- قوله ( فسأل ) السائل عن ذلك أسيد بن الحضير وعباد بن بشر . وقيل إن السائل عن ذلك هو أبو الدحداح قاله الواقدي والصواب الأول كما في الصحيح .
والحديث يدل على حكمين : تحريم النكاح وجواز ما سواه .
( أما الأول ) فبإجماع المسلمين وبنص القرآن العزيز والسنة الصريحة ومستحله كافر وغير المستحل إن كان ناسيا أو جاهلا لوجود الحيض أو جاهلا لتحريمه أو مكرها فلا إثم عليه ولا كفارة وإن وطئها [ ص 349 ] عامدا عالما بالحيض والتحريم مختارا فقد ارتكب معصية كبيرة نص على كبرها الشافعي ويجب عليه التوبة وسيأتي الخلاف في وجوب الكفارة .
( وأما الثاني ) أعني جواز ما سواه فهو قسمان القسم الأول المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر أو القبلة أو المعانقة أو اللمس أو غير ذلك وذلك حلال باتفاق العلماء وقد نقل الإجماع على الجواز جماعة .
وقد حكي عن عبيدة السلماني وغيره أنه لا يباشر شيئا منها بشيء منه وهو كما قال النووي غير معروف ولا مقبول ولو صح لكان مردود بالأحاديث الصحيحة وبإجماع المسلمين قبل المخالف وبعده . القسم الثاني فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر وفيها ثلاثة وجوه لأصحاب الشافعي الأشهر منها التحريم . والثاني عدم التحريم مع الكراهة . والثالث إن كان المباشر يضبط نفسه عن الفرج إما شدة ورع أو لضعف شهوة جاز وإلا لم يجز وقد ذهب إلى الوجه الأول مالك وأبو حنيفة وهو قول أكثر العلماء منهم سعيد بن المسيب وشريح وطاوس وعطاء وسليمان بن يسار وقتادة وممن ذهب إلى الجواز عكرمة ومجاهد والشعبي والنخعي والحاكم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن الحسن وأصبغ وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وابن المنذر وداود .
وحديث الباب يدل على الجواز لتصريحه بتحليل كل شيء مما عدا النكاح فالقول بالتحريم سدا للذريعة لما كان الحوم حول الحمى مظنة للوقوع فيه لما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير مرفوعا بلفظ : ( من وقع الحمى يوشك أن يواقعه ) وله ألفاظ عندهما وعند غيرهما ويشير إلى هذا حديث ( لك ما فوق الإزار ) وحديث عائشة الآتي لما فيه من الأمر للمباشرة بأن تأتزر . وقولها في رواية لهما ( وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يملك إربه )