- زاد أحمد من طريق ابن كيسان إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا .
والحديث يدل على وجوب القصر وأنه عزيمة لا رخصة وقد أخذ بظاهره الحنفية والهادوية واحتج مخالفوهم بقوله سبحانه { ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } ونفي الجناح لا يدل على العزيمة والقصر إنما يكون من شيء أطول منه قالوا : ويدل على أنه رخصة قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( صدقة تصدق الله بها عليكم ) وأجابوا عن حديث الباب بأنه من قول عائشة غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة قاله الخطابي وغيره .
قال الحافظ : وفي هذا الجواب نظر أما أولا فهو مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع وأما ثانيا فعلى تقدير تسليم أنها لم تدرك القصة يكون مرسل صحابي وهو حجة لأنه يحتمل أن يكون أخذه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عن صحابي آخر أدرك ذلك .
وأما قول إمام الحرمين لو كان ثابتا لنقل متواترا ففيه نظر لأن التواتر في مثل هذا غير لازم وقالوا أيضا يعارض حديث عائشة هذا حديث ابن عباس : ( فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين ) أخرجه مسلم .
( والجواب ) أنه يمكن الجمع بين حديث عائشة وابن عباس فلا تعارض وذلك بأن يقال إن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح كما روى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن عائشة قالت : ( فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار ) انتهى .
ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول الآية السابقة . ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة [ ص 363 ] وهو مأخوذ مما ذكره غيره أن نزول آية الخوف كان فيها .
وقيل كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية ذكره الدولابي وأورده السهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو نحوه . وقيل بعد الهجرة بأربعين يوما فعلى هذا المراد بقول عائشة : ( فأقرت صلاة السفر ) أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف .
والمصنف ساق الحديث للاستدلال به على فرضية الصلاة لا أنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة ولعله يأتي تحقيق ما هو الحق في باب صلاة السفر إن شاء الله تعالى