- أما حديث جابر فأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وروى الترمذي في سننه عن البخاري أنه أصح شيء في الباب كما قال المصنف C .
وأما حديث ابن عباس فأخرجه أيضا أحمد وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني والحاكم وفي إسناده ثلاثة مختلف فيهم أولهم عبد الرحمن بن أبي الزناد كان ابن مهدي لا يحدث عنه . وقال أحمد : مضطرب الحديث وقال النسائي : ضعيف وقال يحيى بن معين وأبو حاتم : لا يحتج به وقال الشافعي : ضعيف وما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد وقال ابن عدي : بعض ما يرويه لا يتابع عليه وقد وثقه مالك واستشهد البخاري بحديثه عن موسى بن عقبة في باب التطوع بعد المكتوبة وفي حديث ( لا تمنوا لقاء العدو ) .
والثاني شيخه عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة قال أحمد : متروك الحديث . وقال ابن نمير : لا أقدم على ترك حديثه وقال فيه ابن معين : صالح وقال أبو حاتم : شيخ وقال ابن سعد : ثقة وقال ابن حبان : كان من أهل العلم ولكنه قد توبع في هذا الحديث فأخرجه عبد الرزاق عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس بنحوه . قال ابن دقيق العيد : هي متابعة حسنة .
والثالث حكيم بن حكيم وهو ابن عباد بن حنيف قال ابن سعد : كان قليل الحديث ولا يحتجون بحديثه .
وحديث ابن عباس هذا قد صححه ابن عبد البر وأبو بكر ابن العربي قال ابن عبد البر : إن الكلام في إسناده لا وجه له وأخرجه من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش فسلمت طريقه من التضعيف بعبد الرحمن بن أبي الزناد . وكذلك أخرجه من هذا الوجه أبو داود وابن خزيمة قال أبو عمر : وذكره عبد الرزاق عن عمر بن نافع وابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده وذكره أيضا عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس .
وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي والنسائي بإسناد حسن [ ص 382 ] وصححه ابن السكن والحاكم وحسنه الترمذي ولكن فيه : ( إن للمغرب وقتين ) ونقل عن البخاري أنه خطأ . ورواه الحاكم من طريق أخرى وقال : صحيح الإسناد . وعن بريدة عند الترمذي أيضا وصححه . وعن أبي موسى عند مسلم وأبي داود والنسائي وأبي عوانة وأبي نعيم قال الترمذي في كتاب العلل : إنه حسنه البخاري . وعن أبي مسعود عند مالك في الموطأ وإسحاق بن راهويه والبيهقي في الدلائل وأصله في الصحيحين من غير تفصيل وفصله أبو داود . وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد في مسنده والطحاوي وعن عمرو بن حزم رواه إسحاق بن راهويه .
وعن البراء ذكره ابن أبي خيثمة . وعن أنس عند الدارقطني وابن السكن في صحيحه والإسماعيلي في معجمه وأشار إليه الترمذي ورواه عنه النسائي بنحوه وأبو أحمد الحاكم في الكنى . وعن ابن عمر عند الدارقطني قال الحافظ : بإسناد حسن لكن فيه عنعنة ابن إسحاق . ورواه ابن حبان في الضعفاء من طريق أخرى فيها محبوب بن الجهم وهو ضعيف . وعن مجمع بن جارية عند الحاكم .
قوله في الحديث ( قم فصله ) الهاء هاء السكت .
قوله ( حين وجبت الشمس ) الوجوب السقوط والمراد سقوطها للغروب .
وقوله ( زالت الشمس ) أي مالت إلى جهة الغرب .
وقوله ( حين صار كل شيء مثله ) الظل الستر ومنه قولهم أنا في ظلك وظل الليل سواده لأنه يستر كل شيء وظل الشمس ما ستر به الشخوص من مسقطها .
قال ابن عبد البر : وكانت إمامة جبريل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الذي يلي ليلة الإسراء وأول صلاة أديت كذلك الظهر على المشهور قيل الصحيح كما ثبت من حديث ابن عباس عند الدارقطني .
قال الحافظ : والصحيح خلافه وذكر ابن أبي خيثمة عن الحسن أنه ذكر له أنه لما كان عند صلاة الظهر نودي أن الصلاة جامعة ففزع الناس فاجتمعوا إلى نبيهم فصلى بهم الظهر أربع ركعات يؤم جبريل محمد أو يؤم محمد الناس لا يسمعهم فيهن قراءة .
وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قال نافع بن جبير وغيره : لما أصبح النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الليلة التي أسري به فيها لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس ولذلك سميت الأولى فأمر فصيح بأصحابه الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى جبريل بالنبي وصلى النبي بالناس وطول الركعتين الأوليتين ثم قصر الباقيتين .
وسيأتي للمصنف وغيره في شرح حديث أبي موسى أن صلاة جبريل كانت بمكة مقتصرين على ذلك .
قال الحربي : إن الصلاة قبل الإسراء [ ص 383 ] كانت صلاة قبل الغروب وصلاة قبل طلوع الشمس . وقال أبو عمر : قال جماعة من أهل العلم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن عليه صلاة مفروضة قبل الإسراء إلا ما كان أمر به من صلاة الليل على نحو قيام رمضان من غير توقيت ولا تحديد ركعات معلومات ولا لوقت محصور . وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وقامه معه المسلمون نحوا من حول حتى شق عليهم ذلك فأنزل الله التوبة عنهم والتخفيف في ذلك ونسخه وحطه فضلا منه ورحمة فلم يبق في الصلاة فريضة إلا الخمس .
والحديث يدل على أن للصلوات وقتين وقتين إلا المغرب وسيأتي الكلام على ذلك . وعلى أن الصلاة لها أوقات مخصوصة لا تجزئ قبلها بالإجماع وعلى أن ابتداء وقت الظهر الزوال ولا خلاف في ذلك يعتد به وآخره مصير ظل الشيء مثله . واختلف العلماء هل يخرج وقت الظهر بمصير ظل الشيء مثله أم لا فذهب الهادي ومالك وطائفة من العلماء أنه يدخل وقت العصر ولا يخرج وقت الظهر وقالوا يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحا للظهر والعصر أداء .
قال النووي في شرح مسلم : واحتجوا بقوله A ( فصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله وصلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله ) وظاهره اشتراكهما في قدر أربع ركعات قال : وذهب الشافعي والأكثرون إلى أنه لا اشتراك بين وقت الظهر ووقت العصر بل متى خرج وقت الظهر بمصير ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون عند الزوال دخل وقت العصر وإذا دخل وقت العصر لم يبق شيء من وقت الظهر . واحتجوا بحديث ابن عمرو بن العاص عند مسلم مرفوعا بلفظ : ( وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر ) الحديث قال : وأجابوا عن حديث جبريل بأن معناه فرغ من الظهر حين صار ظل كل شيء مثله وشرع في العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله فلا اشتراك بينهما قال : وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث ولأنه إذا حمل على الاشتراك يكون آخر وقت الظهر مجهولا لأنه إذا ابتدأ بها حين صار ظل كل شيء مثله لم يعلم متى فرغ منها وحينئذ لا يحصل بيان حدود الأوقات وإذا حمل على ذلك التأويل حصل معرفة آخر الوقت فانتظمت الأحاديث على اتفاق . ويؤيد هذا أن إثبات ما عدا الأوقات الخمسة دعوى مفتقرة إلى دليل خالص عن شوائب المعارضة فالتوقف على المتيقن هو الواجب حتى يقوم ما يلجئ [ ص 384 ] إلى المصير إلى الزيادة عليها .
وفي الحديث أيضا ذكر بقية أوقات الصلوات وسيعقد المصنف لكل واحد منها بابا وسنتكلم على كل واحد منها في بابه إن شاء الله تعالى