- نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة ويجب عليها قضاء الصيام .
وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة قال الحافظ : لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري وغيره ومستند الإجماع هذا الحديث الصحيح ولكن الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء قد ينازع فيه لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء والأولى الاستدلال بما عند الإسماعيلي من وجه آخر بلفظ : ( فلم نكن نقضي ) ذكر معناه في الفتح ولا تتم المنازعة في الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء إلا بعد تسليم أن القضاء يجب بدليل الأداء أو وجود دليل يدل على وجوب قضاء الصلاة دلالة تندرج تحتها الحائض والكل ممنوع .
وقد ذهب الجمهور كما قاله النووي إلى أنه لا يجب القضاء على الحائض إلا بدليل جديد . قال النووي في شرح مسلم : قال العلماء والفرق بينهما يعني الصوم والصلاة أن الصلاة كثيرة متكررة فيشق قضاؤها بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة وربما كان الحيض يوما أو يومين .
واعلم أنه لا حجة للخوارج إلا ما أسلفنا من أن عدم الأمر لا يستلزم عدم وجوب القضاء والاكتفاء بأدلة القضاء فإن أرادوا بأدلة القضاء حديث : ( من نام عن صلاته أو نسيها ) فأين هو من محل النزاع وإن أرادوا غيره فما هو وأيضا أدلة القضاء كافية في الصوم فلأي شيء أمرهن الشارع به دونها والخوارج لا يستحقون المطاولة والمقاولة لا سيما في مثل هذه [ ص 355 ] المقالة الخارقة للإجماع الساقطة عند جميع المسلمين بلا نزاع لكنه لما رفع من شأنها بعض المتأخرين لمحبة الأغراب التي جبل عليها ذكرنا طرفا من الكلام في المسألة .
وقد اختلف السلف فيمن طهرت من الحيض بعد صلاة العصر وبعد صلاة العشاء هل تصلي الصلاتين أو الأخرى .
قال المصنف C : وعن ابن عباس أنه كان يقول : ( إذا طهرت الحائض بعد العصر صلت الظهر والعصر وإذا طهرت بعد العشاء صلت المغرب والعشاء ) وعن عبد الرحمن بن عوف قال : ( إذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء ) رواهما سعيد بن منصور في سننه والأثرم وقال : قال أحمد : عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده انتهى