- قال ابن عبد البر : أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة وما روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة وقد جمع البيهقي طرق حديث عمار فأبلغ . وقد روى الطبراني في الأوسط والكبير أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار بن ياسر ( يكفيك ضربة للوجه وضربة للكفين ) وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو ضعيف وإن كان حجة عند الشافعي .
والحديث يدل على أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين وقد ذهب إلى ذلك عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق والصادق والإمامية . قال في الفتح : ونقله ابن المنذر عن جمهور العلماء واختاره وهو قول عامة أهل الحديث .
وذهب الهادي والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب والإمام يحيى والفقهاء إلى أن الواجب ضربتان ضربة للوجه وأخرى لليدين .
وذهب ابن المسيب وابن سيرين إلى أن الواجب ثلاث ضربات ضربة للوجه وضربة للكفين وضربة للذراعين .
( احتج الأولون ) بحديث الباب وبالرواية الأخرى الآتية المتفق عليها من حديث عمار وأجابوا عن الأحاديث القاضية بالضربتين بما فيها من المقال المشهور .
( واحتج أهل القول الثاني ) بحديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : ( التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ) أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي وفي إسناده علي بن ظبيان قال الدارقطني : وثقه يحيى القطان وهشيم وغيرهما قال الحافظ : هو ضعيف ضعفه القطان وابن معين وغير واحد .
وقد روي أيضا من طريق ابن عمر مرفوعا بلفظ : ( تيممنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بها وجوهنا ثم ضربنا ضربة أخرى فمسحنا من المرافق إلى الكف ) وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك .
وروي أيضا عن ابن عمر مرفوعا من وجه آخر بلفظ حديث ابن ظبيان . قال أبو زرعة : حديث باطل .
ورواه الدارقطني والحاكم من حديث جابر وفيه عثمان بن محمد وهو متكلم فيه قاله ابن الجوزي قال الحافظ : وأخطأ في ذلك . قال ابن [ ص 333 ] دقيق العيد : لم يتكلم فيه أحد نعم روايته شاذة قال الدارقطني بعد رواية حديث جابر : كلهم ثقات والصواب موقوف .
وفي الباب عن الأسلع بن شريك رواه الطبراني والدارقطني وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف . وعن أبي أمامة رواه الطبراني قال الحافظ : وإسناده ضعيف . وعن عائشة مرفوعا رواه البزار وابن عدي وقد تفرد به الحريش بن الخريت ولا يحتج بحديثه قال أبو حاتم : حديثه منكر .
وعن عمار رواه البزار وقد عرفت أن أحاديثه الصحاح ضربة واحدة . وفي الباب أيضا عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : ( أنه صلى الله عليه وآله وسلم تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه ) رواه أبو داود بسند ضعيف لأن مداره على محمد بن ثابت وقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم والبخاري وأحمد . قال أبو داود : لم يتابع محمد بن ثابت أحد .
وبهذا يتبين لك أن أحاديث الضربتين لا تخلو جميع طرقها من مقال ولو صحت لكان الأخذ بها متعينا لما فيها من الزيادة فالحق الوقوف على ما ثبت في الصحيحين من حديث عمار من الاقتصار على ضربة واحدة حتى تصح الزيادة على ذلك المقدار .
وأما أهل القول الثالث فلم أقف لهم على ما يصلح متمسكا للوجوب بل قال الإمام يحيى : إنه لا دليل يدل على ندبية التثليث في التيمم وقوى ذلك الإمام المهدي والأمر كذلك