- قوله ( فتمعكت ) وفي رواية ( فتمرغت ) أي تقلبت .
قوله ( إنما كان يكفيك ) فيه دليل على أن الواجب في التيمم هي الصفة المذكورة في هذا الحديث .
قوله ( وضرب بكفيه ) المذكور في هذا الحديث ضربة واحدة وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك في الحديث الذي قبل هذا .
قوله ( ثم مسح بهما وجهه وكفيه ) فيه دليل لمذهب من قال إنه يقتصر في مسح اليدين على الكفين وإليه ذهب عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث هكذا في شرح مسلم .
وذهب علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله بن عمر والحسن البصري والشعبي وسالم بن عبد الله بن عمر وسفيان الثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحاب [ ص 334 ] الرأي وآخرون إلى أن الواجب المسح إلى المرفقين رواه النووي في شرح مسلم .
ورواه في البحر أيضا عن الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبي طالب والفريقين وذهب الزهري إلى أنه يجب المسح إلى الإبطين . قال الخطابي : لم يختلف أحد من العلماء في أنه لا يلزم مسح ما وراء المرفقين .
( احتج الأولون ) بحديث الباب واحتج أهل القول الثاني بحديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : ( ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ) وقد تقدم عدم انتهاضه للاحتجاج من هذا الوجه ومن غيره .
واحتجوا بالقياس على الوضوء وهو فاسد الاعتبار واحتج الزهري بما ورد في بعض روايات حديث عمار عند أبي داود بلفظ : ( إلى الآباط ) وأجاب بأنه منسوخ كما قال الشافعي واحتج أيضا بأن ذلك حد اليد لغة وأجيب بأنه قصرها الخبر وإجماع الصحابة على بعض حدها لغة .
قال الحافظ في الفتح : وما أحسن ما قال إن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه والراجح عدم رفعه فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملا وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين في السنن وفي رواية إلى نصف الذراع وفي رواية إلى الآباط .
فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره : إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعده فهو ناسخ له وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به .
ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار يفتي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي المجتهد انتهى .
فالحق مع أهل المذهب الأول حتى يقوم دليل يجب المصير إليه ولا شك أن الأحاديث المشتملة على الزيادة أولى بالقبول ( 1 ) ولكن إذا كانت صالحة [ ص 335 ] للاحتجاج بها . وليس في الباب شيء من ذلك .
قوله وفي لفظ هذه الرواية ثبت عند البخاري معناها ولفظه : ( وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه ) .
قوله ( إلى الرصغين ) هما لغة في الرسغين وهما مفصل الكفين . قال المصنف بعد أن ساق الحديث : وفيه دليل على أن الترتيب في تيمم الجنب لا يجب انتهى .
_________ .
( 1 ) قال ابن القيم : وأما ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى ثم إمرارها إلى المرفق ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى فيطبقها عليها فهذا مما يعلم قطعا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله ولا علمه أحدا من أصحابه ولا أمر به ولا استحسنه وهذا هديه إليه التحاكم وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة ولا أمر به بل أطلق وجعله قائما مقام الوضوء وهذا يقتضي أن يكون حكمه حكمه إلا فيما اقتضى الدليل خلافه . والله أعلم