- الحديث اختصره المصنف وترك أطرافا من أوائله وتمامه قال : ( ثم نظر إليه وهو مقف فقال : إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله لينا رطبا لئن أدركتهم لأقتلهن قتل ثمود ) انتهى .
قوله ( بذهبية ) على التصغير . وفي رواية بذهبة بفتح الذال .
قوله ( بين أربعة ) هم عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل كذا في صحيح مسلم .
قال النووي : قال العلماء ذكر عامر هنا غلط ظاهر لأنه توفي قبل هذا بسنين والصواب الجزم بأنه علقمة بن علاثة كما هو مجزوم به في باقي الروايات .
قوله ( فقال خالد بن الوليد ) في رواية عمر بن الخطاب وليس بينهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن فيه .
قوله ( لعله أن يكون يصلي ) فيه أن الصلاة موجبة لحقن الدم ولكن مع بقية الأمور المذكورة في الأحاديث الآخرة .
قوله ( لم أومر أن أنقب ) الخ معناه إني أمرت بالحكم بالظاهر والله متولي السرائر كما قال A ( فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) . والحديث استدل به على كفر الخوارج لأنهم المرادون بقوله في آخره ( قوم يتلون كتاب الله ) كما صرح بذلك شراح الحديث وغيرهم . وقد اختلف الناس في ذلك قال النووي بعد أن صرح هو والخطابي بأن الحديث وأمثاله يدل على كفر الخوارج : وقد كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالا من سائر المسائل ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه الفقيه عبد الحق في الكلام عليها فاعتذر بأن الغلط فيها يصعب موقعه لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيم في الدين . وقد اضطرب فيها قول القاضي أبي بكر الباقلاني وناهيك به في علم الأصول وأشار ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات لأن القوم لم يصرحوا بالتكفير ( 1 ) وإنما قالوا قولا يؤدي إلى ذلك .
[ ص 368 ] وأنا أكشف لك نكتة الخلاف وسبب الإشكال وذلك أن المعتزلي مثلا إذا قال إن الله تعالى عالم ولكن لا علم له وحي ولا حياة له وقع الاشتباه في تكفيره لأنا علمنا من دين الأمة ضرورة أن من قال أن الله ليس بحي ولا عالم كان كافرا وقامت الحجة على استحالة كون العالم لا علم له فهل يقول إن المعتزلي إذا نفى العلم نفى أن يكون الله عالما أو يقول قد اعترف بأن الله تعالى عالم فلا يكون نفيه للعلم نفيا للعالم هذا موضوع الإشكال .
قال : هذا كلام الماوردي ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه وجماهير العلماء أن الخوارج لا يكفرون . قال الشافعي : أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية وهم طائفة من الرافضة يشهدون لموافقيهم في المذهب بمجرد قولهم فرد شهادتهم لهذا لا لبدعتهم وسيأتي الكلام على الخوارج مبسوطا في كتاب الحدود .
وقد استدل المصنف بالحديث على قبول توبة الزنديق فقال : وفيه دليل لمن يقبل توبة الزنديق انتهى . وقد تقدم الكلام على ذلك وما ذكره متوقف على أن مجرد قوله لرسول الله ( اتق الله ) زندقة وهو خلاف ما عرف به العلماء الزنديق .
وقد ثبت في رواية أخرى في الصحيح أنه قال ( والله إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله ) والاستدلال بمثل هذا على ما زعمه المصنف أظهر .
قال القاضي عياض : حكم الشرع أن من سب النبي A كفر وقتل ولم يذكر في هذا الحديث أن هذا الرجل قتل . قال المازري : يحتمل أن يكون لم يفهم منع الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة ويحتمل أن يكون استدلال المصنف ناظرا إلى قوله في الحديث ( لعله يصلي ) وإلى قوله ( لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ) فإن ذلك يدل على قبول ظاهر التوبة وعصمة من يصلي فإذا كان الزنديق قد أظهر التوبة وفعل أفعال الإسلام كان معصوم الدم .
_________ .
( 1 ) لعله بالكفر أو ما يوجب التكفير