة بما زاد على الثلث .
قوله وما أغفله الميت حكم بتلفه .
أقول هذا الإغفال لا يقتضي هذا الإهمال حتى يقال إنه يحكم بتلفه بل غاية ما هنا أن يقال إن القول قول الوارث للوديع في ردها كما كان القول قول الوديع في ذلك