- الحديث الأول في إسناده محمد بن إسحاق وهو ضعيف إذا عنعن لكونه مدلسا ولكنه ههنا صرح بالتحديث . وحديث عبد الله بن سعد أخرجه الترمذي وحسنه . وقال الحافظ في التلخيص : في إسناده ضعف .
وفي الباب عن المقداد ( أن عليا أمره أن يسأل رسول الله A ) أخرجه أبو داود من طريق سليمان بن يسار عنه . وفي رواية لأحمد والنسائي وابن حبان أنه أمر عمار بن ياسر . وفي رواية لابن خزيمة أن عليا سأل بنفسه . وجمع بينها ابن حبان بتعدد الأسئلة . ورواه أبو داود من طريق عروة عن علي وفيه يغسل أنثييه وذكره وعروة لم يسمع من علي لكن رواه أبو عوانة في صحيحه من طريق عبيدة عن علي بالزيادة وإسناده لا مطعن فيه .
قوله ( ألقى من المذي شدة ) في المذي لغات فتح الميم وإسكان الذال المعجمة وفتح الميم مع كسر الذال وتشديد الباء وبكسر الذال مع تخفيف الياء فالأوليان مشهورتان أولاهما أفصح وأشهر والثالثة حكاها أبو عمر الزاهد عن ابن الأعرابي . والمذي ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الشهوة بلا شهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه . ذكره النووي ومثله في الفتح .
قوله ( فتنضح به ثوبك ) قد سبق الكلام على معنى النضح في باب نضح بول الغلام وهكذا ورد الأمر بالنضح في الفرج عند مسلم وغيره .
قال النووي : معناه الغسل فإن النضح يكون غسلا ويكون رشا . وقد جاء في الرواية الأخرى ( فاغسل ) وفي الرواية المذكورة في الباب ( يغسل ذكره ) وفي التي بعدها كذلك .
وفي الأخرى ( فتغسل من ذلك فرجك ) فتعين حمله عليه ولكنه ثبت في الرواية المذكورة في الباب من رواية الأثرم بلفظ : ( فترش عليه ) وليس المصير إلى الأشد بمتعين بل ملاحظة التخفيف من مقاصد الشريعة المألوفة فيكون الرش مجزئا كالغسل .
قوله ( مذاء ) صيغة مبالغة من المذي يقال مذى يمذي كمضى يمضي ثلاثيا ويقال أمذى يمذي كأعطى يعطي ومذى يمذي كغطى يغطى .
[ ص 64 ] قوله ( وأنثييه ) أي خصيتيه .
قوله ( عن الماء يكون بعد الماء ) المراد به خروج المذي عقيب البول متصلا به .
قوله ( وكل فحل يمذي ) الفحل الذكر من الحيوان ويمذي بفتح الياء وضمها يقال مذى الرجل وأمذى كما تقدم .
وقد استدل بأحاديث الباب على أن الغسل لا يجب لخروج المذي قال في الفتح : وهو إجماع وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول وعلى أنه يتعين الماء في تطهيره لقوله ( كفا من ماء وحفنة من ماء ) واتفق العلماء على أن المذي نجس ولم يخالف في ذلك إلا بعض الإمامية محتجين بأن النضح لا يزيله ولو كان نجسا لوجبت الإزالة ويلزمهم القول بطهارة العذرة لأن النبي A أمر بمسح النعل منها بالأرض والصلاة فيها والمسح لا يزيلها وهو باطل بالاتفاق وقد اختلف أهل العلم في المذي إذا أصاب الثوب فقال الشافعي وإسحاق وغيرهما : لا يجزيه إلا الغسل أخذا برواية الغسل وفيه ما سلف على أن رواية الغسل إنما هي في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع فإنه لم يعارض رواية النضح المذكورة في الباب معارض فالاكتفاء به صحيح مجزء .
واستدل أيضا بما في الباب على وجوب غسل الذكر والإنثيين على المذي وإن كان محل المذي بعضا منهما وإليه ذهب الأوزاعي وبعض الحنابلة وبعض المالكية وذهبت العترة والفريقان وهو قول الجمهور إلى أن الواجب غسل المحل الذي أصابه المذي من البدن ولا يجب تعميم الذكر والإنثيين . ويؤيد ذلك ما عند الإسماعيلي في رواية بلفظ : ( توضأ واغسله ) فأعاد الضمير على المذي .
ومن العجيب أن ابن حزم مع ظاهريته ذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور وقال : إيجاب غسل كله شرع لا دليل عليه وهذا بعد أن روى حديث ( فليغسل ذكره ) وحديث ( واغسل ذكرك ) ولم يقدح في صحتهما وغاب عنه أن الذكر حقيقة لجميعه ومجازا لبعضه وكذلك الإنثيان حقيقة لجميعهما فكان اللائق بظاهريته الذهاب إلى ما ذهب إليه الأولون .
واختلف الفقهاء هل المعنى معقول أو هو حكم تعبدي وعلى الثاني تجب النية وقيل الأمر بغسل ذلك ليتقلص الذكر قاله الطحاوي